الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيف)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيف)
الإثنين 5 فبراير 2018 / 18:57

عزلة الموقف الفلسطيني

الموقف الفلسطيني بعد اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل، صار رغم عدالته معزولاً بصورة مطلقة.

من الناحية الأخلاقية، الموقف الفلسطيني مفهوم وصائب، أما من الناحية العملية فقد صار معزولاً وأقصى ما سيحصل عليه هو جوائز ترضية بسبب خروجه أو حصاره داخل قضبان صفقة القرن

دعونا نذكر بأساسيات موقفهم .. أولاً رفض الرعاية الأمريكية لعملية السلام، وثانياً رفض الحوار مع الرسميين الأمريكيين من أصغر قنصل إلى رأس الدولة العظمى، ثالثاً التفتيش عن رعاية بديلة بما في ذلك الطواف على كل دول العالم لتأمين ذلك.

أرضى العالم الفلسطينيين بأن رفض الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلا أنه توقف عند هذه النقطة واعترض على الموقف الفلسطيني جملة وتفصيلاً.

الأردن ومصر لا يريان بديلاً عن الرعاية الأمريكية، بل إن العاهل الأردني أشاد بالدور الأمريكي الأساسي وربما الوحيد في عملية السلام الشاملة، ومصر والأردن استقبلا بنس وأجريا محادثات معمقة وتفصيلية معه، أما العالم الذي صوت ضد القرار الأمريكي، فقد نصح الفلسطينيين بالإقلاع عن فكرة تغيير المرجعية، وإيجاد سبيل لإعادة الاشتباك السياسي مع واشنطن، والجلوس مع الآخرين على مقاعد انتظار الإعلان الرسمي عن صفقة القرن، مع أن جميع الجالسين على تلك المقاعد يعرفونها بنداً بنداً وقد نوقشت معهم على مستوى ترمب وكوشنر وغرينبلات.

القطيعة الفلسطينية الأمريكية استدرجت إعلانات غريبة بعض الشيء من جانب الإدارة الامريكية، آخرها ما غرّد به غرينبلات حيث قال بما معناه أن الفلسطينيين غير مدعوين لوليمة العصر ويستحسن أن يقبلوا عليها ويغرفوا ما يستطيعون من الطعام الموضوع على طاولتها.

أي أن الفلسطينيين هم المائدة وليس شرطاً أن يقبلوا أو يرفضوا الجلوس عليها، وهذا أمر غير مسبوق في مجال الأزمات الإقليمية والدولية، إلا أن ابداعات إدارة ترامب أدخلت هذا الغير مسبوق ليصبح قاعدة سياسية تفرض على الجميع، وإن كان لابد من نقاش فهو فقط حول آليات التطبيق.

في مصطلح تبسيطي ولكنه بليغ ودقيق، صعدت الطبقة السياسية الفلسطينية الى أعلى الشجرة وهي متعودة على ذلك، حين قالت إن "الرئيس أوباما رفعنا إلى أعلى الشجرة وفي لحظة ما نزل عنها وتركنا وحدنا فوق".

من الناحية الأخلاقية، الموقف الفلسطيني مفهوم وصائب، أما من الناحية العملية فقد صار معزولاً وأقصى ما سيحصل عليه هو جوائز ترضية بسبب خروجه أو حصاره داخل قضبان صفقة القرن.

سوف تظل الأمم المتحدة فاتحة أبوابها لاستقبال خطبهم ومرافعاتهم، وكثّر الله خير الكويت التي دعت الرئيس الفلسطيني لإلقاء خطاب في مجلس الأمن، أما ما يجري على الأرض الفلسطينية، فهنالك تسارع في بناء أمر واقع جديد يصنعه التفوق الإسرائيلي في الإمكانيات ويكرسه الغطاء الأمريكي الأكثر فاعلية ووضوحاً من أي غطاء سبقه، ويفتح الطريق أمامه خروج العرب جميعاً بفعل ربيعهم البائس من معادلة التأثير الفعلي إلى دور لا يملكون غيره وهو إما الادانات اللفظية وإما نصح الفلسطينيين بالإذعان للواقع الأقوى منهم، وأما المزايدة عليهم في الرفض والإدانة مع بقاء كل طرف في موقعه وضمن معادلة مصالحه الذاتية.

ماذا سيفعل الفلسطينيون وهم يرون ذلك ويلمسونه ويعانون منه ؟ المتاح أمامهم هو الصبر وقول لا، فلعلهم بذلك يبقون قضيتهم وحقوقهم على قيد الحياة .