الجمعة 6 مايو 2016 / 18:53

تقرير أممي: إسرائيل احتجزت 70 جثة لشهداء فلسطينيين منذ أكتوبر الماضي

24 ـ القاهرة ـ أكرم علي

التقت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة، بمجموعة من منظمات المجتمع المدني وممثلي الأمم المتحدة ومسؤولين فلسطينيين خلال زيارتها السنوية لعمان من أجل تقصي الحقائق في الفترة ما بين 2-5 مايو (آيار) الجاري.

وقال تقرير لمكتب الأمم المتحدة للإعلام اليوم تلقى 24 نسخة منه، إنه تم خلال الزيارة تقديم عروض حول مجموعة كبيرة من القضايا التي تؤثر على الشعبين الفلسطيني والسوري في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وقدم عدد كبير من منظمات المجتمع المدني عروضاً حول تصعيد أعمال العنف الذي بدأ في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وأُحيطت اللجنة علماً بأنه خلال هذا التصعيد استشهد عدد من الفلسطينيين أثناء اعتداءات على مدنيين إسرائيليين أو أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية أو بعد تلك الاعتداءات، وأظهرت شهادات قُدمت إلى اللجنة الخاصة على هيئة أشرطة فيديو وبيانات شفوية ومكتوبة أن قوات الأمن الإسرائيلية استخدمت القوة المفرطة في كثير من الحالات، وهو ما أدى في بعض هذه الحالات إلى عمليات إعدام محتملة خارج نطاق القضاء.

وأشار التقرير إلى قلق تم الإعراب عنه للجنة من عدم وجود تحقيق منهجي في حالات واضحة تم فيها استخدام مفرط للقوة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، وقد تم التأكيد على أهمية إجراء تحقيق كامل في جميع الحوادث التي يُزعم فيها قيام قوات الأمن بالتسبب في الوفاة أو الإصابة، وتأكيد أهمية محاسبة المسؤولين عن تلك الحوادث.

ومن منطلق هذه الخلفية، ومع عدم إحراز تقدم بشأن المساءلة فيما يتعلق بالتصعيد الذي حدث في غزة عام 2014، تم الإعراب عن المخاوف بشأن ما وُصف بأنها "منظومة منقوصة للعدالة" في إسرائيل، والمعضلة التي تواجهها بعض المنظمات غير الحكومية حول ما إذا كان بوسعها اللجوء إلى النظام القضائي الإسرائيلي القائم، مدنياً كان أو عسكرياً، من أجل تحقيق العدالة، وتم أيضا الإعراب عن المخاوف من أن الفصل بين السلطتين القضائية والتنفيذية يتلاشى بشكل متزايد، وهو ما يتسبب في احتمال التأثير على استقلال القضاء وقرارات المحاكم في إسرائيل.

وشاهدت اللجنة بقلق شديد شريط فيديو تظهر فيه قوات أمن إسرائيلية وهي تمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى جرحى فلسطينيين في الضفة الغربية، وكانت في بعض الأحيان تهاجم الطواقم الطبية الفلسطينية التي تصل إلى مكان الحادث لتقديم الإسعافات الأولية، وهو ما يمثل في المقام الأول مخالفة للقانون الدولي العرفي والمبادئ الأساسية لاتفاقيات جنيف لعام 1949.

وأعربت اللجنة عن قلقها أيضاً بعد أن علمت بأن حوالي 70 جثة لشهداء فلسطينيين قُتلوا منذ أكتوبر(تشرين الأول) 2015، ضمن هجمات مزعومة على مدنيين إسرائيليين أو قوات أمن إسرائيلية، ظلت محتجزة لدى إسرائيل لعدة أسابيع وأشهر، مانعة بذلك عائلاتهم من توديعهم بالشكل اللائق والكريم. وحتى يومنا هذا، رغم إعادة العديد من الجثث إلى أسرهم، يُقال إن جثث 18 قتيلاً فلسطينياً ما زالت محتجزة لدى اسرائيل. وتم تقديم تأكيدات بأن السلطات الإسرائيلية قد حظرت تشريح الجثث، وأن الجثث كان يتم تكديسها فوق بعضها البعض في ظروف سيئة وغير إنسانية. واستُرعي انتباه اللجنة إلى أن الجثث في كثير من الأحيان عادت مشوهة إلى الأسر، وكان في بعض الأحيان يصعُب التعرف عليها، وهو ما يحرم هذه الأسر من حقها في الممارسة الكريمة لطقوس الوداع الدينية.

وكذلك أحيطت اللجنة علماً بما يواجهه المدافعون عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل من تهديد ووعيد. فوفقاً للتأكيدات، اتخذت أفعال الترهيب والتهديد هذه أشكالا مختلفة، تشمل فرض القيود على حرية الحركة والحرمان منها، وتوجيه التهديدات عبر المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني، وفي أقصى الحالات توجيه تهديدات بالقتل. لذا ينبغي اتخاذ خطوات من أجل توفير الحماية اللازمة للمدافعين عن حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة حتى يباشروا عملهم بحرية ودون خوف من الاعتداءات والمضايقات. وفي هذا الصدد، تم التشديد على ضرورة إجراء تحقيق كامل في الاعتداءات والتهديدات التي التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان، ومحاسبة المسؤولين عنها.
ووفقا للشهادات التي تلقتها اللجنة الخاصة، تفرض السلطات الإسرائيلية بيئة قسرية كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز السيطرة على المنطقة (ج) في الضفة الغربية. وقد تم الإعراب للجنة عن مخاوف من أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون وهدم المنازل والمنشآت الفلسطينية. وتم اعتبار عمليات التدمير لمبان ممولة من جهات مانحة في المنطقة (ج) بأنها تدابير انتقامية من جانب إسرائيل للثأر من الخطوات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد بيع منتجات المستوطنات الإسرائيلية. واستمع أعضاء اللجنة أيضا إلى شهادة من ممثل لمجتمع بدوي يواجه خطر الترحيل القسري.

كذلك استمعت اللجنة إلى بيان عن التأثير السلبي للاحتلال على تعليم الأطفال في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وذلك ضمن أمور أخرى، نتيجة للغارات المتكررة التي تشنها قوات الأمن الإسرائيلية داخل حرم المدارس خلال ساعات الدراسة، واعتقال واحتجاز معلمين وطلاب، والتواجد المخيف للجنود على طرق المناطق المجاورة والقريبة من المدارس وعند نقاط التفتيش المتعددة على طول الطرق المؤدية إليها.

وبحسب التقرير، اطلعت اللجنة على استغلال الموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والغاز، من الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل من قبل شركات إسرائيلية ودولية، وذلك على حساب حقوق الفلسطينيين والسوريين.

ولاحظت اللجنة الخاصة عدداً من التدابير، مثل تمديد مساحة المدخل البحري في غزة إلى تسعة أميال بحرية، والزيادة الطفيفة التي طرأت على حركة الأشخاص والبضائع، والتي من الممكن أن يكون لها بعض الأثر الإيجابي على الحياة اليومية للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة. والتطور الآخر الذي أشارت إليه منظمات المجتمع المدني هو الإخفاق في تنفيذ مشروع قانون التغذية القسرية المثير للجدل والذي أقره الكنيست في العام الماضي وذلك بفضل رفض تعاون أطباء إسرائيليين والجمعية الطبية الإسرائيلية. وقد تم التشديد على أنه بالرغم من هذه التحسينات الطفيفة إلا أن حالة حقوق الإنسان العامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل آخذة في التدهور.