غلاف الديوان (24)
غلاف الديوان (24)
الأربعاء 17 أبريل 2024 / 20:12

"ثلاثيات الخليل" عاطفة جيّاشة لشاعر متيّم

يشتمل ديوان "ثلاثيات الخليل" الصادر عام 2022 في أبوظبي، للشاعر الإماراتي المعروف خليل عيلبوني، على 248 ثلاثيَة شعرية، جاءت في 144 صفحة من الحجم الوسط، ويعكس الديوان عاطفة جيَاشة لشاعر متيَم بلغته وأمَته، ومحبوبته البعيدة القريبة.

وعيلبوني شاعر وإعلامي قدير له مسيرة شعرية وإعلامية حافلة، من الصعب الإحاطة بها هنا، ويكفي العلم بأنه من رواد العمل الإعلامي في الإمارات منذ بداية تأسيس الدولة وقيام الإتحاد، كما قدّم وأعدّ مجموعة برامج ثقافية، وغطى العديد من الفعاليات المهمة، وله حوارات مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويسجل له نشاطه الشعري المتواصل وحضوره الدائم والفعال بالمشهد الثقافي.

وفي تقديمه للديوان يقول رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الدكتور علي بن تميم: "تمثل ثلاثيات خليل عيلبوني تجربته الإنسانية فهي تشير إلى مهد الطفولة التي تحن إليه وتحمله في الخاطر أيقونة نفيسة، وإلى ملاعب الصبا التي عرفها طفلا ويافعا، مثلما تشير التجربة الشعرية إلى تحولاته في فضاءات مختلفة، فيحضر انتماؤه لأمته واعتزازه بحضارتها، ومعرفته الأصيلة بتراثها الأدبي والشعري، والفكري الذي يجد طريقه بيسر إلى هذه الثلاثيات، ويشكل خلفية لكثير من المعاني والأفكار والقيم في تناص جميل وخفي، على النحو الذي يخلق وحدة ينسجم فيها الماضي والحاضر، ليمنحا العمل خصوصيته وملامحه المتفردة".
تغلب عاطفة الحب الجياشة على أجواء ثلاثيات الخليل، فتارة نصغي للشاعر يشكو من ألم الفراق ونار الوجد، كما في ثلاثية (136) التي يقول فيها:
لا دفء ببعدك أرضاني
فالبرد يعذب أحضاني
أشعل نار الوجد ولكن
تطفئها زفرة وجداني
ما دمت بعيدا لا جدوى
لن تصنع دفئا عيداني.
وفي ثلاثية (208) يقنع الشاعر نفسه أنه حرً بينما في الحقيقة هو مفعم بجراح لم يعد يشكو منها،مثلما يقول:
أنا حرٌ وفؤادي مستريح
أغلقي الباب لكي ترتدَ ريح
أنا ما بدَلت جلدي إنما
لم يعد يشكو من الجرح الجريح
صار بالإمكان أن أصرخ: لا
لفظ لا في موقف العجز مريح.
وتبلغ عاطفة الشاعر المتيم أوجَها في ثلاثية (240) التي يبوح فيها باستحالة الفراق فالحبيبة قدر لا مفر منه، حيث يقول:
لن أستطيع عنك الافتراقا
كي لا أموت في الأسى احتراقا
ما كنت إلا قدرا حتى وإن
مزَقتُ في تاريخك الأوراقا
منك أنا وأنت مني والدًما
سهلٌ على هواك أن تراقا.
من يقرأ أشعار عيلبوني، يظن لوهلة أولى أنه أمام شاعر من العصر العباسي الذهبي، حيث لغته المنسابة كجدول رقراق، وقصيدته المتماسكة المحافظة على الوزن والقافية،وهو معروف بأنه عاشق من الطراز الرفيع للغة الضاد، ولأمته العربية، وهويتها وتراثها، وإرثها الحضاري الشامخ، وإن كان يختم ديوانه بعتاب المحب المكلوم لما آل إليه حال هذه الأمة فيقول في ثلاثية (248) :
يا أمتي خدعتني طويلا
حوَلت فيك فرحتي عويلا
تاريخك الشقي لا أحتاجه
ولا أرى فيك صدقه دليلا
هل كان فيك خالد وعمر
يكاد ذا يكون مستحيلا.