الجمعة 30 سبتمبر 2016 / 15:11

صعود "الهلال الشيعي" مع انحسار داعش

24- زياد الأشقر

إلى المخاوف من داعش، يمكن للمنطقة أن تواجه تحدياً أخطر يتمثل في إنشاء حلفاء إيران ممراً برياً من طهران إلى بيروت، في ما عرف سابقاً باسم "الهلال الشيعي".

قوة إيران تمددت أكثر من أي وقت مضى بمعنى القوة العسكرية المباشرة. لم نرَ أبداً ميليشيات شيعية عدة تعمل في مناطق مختلفة وتقاتل في معاقل سنية تقليدية

وكتب ياروسلاف تروفيموف في صحيفة ووستريت جورنال أن ميليشيات موالية لإيران مثل حزب الله في لبنان ومنظمتي بدر وعصائب أهل الحق في العراق هي التي تملأ الفراغ مكان داعش الذي يخسر أراضي في سوريا والعراق. وهذه الميليشيات هي أكثر تسليحاً وتدريباً من التنظيم الجهادي، وهي معادية للسعودية، وتتحدث علناً عن تفكيك المملكة. وتصاعد هذا الخطاب منذ قطع العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ميليشيات شيعية
ويرى الكثيرون من المسؤولين الغربيين أن هذه الميليشيات الشيعية، التي تمتنع الآن عن مهاجمة أهداف غربية، هي بديل مفضل من حكم داعش الدموي، وبعض هذه المجموعات التي تعمل في العراق تنسق بشكل غير مباشر مع سلاح الجو الأمريكي. لكن هذه النظرة ليست هي السائدة في الرياض وعواصم خليجية أخرى.

وهم
ويقول الصحافي إن الاساءات التي إرتكبتها هذه الميليشيات الوكيلة لإيران في المناطق السنية مماثلة لتلك التي ارتكبها داعش. ويقول رئيس جهاز المخابرات العامة السعودية السابق الأمير تركي الفيصل في مقابلة: "إنها تتساوى في التهديد وهي تتغذى من بعضها البعض، وتتساوى في الشر والغدر والتدمير". ويضيف إن الغرب يسيء فهم نيات إيران بشكل أساسي في المنطقة و"من قبيل التمنيات أنه إذا ما عانقناهم فإنهم سيرقصون التانغو معنا. هذا وهم".

"هلال شيعي"
وليست المخاوف من "هلال شيعي" يخدم النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط بالأمر الجديد في الشرق الأوسط. وكان العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين أول من أطلق هذا التحذير عقب الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 بعدما أسفر هذا الغزو عن هيمنة المؤيدين لإيران على السلطة في بغداد.

وفي الأعوام التالية، كان الوجود العسكري الأمريكي الضخم في العراق والتمرد السني عليه، عامل ضبط للقوة الإيرانية. وبعد الإنسحاب الأمريكي وترويض التمرد بدأ عهد جديد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وفي عام 2011 أشعلت إضطرابات الربيع العربي الحرب الأهلية السنية.

ويلفت تروفيموف إلى أن الصعود الدراماتيكي لداعش وسيطرته على مساحة من الأراضي تعادل مساحة بريطانيا قطع أي تواصل بري بين أطراف "الهلال الشيعي".

نفوذ إيران
ويقول الخبير في مجموعات الأزمات الدولية علي فايز أنه "قبل عام 2011، كانت إيران تملك نفوذاً طاغياً في العراق وسوريا ولبنان. وهكذا فإن إيران لم تمد نفوذها بشكل أساسي في المنطقة، وإنما كانت مرغمة على توفير الحماية العسكرية لحلفاء محوريين كانت تجازف بخسارتهم".

وفي كلٍ من سوريا والعراق، تلعب الميليشيات التي تسيطر عليها إيران دوراً أكبر مما كانت تلعبه عام 2011. والشهر الماضي طرد العراق أول سفير سعودي في بغداد منذ عام 2003 بسبب انتقاده لميليشيات الحشد الشعبي الشيعية. وقد برزت هذه الميليشيات كأقوى قوة عسكرية في العراق وتفرض سيطرتها على الكثير من الأراضي السنية "المحررة". وفي سوريا كان استمرار بشار الأسد في السلطة بعد 2011 مستحيلاً لولا دعم حزب الله وكيل إيران، الذي بات قوة إقليمية. وتتغذى الميليشيات الشيعية الأخرى في سوريا بمجندين من إيران وأفغانستان وباكستان.

وقال الخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أندرو تابلر إن "قوة إيران تمددت أكثر من أي وقت مضى بمعنى القوة العسكرية المباشرة. لم نرَ أبداً ميليشيات شيعية عدة تعمل في مناطق مختلفة وتقاتل في معاقل سنية تقليدية".