الثلاثاء 30 أغسطس 2016 / 11:02

تجارة الدين.. دغدغ واشفط!

هيلة المشوح - عكاظ

لا يختلف اثنان على انتشار تجار الدين في مشارق الأرض ومغاربها وفي أي ديانة، تزداد حسب انتشار الجهل وتنقص كلما زاد الوعي ولكن يهمنا أن نتحدث عنها في هذه البقعة المباركة وهي أرضنا ووطننا العزيز الذي خصه الله بالقدسية ونزول كتابه وهبوط الوحي.
نعم؛ تجارة الدين تجارة سائدة لدينا وبأشكال متعددة وهي تجارة تعتمد على إشعال العاطفة الدينية لدى الزبون.. فقط!

ما أسهلها من تجارة وما أكثر أرباحها «المادية» فتخيل مثلاً أنك في هذا الوقت تحديداً تسوق للأضاحي وإشباع ملايين الجوعى من المسلمين في بلاد الله «الواسعة» ولست ملزماً بذكر اسم هذه البلاد، كم ستجمع من الملايين مقابل أعداد مجتمع يلهث خلف أعمال الخير حين دغدغت عاطفته بجملة «سارع للخير» أو «يا باغي الخير أقبل» وإن تكلفت كثيراً قمت بعرض صورة طفل أفريقي هزيل وصورة أخرى لقطعة لحم تمد له، أما مصداقية هذا العمل من عدمها فأنت وذمتك..

والذمة شيء لا يعلمه إلا الله الذي قال سبحانه «وتحبون المال حباً جما»
فالإنسان جُبل على حب المال وجمعه!

حسناً؛ إليكم أحد أشكال تجارة الدين وهي البصقة؛ نعم البصقة -أعزكم الله- فكم إنسان شفي أو توهم الشفاء من بصقة دجال دفع مقابلها «شيء وشويات» ليحظى بها صافية شافية معافية!

أما تجارة الجن فحدث ولا حرج وهو في ظني أثمن تجارة وأغلاها على الإطلاق وربما ينافس دخلها ما تجنيه كيم كرديشيان مقابل عرض بعض أعضاء جسدها في مجلة البلاي بوي، فإخراج الجني عملية صعبة جداً حين تقارنه بعملية ولادة تكلف ١٠ آلاف ريال مثلاً فالجنين مصيره الخروج ولكن الجني قد يستعصي خروجه ويبقى سنوات يعيث في جسد البني آدم عبثاً وعناداً..

وشتان!
يحضرني هنا حديث أشهر شيخ في إخراج الجن وأكثر من تعامل مع عتاة «الجنانوة» حين صرح ذات مساء وهو مسترخٍ ومروق بأن ذلك مجرد خرافة والجن لا يتلبس الإنس وكل ذلك عائد لاضطرابات نفسية، وطوى الصفحة ونام آمناً مطمئناً ثريا..
ويا عيني!

لفتتني صورة متداولة «لتويجر» دين في بلد عربي يعرض خدماته النادرة وهي الجلوس مع المحتضر وتلقينه الشهادة وبعض الأدعية ليموت موتة معتبرة وبفلوس وموتة عن موتة تفرق!

وهذا نزر بسيط من أشكال التجارة بدين الله وحصرها مستحيل فكل يوم يخرج لنا نوع جديد وبزنس جديد ومفاجأة صادمة تجعلنا نترحم على تجارة الكاسيت والمطويات الصحوية التي يحاول البعض اجترارها -أي الصحوة- ببعض الأنشطة كالمخيمات في بلاد الخضرة والأنهار مع مراهقين قابلين للتدجين ومستعدين للدفع السخي والحسابة بتحسب.

سؤالي..
متى يعي مجتمعنا أن هناك من اتخذ شعاراً بالحياة كي يعيش حياة مرفهة ألا وهو «دغدغ واشفط» ولنا في الصحوة وتجارها من ساكني القصور وسواح البحيرات والأنهار الباردة واليخوت خير مثال!

الانعتاق من الخرافة يستلزم الوعي، والوعي مقرون بانكشاف الحقائق وها قد انكشفت، فلم لا تزال سوق الدجل رائجة يا ترى؟