السبت 31 يناير 2015 / 23:38

واشنطن بوست: استرداد كوباني نصر صغير لا يستحق الإشادة

24. فاطمة غنيم

رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في افتتاحيتها أن النصر المتواضع الذي يحتفل به المسئولون الأمريكيون في الحرب ضد تنظيم داعش- وهو النجاح في الدفاع عن مدينة كوباني الكردية الواقعة على الحدود السورية مع تركيا- لا داعي له.

ولفتت الصحيفة النظر إلى أن مدينة كوباني، الواقعة تحت الحصار منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) لا تحظى بأهمية إستراتيجية كبرى ولكنها غدت اختباراً لقدرة الولايات المتحدة وحلفائها على وقف توسع داعش والجرائم الإنسانية التي تصاحب ذلك.

وأوضحت الافتتاحية أن المتطرفين خرجوا من المدينة بمساعدة القوات الكردية البرية، لكن أهم الحقائق المتعلقة بكوباني هي أنها جذبت نحو 75% من الضربات الجوية التي تنفذها طائرات القوات المتحالفة في جميع أنحاء سورية منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

افتقار الولايات المتحدة لاستراتيجية عسكرية إزاء سوريا

ورأت افتتاحية الصحيفة أن هذا القدر من الهجمات يعكس عدم وجود إستراتيجية عسكرية أمريكية تجاه سورية بعيداً عن منع سقوط مدينة حدودية صغيرة جذبت انتباه وسائل الإعلام الدولية.

وبحسب الافتتاحية، فإن تنظيم داعش بات أكثر قوة في الأراضي السورية التي يسيطر عليها، ومنها عاصمته في الرقة، حيث يواجه ضغوطات محدودة من الضربات الجوية الغربية.

ونوّهت افتتاحية الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس باراك أوباما ما برح يتحدث عن دعم قوة من الثوار السوريين تكون قادرة على محاربة تنظيم داعش، مستدركةً بقولها أن المبادرة تعاني من نقص هائل في الموارد وتتحرك بخطى بطيئة.

كما أن برنامج "السي آي إيه" الخاص بمساعدة الجماعات المتمردة ما زال يواجه عدداً من القيود، الأمر الذي حدا بالعديد من المقاتلين إلى الانضمام إلى جماعات سُنيّة أكثر تشدداً، ومنها "القاعدة" و"داعش".

ورأت الافتتاحية أن هذا المسلك البائس قائم على مجموعة من المفاهيم الخاطئة: فقد أقنع أوباما نفسه أن إنشاء قوة سوريا تستطيع هزيمة نظام بشار الأسد هو أمر غير ممكن أو غير مستساغ؛ وأن البديل الوحيد لسياسته هو غزو أمريكي على غرار غزو العراق؛ وأنه من الممكن هزيمة داعش بطريقة ما في العراق دون المساس بمعقلها في سوريا.

كما رأى كبار مسؤولي الإدارة أن بوسع روسيا وإيران التوسط لإنهاء الحرب السورية، مع الإبقاء على نظام الأسد لفترة مؤقتة. وناهيك عن المعضلة الأخلاقية التي ستنجم عن قبول استمرار النظام الذي قتل عشرات الآلاف من المدنيين باستخدام الأسلحة الكيميائية والقنابل المتفجرة والجوع، فإن هذه الفكرة ليس سوى وهم كبير، برأي الصحيفة.

وأوضحت الافتتاحية أن الرئيس الأسد أكد منذ فترة طويلة أنه لن يتفاوض مع قوات الثوار العلمانيين، التي لن تشارك على أي حال في محادثات السلام التي ترعاها روسيا. ويبدو أن الإدارة تعتقد أن تعاون إيران في سوريا ينبع من أملها في إبرام اتفاق بشأن برنامجها النووي، وأنه لا يجب اتخاذ أي إجراء في سوريا من شأنه أن يثير حفيظة طهران قبل عقد هذا الاتفاق. ولكن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي رفض بشدة التعاون مع الولايات المتحدة بشأن قضايا الأمن الإقليمي. كما أن الحلفاء الأمريكيين التقليديين، بما في ذلك إسرائيل والسعودية، لن يقبلوا قيام نظام سوري جديد ترعاه إيران.

ورأت الصحيفة أن رد الفعل السلبي للرئيس الأمريكي بارك أوباما والآمال الزائفة التي يروج لها تسهم في تزايد تدهور الأوضاع الإنسانية والاستراتيجية في سوريا، وتأجيل تفعيل الخطوات اللازمة للتوصل إلى نتيجة مقبولة، ومنها العمل العسكري لإضعاف نظام الأسد والعمل على إنشاء جيش سوري جديد وحكومة جديدة.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "على الرغم من أن استرداد كوباني يعد نتيجةً مرحب بها، إلا أنها لن تخفف من وطأة الكارثة الآخذة في التصاعد".