الأحد 20 أبريل 2014 / 01:22

ديماغوجية الممانعة وخيالها





تفكك محور "الممانعة" العربي وبقيت لغته التي احتفظت بعادة الغرف من قواميس "غوبلز" صاحب مدرسة الديماغوجيا القائمة على نظرية "اكذب حتى يصدقك الناس"، ملهمة إعلام الأنظمة الشمولية التي بقي بعضها عالقاً في راهن منطقتنا.

ثلاث استعادات لأسطورة الحرب النفسية توزعت بين بيروت وطهران ودمشق، لتطفو على سطح الدعاية الإعلامية، فاقدة الصلة بواقع ثورة المعلومات، وتطور أدوات التحليل والتفكير.

في خطاب تعبوي يطمح لإلهاء الشارع الإيراني بالأحلام الإمبراطورية العابرة للأنظمة، تبنى قائد سلاح طيران الحرس الثوري امير زادة "انتصار" نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على معارضيه، باعتباره إنجازاً إيرانياً صرفاً، دون إشارة عابرة لمشاركة المليشيات اللبنانية والعراقية في صناعة هذا النصر الافتراضي، أو مراعاة الأثر الاستفزازي لمثل هذه التصريحات .

سرعان ما تردد صدى تصريح زادة في دمشق، على لسان الرئيس بشار الأسد الذي تحدث عن "مرحلة انعطاف" لصالحه على المستويين العسكري والاجتماعي، توطئة لضمان نجاح إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية، رغم أنف دوامة الموت والدمار التي لم تتوقف منذ ثلاثة أعوام عن حصد أرواح السوريين .

حزب الله اللبناني لم يفوت فرصة التقاط طرف الخيط والغزل بذات النول، حين قدم أمينه العام نعيم قاسم النصح للمعارضة السورية بقبول فرضية إعادة انتخاب الرئيس الأسد، على اعتبار أن المعارضة السورية مهيأة للقبول بنصائح الحزب الذي يقاتل مشروعها، فوق أرضها .

تتجاهل الاستعادات الثلاث لنظرية غوبلز، الذي عرف بعدائه ورعبه الشديدين من الثقافة والمثقفين، حقائق وتعقيدات يصعب تفويتها على رجل الشارع، سواء كان في طهران أو دمشق أو بيروت .

فلم تنه الأطراف الدولية والإقليمية حربها في سوريا، التي قد تستمر لسنوات حسب التقديرات المحايدة، وإعادة انتخاب الرئيس الأسد لا تعني استقرار الأوضاع في البلاد، لا سيما أن موقع الرئيس، لم يعد يمتلك صفة تمثيلية شاملة، مع خروج مناطق من تحت سيطرته، ونتيجة لحالة الفوضى التي تمر بها البلاد، تنتظر الشكوك نتائج الانتخابات المرجح أن لا تزيد نسبة المشاركة فيها عن الـ 20 % من الذين يحق لهم الاقتراع .
والتقدم الذي حققه الجيش النظامي، مدعوماً بالمليشيات الطائفية، القادمة من إيران والعراق ولبنان، يبدو وهمياً إلى حد كبير مع حصول قوات المعارضة على أسلحة جديدة، ووصولها إلى شواطئ اللاذقية، وتململ الدروز في جبل العرب .

لا يخرج عن هذه السياقات، سراب التحولات الدولية الذي تحاول بقايا محور الممانعة التشبث بأهدابه، ففي الأفق تبقى هناك هوامش للقاء الروسي ـ الأمريكي، حول الأزمة الأوكرانية، وغيرها من الأزمات .

سلسلة الاستعادات التي استحضرت ذهنية غوبلز، لم تأت نتيجة خيال بقايا محور الممانعة، بقدر ما هي استعارة من تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في وقت سابق، لتحميل إيران وحزب الله مسؤولية بقاء الأسد في السلطة، وهنا تكمن المفارقة .