الهجوم الإيراني على إسرائيل. (أرشيف)
الهجوم الإيراني على إسرائيل. (أرشيف)
الثلاثاء 23 أبريل 2024 / 16:53

معاريف: الهجوم الإيراني إعلان حرب

ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أنه في ظل الأحداث الأمنية الأخيرة التي حلت بإسرائيل، يزداد الاستقطاب حدة بين معسكرين وصفتهما بأنهما "الصالح" و"السيئ"، موضحة أن تلك الأحداث تؤكد ملاحقة دول "محور الشر" إلى جانب المنظمات المسلحة، لإسرائيل بهدف إلحاق ضرر قاتل بها.

وقالت معاريف في تحليل أعدته الدكتورة عنات هوشبيرج ماروم، المختصة في الجغرافيا السياسية والأزمات الدولية، إن الهجوم الإيراني على إسرائيل يشكل زلزالا جيوسياسياً خطيراً أدخلها وأدخل الشرق الأوسط والساحة الدولية في اضطراب هائل، مشيرة إلى العداء العميق والتنافس الأيديولوجي والتوترات الأمنية المتزايدة بين إسرائيل وإيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979. 

تغيير قواعد اللعبة

وأشارت معاريف إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن "إيران نفذت واحداً من أكبر الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار ضد إسرائيل التي شهدها العالم على الإطلاق متجاوزة كل الخطوط الحمراء بشكل صارخ، مما يسفر عن تغيير جذري في "قواعد اللعبة" وتوازن القوى في الشرق الأوسط، واستطردت الصحيفة: "إن إطلاق وابل كثيف من نحو 320 صاروخاً باليستياً وصواريخ كروز، وطائرات مسيرة انتحارية وقاتلة، هو حدث خطير للغاية يصل إلى حد إعلان الحرب".

اختبار القيادة

وعلى خلفية تصاعد الصراع في غزة وأزمة البحر الأحمر، وفي ضوء اشتداد التهديد الأمني ​​الإيراني في نفس الوقت الذي يتصاعد فيه الصراع الدائر بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى واللتين تدعمان إيران وتقود معاً محور المقاومة، تتزايد الأصوات التي تصف الهجوم بأنه "نقطة تحول"، بالإضافة إلى أن هذا الحدث تسبب في زيادة حدة الاستقطاب بين "الجيد" و"السيئ"، ويسلط الضوء على سعي دول ما اعتبرته "محور الشر" إلى جانب الوكلاء الذين يعملون في المنطقة والمتمثلين في التنظيمات المسلحة مثل تنظيم "حزب الله" في لبنان، والقوات التابعة للحرس الثوري، وحركة "حماس" الفلسطينية، والميليشيات الشيعية في اليمن والعراق وسوريا، موضحة أنها تلحق ضرراً قاتلاً بإسرائيل الحليف الوثيق للولايات المتحدة، كما تشعل النار في الشرق الأوسط برمته.

ورأت الصحيفة أن كل تلك الخطوات والأحداث تهدف إلى التأثير على الوضع الراهن والنظام السياسي والأمني ​​والاقتصادي العالمي، لإضعاف الهيمنة الأمريكية العالمية والفوز بمكانة قيادية عالمية.
ومن وجهة نظر استراتيجية واسعة، ترى الصحيفة أنها واحدة من أكثر لحظات الأزمات واختبارات القيادة تعقيداً وصعوبة في مواجهة النخبة السياسية والعسكرية والأمنية في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية معاً، وستكون عواقبها الجيوسياسية والجيواقتصادية هائلة خصوصاً في ظل التدهور الأمني ​​وتزايد احتمالات الصراع الإقليمي، وهو الأمر الذي سيؤثر إلى الأبد على مصير إسرائيل ودول المنطقة وسيؤثر على التجارة والاقتصاد والسياسة العالمية.

