المرزوقي يرفض ضمنياً هزيمته ويهدد بالالتفاف على إرادة الناخبين في تونس(أرشيف)
المرزوقي يرفض ضمنياً هزيمته ويهدد بالالتفاف على إرادة الناخبين في تونس(أرشيف)
الإثنين 24 نوفمبر 2014 / 01:59

تونس: المرزوقي يهدد الناخبين ويمهد لانقلاب رئاسي

24- سليم ضيف الله

لم يستمر الغموض طويلاً، وفي انتظار النتائج الرسمية، كشفت دراسات واستطلاعات الرأي، أن النهضة بعد خسارتها الانتخابات البرلمانية، في طريقها لخسارة الانتخابات الرئاسية التي حرصت على السيطرة عليها بشكل غير مباشر، بدعم ترشح الرئيس المؤقت المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، في انتخابات الأحد.

وفي الوقت الذي اتفقت فيه كل النتائج المؤقتة وكل الدراسات واستطلاعات الرأي، على أن السبسي يتقدم على منافسه بفارق كبير أحياناً، بلغ حسب بعض الدراسات إلى 20 نقطة مائوية، أخذت عجلة النهضة تدور بأقصى سرعتها للتشكيك في المسار الانتخابي، بعد خروج حملة المرزوقي الانتخابية بالتأكيد على أن الفارق بين المرشحين لصالح المرزوقي بين 3 و 4%.

تزييف
ويأتي هذا الإعلان المفاجئ الصادر لحملة المرزوقي انتصار مرشحها، في الوقت الذي كان فيه أحد أقرب مساعديه والقياديين في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، حزب المرزوقي سابقاً، وداعمه الرسمي في الحملة الانتخابية، طارق الكحلاوي، يتحدث عن النتائج المؤقتة في حوار تلفزيوني في ذات التوقيت:" إن المعطيات المتوفرة لدينا، تُشير إلى نفس الأرقام وتطابق النتائج المؤقتة بشكل كبير".

ولكن وفي الوقت الذي كانت فيه النتائج الموقتة وحتى شهادات بعض القياديين في حزب المرزوقي وبعض المقربين من حركة يتحدثون عن فوز وتقدم السبسي، طلع المتحدث باسم الحملة الانتخابية للمرزوقي الذي طالب في مداخلة تلفزيونية :" مراقبي حملة المرزوقي يدعوهم بعدم مغادرة اماكنهم خوفا من التزييف وتغيير النتائج النهائية". ما يعني أن المرزوقي وحملته مستعدة لتسميم الأجواء الانتخابية، وربما الوصول إلى نسف المسار برمته، مع ما يشكله ذلك من تهديد خطير للسلم والاستقرار الهش في تونس.

عجلة النهضة تدور
إن هذا التطور يثير في التونسيين مخاوف حقيقية من المناورة التي يسعى إليها المرزوقي، ومن ورائه حركة النهضة، بعد فشلهما في إنقاذ ولو جزءٍ بسيط من همينتهما على المشهد السياسي التونسي، فبعد تهديده غير المباشر وهو الذي انتهت ولايته مع الانتخابات البرلمانية، بالتسبب في أزمة دستورية، بإصراره على "البدء في المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، بقيادة الباجي قائد السبسي، أو غيره من القيادات السياسية".

رغم أن موقف المرزوقي لا يمكن اعتباره مفاجأة من العيار الثقيل، إلا أنها في سياق الخط العام الذي سار عليه مرشح الإسلام السياسي الرسمي ممثلاً في النهضة، والجهادي ممثلاً في الحركات المتطرفة، التي أعلن المرزوقي "تقديره العميق لها" وبادلته التقدير بالتأييد والدعم العلني والسري، إلاّ أنه يثير مخاوف من محاولة الالتفاف على الإرادة الشعبية التي تسعى إلى إغلاق القوس الذي فتحته تونس في 17 ديسمبر(كانون الأول)2010، في بداية الأحداث، وانهيار نظام بن علي في 14 يناير(كانون الثاني) 2011، والذي تلقفته الدعاية الإخوانية والتبشير بـ"الربيع العربي"، في محاولة للسطو على السلطة في تونس، قبل القفز إلى المربعات الأخرى، القريبة مثل ليبيا أو الجزائر، والأبعد مثل مصر وسوريا واليمن وغيرها.

تهديد
لكن بعد ثلاث سنوات من الكساد السياسي، الذي تسبب في الانحراف، والتراجع الذي أطبق على رقبة الشعب التونسي طيلة هيمنة الإخوان ممثلين في النهضة في تونس، ولكن في الوقت الذي استعاد فيه التونسيون رباطة جأشهم، والكثير من الصفاء الذهني والقدرة على الحكم والتمييز، بدأت المؤشرات والإشارات الصادرة عن الجهات المتضررة، من نهاية "الكابوس العربي" كما بدأ من تونس، في انتظار عودة الوعي لشعوب كثيرة في المنطقة خبرت بدورها وبدرجات متفاوتة وطأته.

إن تصريحات المرزوقي والمعسكر الإخواني والمتطرف الذي وقف وراءه في الدور الأول من الانتخابات، أكبر تهديد، للمسار الجديد الذي عرفته تونس منذ الانتصار التاريخي للديموقراطية الحقيقية فيها بمناسبة انتخابات 26 أكتوبر(تشرين الأول) 2014، ولكنها أيضاً قد تتحول إلى ما أخطر من ذلك، خاصة في ظل الشبكة الواسعة التي تستند إليها الحركة ممثلة في التنظيم العالمي من جهة، والحركات الإخوانية في الأقطار المجاورة، وفي الخزان الاستراتيجي الطبيعي الذي تلجأ إليه الحركات الإخوانية في المنطقة العربية، المتطرفون والجهاديون بمختلف أنواعهم وأصنافهم.