عرض عسكري في الساحة الحمراء.(أرشيف)
عرض عسكري في الساحة الحمراء.(أرشيف)
الأربعاء 8 مارس 2017 / 15:03

هل تحتاج واشنطن إلى لجنة تحقيق لتحدّد علاقتها بموسكو؟

تكمن وظيفة الديبلوماسيين في تسهيل أكبر عدد ممكن من اللقاءات مع مروحة واسعة من ممثلي المؤسسة السياسية الداخلية لتناول أهمّ القضايا. هذا ما تعلّمه الباحث نيكولا غفوسديف في حصص العلاقات الدولية، بحسب ما كتب في مؤسسة الرأي ناشونال إنترست الأمريكية. وتتضمن وظيفتهم أيضاً القابلية على فهم التيارات الرئيسية في السلطة التشريعية والحصول على قراءة فضلى عن خيارات المرشحين المحتملين لمناصب عليا وتأثيرها على ديبلوماسيي البلد الأم.

في روسيا أيضاً، لم تعد الجهات التي كانت تدفع باتجاه الوصول إلى مساحات تعاون مشترك بين الدولتين، مقتنعة بهذا الخيار حالياً

اِنطلاقاً من هنا، يجب ألا يكون هنالك أي شيء غير سليم في تبادل مسؤولين ومشرّعين وخبراء أمريكيين وجهات النظر مع أي سفير أو فريق ديبلوماسي أكانوا يمثلون دولاً حليفة أو شريكة أو حتى "منافسة". وهذا بدوره يتضمن السفير الروسي الحالي في الولايات المتحدة سيرغي كيسلياك، بحسب غفوسديف. ويستغرب تصوير نشاط ديبلوماسي طبيعي على أنه نوع من "مخاطر مؤامراتية".

نشاط ديبلوماسي حذر
يشير كاتب المقال إلى أنّ سفيرين أمريكيين إلى روسيا، مايكل ماكفول وجون بَيرل قد خدما كرئيسي بعثات بلادهما وكممثلين شخصيين للرئيس السابق باراك أوباما. وكان هذان الديبلوماسيّان "صوتي عقل" على هذا المستوى. فقد حذرا من أن مصالح أمريكا على المدى البعيد لا تتم خدمتها عبر محاولة اقتراح أنّ الاتصالات بين المسؤولين في البلدين عبارة عن خيانة أو عمل جرمي. فروسيا تبقى دولة مع ترسانة نووية كبيرة ولاعباً كبيراً على مستوى آسيا وأوروبا. ومحاولة إقامة قنوات للاتصال والتأكد من مساحات محتملة للتلاقي والصراع مع الإدارة الجديدة هي "نشاط ديبلوماسي حذر".

ضرورة نزع التسييس
يضيف غفوسديف أنّه لولا محاولة الروس التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، وفيما لو فازت كلينتون بأصوات المجمع الانتخابي لما شكّلت المسألة أزمة كبيرة. لكن بسبب الظروف، بات من الضروري الآن نزع التسييس عن أي تحقيق نهائي يفسّر ما جرى السنة الماضية. وبالتالي على التحقيق أن يُنزع من المجال السياسي كي لا يُستخدم كأداة للتعديل في نتائج الانتخابات الماضية أو في خيارات ترامب لأعضاء إدارته التي يعارضه فيها الحزب الديموقراطي. ويعبّر الباحث عن اعتقاده بالحاجة إلى لجنة خبراء محايدة للتدقيق في ما حصل، وتبيان المسؤوليات، ثمّ التطلّع قدماً إلى مهمة أكثر إلحاحاً عن كيفية تلافي حدوث ذلك في المستقبل.

وطالب غفوسديف بصياغة معايير جديدة وواضحة تميّز بين النوعين الشرعي وغير الشرعي للتواصل بين الدولتين. وبعد تأليف هذه اللجنة يجب على السياسيين التراجع وتركها تنجز مهمتها.

ولجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر "تؤمن نموذجاً مفيداً". فبعد تلك الأحداث، أعطيت اللجنة صلاحيات أن تفهم ماذا حصل، عوضاً عن أن تتصرّف كمدّع عام. فتوثيقها الدقيق للأسباب التي أدّت إلى الهجمات، ساهمت في نقض العديد من نظريات المؤامرة التي بدأت بالانتشار في الأشهر التالية. وساعدت أيضاً في تحييد تلميحات الطرفين التي ألقت باللوم إمّا على إدارة بيل كلينتون وإمّا على تقصير إدارة بوش الابن وفقدانها لشرعيتها التي جادل بها قسم من الديموقراطيين. وألقى عمل اللجنة الضوء على أخطاء إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش الابن وركزت على سد الثغرات التي تمّ كشفها من أجل تحاشي وقوع هجمة إرهابية كبيرة أخرى في الداخل الأمريكي.

التطبيع كان صعباً.. والآن شبه مستحيل

على الرغم من كل ذلك، يشدّد غفوسديف على ضرورة الاعتراف بأن الضرر قد حل أصلاً. والمناخ السياسي الحالي يضمن أن أي نوع من المقاربة البراغماتية لتسوية التوتر بين واشنطن وموسكو هو خارج نطاق البحث. ويبدو أن لا طريق واضحاً يمكن من خلاله سحب العلاقات الثنائية من الثقب التي وقعت فيه. ففي روسيا أيضاً، لم تعد الجهات التي كانت تدفع باتجاه الوصول إلى مساحات تعاون مشترك بين الدولتين، مقتنعة بهذا الخيار حالياً. وهذا يعني بالنسبة للباحث أنّ الأصوات الأمريكية التي كانت تشير إلى خطورة التقارب الروسي الصيني على مصالح الولايات المتحدة لن تستطيع أن تقدم الشيء الكثير الآن لأنه بات أصعب إقناع الكرملين بسياسة أكثر توازناً: "إعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى ما يشبه اللقاء الثنائي العادي كانت متجهة أساساً إلى أن تكون صعبة، لكن قد تبرهن الآن أنّها مستحيلة تقريباً".