الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد.(أرشيف)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد.(أرشيف)
الخميس 9 أغسطس 2018 / 13:45

مساهمة أمريكا في إعمار سوريا أساسي لتقليص نفوذ روسيا وإيران

حذر تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية من أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا بعد هزيمة داعش من شأنه أن يجعل سوريا ساحة نفوذ كبرى لروسيا وإيران.

لكي تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً في سوريا فإنه يتعين عليها الالتزام بالمزيد من الموارد والقوات العسكرية

وتلفت مراسلة المجلة لارا سيليغمان، التي أعدت التقرير، إلى تحذيرات المحللين من أن تردد واشنطن في تخصيص موارد لإرساء الاستقرار في المنطقة قد يسمح لروسيا وإيران بممارسة نفوذ أكبر على سوريا، وبخاصة مع انحسار القتال الذي يشنه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش في شمال شرق سوريا.

معقل داعش الأخير
وبحسب التقرير، تقترب قوات التحالف الدولي من المعقل الأخير لمقاتلي داعش في بلدة هجين شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، وبمجرد دحر المسلحين، سوف يتمثل التحدي التالي في توفير الغذاء والخدمات للمدنيين وإزالة الألغام من المدن، إضافة إلى إعادة ملايين اللاجئين إلى بلادهم وإعادة فرض سيادة القانون في مناطق واسعة من البلاد.

ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أشار إلى أن الولايات المتحدة لن تلعب دوراً واسعاً في إعادة إعمار سوريا، وأصدر أوامره إلى وزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق من هذا العام بتجميد قرابة 200 مليون دولار من الأموال المخصصة لإعادة إعمار سوريا. كما أخفق الكونغرس في إدراج بند بمشروع قانون سياسة الدفاع لهذا العام والذي كان من شأنه أن يمنح البنتاغون 25 مليون دولار سنوياً والمزيد من النفوذ لدعم جهود تحقيق الاستقرار في سوريا.

ويرى ويل تودمان، زميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والدولية، أن مساعدة الولايات المتحدة في تحقيق استقرار سوريا تنطوي على عدد من الإيجابيات وأبرزها المساهمة في تجنب عودة الظروف نفسها التي تسببت في ظهور داعش، فضلاً عن منح الولايات المتحدة نفوذاً على طاولة مفاوضات مستقبل سوريا؛ لاسيما أن رغبة ترامب في الانسحاب ستجعل النفوذ الأمريكي محدوداً جداً في سوريا.

إعادة إعمار سوريا
وتبلغ الكلفة التقديرية لإعادة إعمار سوريا أكثر من 250 مليار دولار أمريكي وفق الأمم المتحدة؛ حيث يحتاج قرابة 13,1 مليون سوري إلى المساعدة، منهم 6,6 ملايين شخص مشردين داخل أنحاء البلاد، و5,6 مايين آخرين فروا من سوريا منذ 2011 بحثاً عن الأمان في لبنان وتركيا والأردن ودول أخرى.

ويلفت تقرير مجلة "فورين بوليسي" إلى وجهات نظر الخبراء الآخرين الذين يجادلون أنه لكي تلعب الولايات المتحدة دوراً مهماً في سوريا فإنه يتعين عليها الالتزام بالمزيد من الموارد والقوات العسكرية من دون الحصول على مقابل أو "فائدة استراتيجية" على حد وصف لوك كوفي، مدير مركز دوغلاس وسارة أليسون للسياسة الخارجية بمؤسسة "هيريتيغ".

ويعتبر كوفي أن نفوذ الولايات المتحدة محصور في قطعة صغيرة من سوريا في الشمال الشرقي حيث تعمل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا (تتألف غالبيتها من الأكراد السوريين إلى جانب مقاتلين عرب). وفي المقابل تتورط تركيا بشكل كبير في الشمال الغربي بالقرب من محافظة إدلب، بينما تهيمن روسيا وقوات الحكومة السورية على بقية البلاد.

وتبدو المزايا التي سوف تحققها روسيا وإيران من خلال تعزيز قبضتهما على سوريا غير واضحة حتى الآن بالنسبة إلى تودمان؛ حيث دمرت سنوات الصراع البلاد ولا يتوافر لأي من روسيا وإيران الموارد الكافية أو حتى الإرادة لتمويل إعادة إعمار سوريا وحدها.

صفقة الأكراد مع الأسد
ويقول تودمان إن "إعادة الإعمار هي وسيلة أساسية لمكافأة الرئيس السوري بشار الأسد رغم أن الولايات المتحدة دأبت على المطالبة بإزاحته عن السلطة منذ بداية الصراع. إلى ذلك، فإن المساهمة في إعادة الإعمار من شأنه أن يساعد على زيادة القيمة الإستراتيجية لسوريا بالنسبة للأعداء مثل روسيا وإيران".

ويوضح التقرير أن إدارة ترامب تقوم حالياً بمراجعة دور الولايات المتحدة في أنشطة تعزيز الاستقرار في المنطقة، ولكن القلق إزاء دور وزارة الدفاع في هذا الشأن نابع جزئياً من تجارب الولايات المتحدة السابقة في العراق وأفغانستان التي لم تحقق النتائج المتوقعة، وذلك بحسب الباحثة ميليسا دالتون بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ونائب مدير برنامج الأمن الدولي.

وبمجرد قيام التحالف بقيادة الولايات المتحدة بسحب قواته القليلة المتبقية في شمال شرق سوريا، فإن عبء إعادة الإعمار سيقع على عاتق الحكومات المحلية والنظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية.

ويختتم التقرير بأن قوات سوريا الديمقراطية على الأرجح ستعقد صفقة مع الأسد على حكم الجزء الشرقي من البلاد، ولكن كلما تنازلت الولايات المتحدة عن القيام بدور قيادي في هذه الصفقة، كلما تراجع نفوذها على الأسد وحلفائه (روسيا وإيران).