السبت 28 مارس 2015 / 23:18

يسرا والإخوان



قد تكون حالة الارتباك التي يمر بها "الإخوان المسلمين" وإفرازاتهم وواجهاتهم السياسية تفسيراً لإلقاء حجارتهم على غير هدى، علّها تصيب هدفاً هنا أو هناك وربما لدى الجماعة وهم إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد.

استنكار واجهة الإخوان السياسية في الأردن "حزب جبهة العمل الإسلامي" دعوة أحد المراكز الثقافية التابعة لأمانة عمان الفنانة يسرا للمشاركة في احتفالات عيد الأم يعبر بشكل أو بآخر عن هذه الحالة.

للوهلة الأولى ظهر البيان الذي أصدره الحزب وطالب فيه بمحاسبة الأمانة لارتكابها "مهزلة بحق الأردنيات اللواتي قدمن أبناءهن شهداء" محاولة لركوب موجة انتقادات ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي بناء على اعتقاد خاطئ بان مركز زها الثقافي قام بتكريم الفنانة يسرا وتجاهل والدة الشهيد الطيار معاذ الكساسبة.

لكن البيان لم يخل من المزايدة على الموجة التي هدأت بعد توضيح المركز بأن "يسرا" سفيرة نوايا حسنة اقتصر وجودها على المشاركة في تكريم الأمهات الأردنيات.

موقف الحزب كما جاء في بيانه تجاوز الاحتجاج على تكريم الفنانة بانتقاده توجيه الدعوة لها ورفضه مجرد رؤيتها في فعالية التكريم.

ركوب حزب الجبهة موجة الغيرة على شهداء الأردن لا يخلو من مراهنة خاسرة على ضعف الذاكرة الشعبية، فلم يغب عن الشارع الأردني تهرب الجماعة وحزبها من إدانة إحراق "داعش" للشهيد الكساسبة حياً، وتعميم مشاهد الحرق على وسائل الإعلام.

والانفعالية المفتعلة التي أظهرها بيان الرد على مشاركة "يسرا" في الفعالية والمطالبة بمحاسبة الأمانة وأمينها تكشف عن ما هو أبعد من الغيرة على مكانة الأمهات الأردنيات وحقهن في التكريم.

فقد وضع البعض البيان في سياق محاولات التغطية على الأزمات الداخلية التي تمر بها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مع إصرار أحد تياراتها على تصويب وضعها القانوني.

وفي اختصار يسرا بأنها "إحدى الممثلات المصريات" دون عناء ذكر اسمها محاولة للتقليل من حضورها بين جمهور ممتد ونجومية استحقتها بمساهماتها في إغناء الفن السابع.

النبرة المستخدمة في بيان الحزب تكشف عن جوانب أخرى في تفكيره لم تغب عن المعنيين بمسيرة الفنانة ومن بينها الرغبة في اقتناص فرصة تصفية حسابات قديمة لـ "الجماعة الأم" مع شريكة النجم عادل إمام في أفلام "طيور الظلام" و"الإرهاب والكباب" التي لم تخل في حينها من نقد للظواهر الأصولية ونبوءة الربط بين تفكير وممارسة الإخوان المسلمين وتفريخات تنظيمات السلفية الجهادية التي أخذت منحى أكثر تطرفاً بظهور "داعش" و"القاعدة" من قبله.

الاستنكار الذي جاء في الوقت الضائع بعد هدوء موجة الانتقادات "الفيسبوكية" يظهر عمق الأزمة الداخلية التي تمر بها الجماعة وتداعيات عزلتها الإقليمية ونقمتها المتراكمة على الإبداع والمبدعين وحاجتها لمبررات الاحتفاظ بجمهورها في ظل مظاهر غياب ثقة الشارع وتآكل الشعبية والعزلة التي حالت دون التفاعل مع بيانها.