السبت 23 سبتمبر 2017 / 10:16

إنها المؤامرة يا قطر!

عثمان الماجد- الأيام البحرينية

على عكس منظمة حماس الإخوانية وبعض التنظيمات والجماعات الفلسطينية التي ارتأت في مرحلة تاريخية الارتماء جهاراً في أحضان إيران الخمينية قاصدة من وراء ذلك إلى إغضاب المملكة العربية السعودية ودول الاعتدال العربي، ووقعت، جراء ذلك، في خطأ استراتيجي مازالت كلفته كبيرة على مسار القضية الفلسطينية، فإن دولة قطر اختارت، غير مضطرة، التحالف مع إيران خلسة، أي من وراء ظهر دول مجلس التعاون ضاربة بكل المواثيق والعهود عرض الحائط، وذلك لمجرد توافق الأهداف وتماثل النزعة السياسات العبثية الانتقامية لدى الدولتين اللتين ترومان عبر تفعيل مختلف خطواتها الإضرار بالمنطقة وتقويض أمن الأنظمة السياسية القائمة واستقرارها، لغايات استراتيجية باتت معلومة لكل المنشغلين بمتابعة الشأنين السياسي والاقتصادي في منطقة الخليج العربي القلب النابض للاقتصاد العالمي.

في عالم المخابرات والجاسوسية لن تجد مفردة في اللغة العربية غير مفردة المؤامرة تتناسب وتتفق وتتسق مع الذي يجري تفصيلا بعلم الحكومة القطرية وقيادتها السياسية، وبتوجيه من تنظيم الحمدين بتواطؤ مخزٍ ومذل للكرامة العربية مع أطراف أخرى في غياهب الظلام، حيث تحاك مناويل خطط جهنمية بكتمان تام للإخلال بالأمن والاستقرار في كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر. ومما يؤكد خطورة التآمر القطري الإخوانجي الإيراني طريقة احتضان قطر عصابات الإخوان ماديًا ولوجستيًا وأدبيًا وتمويلها إياهم وتمكينهم جهارًا نهارًا من كل ما من شأنه أن يزرع الخراب والإرهاب في الدول التي ناصبتها قطر العداء أو طمعت في السيطرة عليها والتحكم فيها عبر عصابات الإخوان المجرمين والجماعات الراديكالية، وطريقة الاتصال القطري بإيران بوصفها عدوًا رسميًا لدول مجلس التعاون، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك النوايا الانقلابية الخفية لدى تنظيم الحمدين في تدمير منظومة دول مجلس التعاون التي تقف حجر عثرة أمام أوهام الدمار القطرية وأحلام العظمة الإيرانية.

لقد أخفت دولة قطر إلى حين المؤامرة أو فعل التآمر مع إيران على بلدان مجلس التعاون وغيرها من الدول العربية التي ينوء أكثرها اليوم بأثقال ما أنتجه هذا التآمر من ألم وحرمان وتهتك في النسيج الاجتماعي في أكثر من بلد في فترة ما سمي عبثاً بـ "الربيع العربي"، حتى أذن الله بافتضاح أمرها وباتت في مكابرة تجهر بهذا التحالف -المؤامرة- على الملأ فرحة، بعد أن أعطتها مسمى حليف، مخدوعة بما زين لها الإخوان المسلمون أو المجرمون المتنفذون في المطبخ السياسي في البيت القطري من عصابة عزمي بشارة ومن لف لفهم، ظنًا منها أنها قادرة بالمراهنة على الإسلام السياسي على تحقيق مكاسب تقودها في القريب العاجل إلى قيادة المنطقة والتحكم في مصائر البلاد والعباد. نعم قطر تحلم بقيادة المنطقة، وهو ما يصنف ضمن خانة الحمق السياسي على أي حال، ولكن دعونا نفترض جدلاً - متجاوزين في ذلك كل الحقائق الموضوعية المحيطة بقطر - أن هذا الحلم القطري قد تحقق لا قدر الله، فإلى أين سيقودنا نظام الحمدين في ظل تحالفه مع إيران الخمينية من جهة، وتركيا الأردوغانية من الجهة الأخرى؟!

على مدى عمر"الثورة" التي أنتجت جمهورية إيران الإسلامية الإيرانية، يعرف القاصي والداني العدائية المفرطة التي تضغنها هذه الجمهورية لدول مجلس التعاون واحدة واحدة، إلا قطر، فلهذا لم تخف القيادة السياسية لهذه الدولة موقفها السياسي من إيران، بل راحت من وراء ظهر دول المجلس في بناء علاقات ودية معها ضاربة عرض الحائط موقف هذه الدول من عصابة الملالي المارقة، غير عابئة بكل ما تصرفه إيران من عمل وتدابير مؤداها تقويض أمن واستقرار بلدان مجلس التعاون، وخصوصا في مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت! لقد كان واضحا في سلوك أمراء قطر وفي خطبهم من حمد بن خليفة إلى الأمير الحالي تميم بن حمد المغلوب على أمره، الود الخفي والظاهر مع إيران التي لا تخفي طموحها في التأثير في السياسات الخارجية والداخلية لبلدان مجلس التعاون.

في إطار الحب والهيام الذي تسرف القيادة القطرية في إظهاره تجاه إيران شدتني فقرة من خطاب أمير قطر، المغلوب على أمره، تميم بن حمد، يذيعها تلفزيون البحرين يومياً تحت عنوان "الأزمة القطرية" حيث يقول فيها "أؤكد على علاقة حسن الجوار مع إيران التي نعتبرها جزءاً لا يتجزأ من المنطقة" إلى البحث عن مبررات هذا الحب وهذا الهيام في خطابات القادة القطريين، فوجدت أن هذه العبارة تلخص الموقف العام والخاص من إيران. في الموقف العام تنظر قطر إلى إيران على أنها جزء لا يتجزأ من المنطقة، وهو قول فيه الكثير من التخلي عن ثوابت دول مجلس التعاون. صحيح أن إيران جزء من جغرافية المنطقة ولكن هذا الجزء لا يمكن له إلا أن يتجزأ من كيانية دول هذه المنطقة. إيران هي إيران، ودول مجلس التعاون هي دول مجلس التعاون. أما الموقف الخاص فهو ما يربط قطر كدولة راعية للإرهاب مع إيران زعيمة الدول في هذا المجال. إذا الموقف الشاذ الذي تتخذه قطر من الإجماع الخليجي تجاه إيران لم يكن وليد الأزمة بين قطر ودول التحالف ضد الإرهاب وإنما هو أحد أسبابها.

الساسة القطريون يتفنون في تلميع صورة إيران بهدف تبرير تحالفهم معها. فها هو أمير قطر يضيف إلى قوله إن قطر "جزء لا يتجزأ من المنطقة" قولاً آخر مفاده أن إيران "تمثل ثقلاً إقليمياً إسلامياً لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، وهي قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة". الحال أن تجربتنا شعوباً وحكومات تفيد أن إيران لم تكن يوماً ضامناً لاستقرار المنطقة، وإنما هي منذ وصول الخميني إلى السلطة كانت أداة تخريب في المنطقة وفي داخل بلدان هذه المنطقة. هذه هي الحقيقة التي أعمى الحمق الحمدين فمنعهما عن إبصارها، والتراجع عن الخطأ بعد الفرصة الذهبية التي منحها صبر الدول الأربع عليها وخاصة المملكة العربية السعودية التي حرصت في اتفاقية 2014 على وحدة الصف الخليجي حرصاً كافأتنا عليه حكومة الحمدين في قطر بسيل مرعب من الخيانات والمؤامرات.