الرئيس الأمريكي باراك أوباما(أرشيف)
الرئيس الأمريكي باراك أوباما(أرشيف)
السبت 24 سبتمبر 2016 / 15:52

تقرير: فشل الهدنة السورية سيترك لخليفة أوباما "مشكلة من الجحيم"

قال مسؤولون وخبراء أمريكيون، إن الولايات المتحدة أصبحت على هامش الحرب السورية، أمس الجمعة، إذ أنذر هجوم شامل للقوات السورية والروسية على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب، بإطلاق موجة جديدة من اللاجئين، والدفع بمقاتلي المعارضة المدعومين من واشنطن إلى صفوف الجماعة، التي كانت يوماً جناح تنظيم القاعدة في سوريا.

ومع مشاركة موسكو المباشرة في الهجوم، يتلاشى الأمل في جهود السلام الأمريكية الروسية، مما يزيد احتمالات أن يرث خليفة الرئيس الأمريكي باراك أوباما صراعاً متفاقماً.

وخلفت الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها السادس نحو 250 ألف قتيل، وتسببت في نزوح أكثر من 11 مليوناً، وقدمت لتنظيم داعش قاعدة يشن منها هجمات ويشجع على شن هجمات في الغرب.

مشكلة الفترة الأولى
وقال مستشار أوباما السابق لشؤون سوريا ويعمل الآن في المجلس الأطلسي للأبحاث، فريدريك هوف: "بالنسبة للرئيس المقبل، ستكون هذه مشكلة من الجحيم منذ اليوم الأول، إنها مشكلة ستظل قائمة بشكل أو بآخر خلال الفترة الأولى للرئيس المقبل، وربما بعد ذلك".

وأشار مسؤول أمريكي إلى أن خطط البيت الأبيض لكبح الفوضى في سوريا، أثناء ترك أوباما للرئاسة، فشلت.

وأضاف: "كانوا يأملون أن يتمكنوا من تجنيب الرئيس المقبل فوضى متأججة... لكن ما حدث هو أن الفوضى المتأججة انفجرت ويتعين عليهم الآن التفكير فيما سيفعلونه".

وقال مسؤولون أمريكيون، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إن روسيا اشتركت مباشرة مع القوات الحكومية السورية بطائرات ومدفعية بعيدة المدى، ومستشارين من القوات الخاصة، سعياً للسيطرة على شرق حلب أكبر معقل حضري للمعارضة المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة.

وأضافوا أن مقاتلين شيعة من لبنان والعراق وأفغانستان شاركوا في الهجوم، على المنطقة التي يعاني فيها ما يقدر بنحو 250 ألف شخص أعنف ضربات جوية منذ بدء الحرب.

40 طلعة يومياً
وقال مسؤول أمريكي: "يشارك الروس بقوة في الهجوم الحالي بحلب... يبدو أنها محاولة مباح فيها كل شيء بهدف سحق المعارضة".

وذكر المسؤولون أن الطيران الروسي يشن الطلعات بنفس الوتيرة - نحو 40 طلعة يومياً - مثلما كان الحال قبل أن تتفاوض واشنطن وموسكو بشأن وقف لإطلاق النار لم ينجح بين الحكومة السورية وقوى المعارضة، في فبراير(شباط).

ويرى بعض مسؤولي المخابرات الأمريكية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستغل رفض أوباما التدخل عسكرياً في سوريا والفترة الانتقالية من رئيس لرئيس في الولايات المتحدة، حتى يسيطر على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي، قبل أن يتسلم الرئيس الأمريكي الجديد المنصب.

ويقولون إن روسيا لم تشارك بإخلاص في جهود صنع السلام، وإن بوتين يهدف لإضعاف المعارضة في أسرع وقت ممكن، وهو هدف ينجح تدريجياً في تحقيقه.

وأعلنت دمشق عن الهجوم يوم الخميس، مع فشل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في إنقاذ وقف إطلاق النار الذي انهار يوم الإثنين. وكان من المفترض أن يقود وقف إطلاق النار إلى تعاون أمريكي روسي في الضربات الجوية ضد داعش وجبهة النصرة، التي كانت جناح تنظيم القاعدة في سوريا قبل أن تنفصل عنه وتغير اسمها.

خيارات أوباما
لم يتضح بعد الطريق الذي سيسلكه أوباما. ويقول هوف: "يبدو أنه لا توجد خطة بديلة في الوقت الحالي".

وسعى أوباما لتقييد التدخل الأمريكي في سوريا، ورفض مراراً اقتراحات مستشارين، من بينها إقامة منطقة حظر جوي، أو تسليح المعارضة المعتدلة التي تحارب للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

وقال مسؤول كبير سابق ذو صلة بالسياسة الأمريكية المتعلقة بسوريا: "أحد الأمور التي تؤرقني بشدة هي أننا لم نسأل أنفسنا ما هي عواقب عدم التحرك... لطالما ركزنا على عواقب التحرك... لكن كان يجب أن نفكر أيضاً في تأثير عدم فعل شيء لسنوات على مصداقية الولايات المتحدة والصراع على نطاق أوسع".

وقصر أوباما الدور الأمريكي على دعم جماعات تحارب داعش في شمال شرق سوريا، وإجراء محادثات مع روسيا التي تدخلت كداعم للأسد في سبتمبر(أيلول) 2015، وذلك في سبيل اتفاق سلام بين دمشق ومقاتلي المعارضة المعتدلة المدعومين من واشنطن.

وقال خبراء إن أوباما لم يعد بإمكانه التعويل على التوصل لوقف إطلاق نار يخفي الأزمة لحين أداء خليفته اليمين الدستورية في العشرين من يناير(كانون الثاني).

أزمة إنسانية قوية

وعبر تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط للأبحاث عن شكه في أن يتبع أوباما سياسة أكثر نشاطاً. وقال: "في ضوء موقف إدارة أوباما فيما يتعلق بالطريقة التي تواجه بها الحرب في سوريا، لا أتوقع تغييراً في الاستراتيجية. سيكون ذلك أكبر تغيير غير معتاد في السياسة الخارجية في السنوات الثماني الأخيرة".

وقال مسؤولون وخبراء إن أوباما يواجه احتمال حدوث أزمة إنسانية قوية، فسقوط حلب قد يطلق موجة جديدة من المهاجرين الفارين إلى أوروبا، التي تجد صعوبة بالغة في إيواء أكثر من مليون لاجئ منذ العام الماضي.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن استياء مقاتلي المعارضة المدعومين من الولايات المتحدة مما يعتبرونه تخلياً أمريكياً عن حلب، قد يدفعهم للانضمام إلى الجماعة التي كانت يوماً جناح القاعدة في سوريا. ويقول مسؤولون أمريكيون وخبراء إن هذه الجماعة تعتبر على نطاق واسع أقوى جماعات المعارضة تأثيراً، وترفض بشدة التوصل إلى تسوية مع الأسد عبر التفاوض.

وقال ليستر، الذي يجري اتصالات مع مقاتلين من المعارضة داخل سوريا، إن زعماء المعارضة يشعرون بخذلان متزايد بسبب الجهود الأمريكية للتفاوض بشأن حل دبلوماسي مع أكبر داعم عسكري للأسد.

وأضاف: "الأمور تتدهور بسرعة شديدة الآن. الولايات المتحدة تفقد السطوة على الأرض كل أسبوع".