التحالف الروسي مع إيران

وأضافت معاريف أنه ليس من قبيل الصدفة، أن تسارع روسيا إلى اتخاذ خط واضح مؤيد لإيران ودعوة جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس مع تجنب رد فعل من شأنه أن يؤدي إلى صراع "ستكون له عواقب كارثية على المنطقة بأكملها.
ومن وجهة نظر جيوسياسية واستراتيجية واسعة النطاق، يبدو أنه على الرغم من كونها قوة عالمية في مجال الطاقة والقوة النووية، وبعيداً عن المزايا الكامنة في تحويل الاهتمام الدولي والموارد الغربية عن صراعها في أوكرانيا، فمن المتوقع أن تتكبد حكومة موسكو خسائر فادحة من جراء  تصاعد الصراع في الشرق الأوسط وتوسعه إلى حرب إقليمية، وفقاً للصحيفة.

تشديد الشراكة

وفقاً للصحيفة، إن تشديد الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وطهران يعد مؤشراً على أن النفوذ الروسي في هذه المنطقة لا يزال قوياً، إلا أنه قد يشير أيضاً إلى زيادة اعتمادها العسكري والطاقة على إيران رغم تجدد وتفاقم العقوبات الدولية التي ستفرض قريباً على طهران، في ظل تزايد التجارة غير المشروعة بينهما والخوف المتزايد من مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
ولفتت معاريف إلى أن "الحرب الإيرانية المحتملة" ستؤثر على إمدادات الأسلحة الإيرانية لروسيا، والتي تشمل آلاف الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ولذلك هناك قلق متزايد في الكرملين بشأن التوسع الكبير في التدخل الأمريكي بالمنطقة، وإزاء تشديد علاقات إسرائيل مع دول المنطقة.

الدعم الصيني لطهران

وعلى هذه الخلفية ونظراً لهشاشة علاقات بكين مع إسرائيل وعلاقاتها الوثيقة مع إيران، تشير الصحيفة إلى أن موقف الصين يحمل علامات استفهام، ليس فقط لأنها أدانت الهجوم الإسرائيلي على دمشق في بداية الشهر، بل قالت إنه كان تحركاً إسرائيلياً متعمداً يهدف إلى زيادة الدعم الأمريكي الضعيف.
ووصفت مصادر في الصين الهجوم الإيراني ضد إسرائيل بأنه رد على هجومها في دمشق، ووصفته بـ"العمل الدفاعي المحدود"، لأنه لم يتسبب في مقتل أو دمار كبير في إسرائيل.
وإلى جانب الإعراب عن الدعم الكامل لإيران والتعبير عن قلقها العميق بشأن الوضع الحالي، دعت الصين إلى رد منضبط من جميع الأطراف المشاركة في الصراع "خصوصاً جميع الدول المؤثرة التي ستلعب دوراً بناء في استعادة السلام والاستقرار في المنطقة".
وأوضحت الصحيفة أنه من وجهة النظر الجيواستراتيجية طويلة المدى، فإن حكومة بكين ليست مهتمة بالفوضى الأمنية التي يمكن أن تضر بمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والطاقة، والتي تشمل الحفاظ على طرق الشحن والتجارة الدولية، بالإضافة إلى سلاسل التوريد العالمية التي تمر عبر البحر الأحمر وقناة السويس ومضيق هرمز.
كما أنها ترغب في الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والعسكرية وتعزيزها مع دول الشرق الأوسط، والتي يرى الكثير منها أن إيران تمثل تهديداً أمنياً وجودياً حقيقياً، مستطردة: "في ضوء كل هذا، فهي بالتأكيد ليست مهتمة بإشعال النار في الشرق الأوسط، على غرار طموحات روسيا وإيران". 

المربح للجانبين

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أنه من وجهة نظر جيوسياسية عالمية، من الواضح بالفعل أن احتواء الصراع في الشرق الأوسط، إحدى أكثر المناطق استراتيجية وصراعاً في العالم، هو مصلحة مشتركة لجميع الأطراف المشاركة فيه، واصفاً الوقت الحالي بأنه اختبار حاسم لقادة القوى والدول المنخرطة في الصراع، وهو ما يعكس قدرتهم على التعامل مع الفجوات والتوترات الاستراتيجية الداخلية وتجاوز الخلافات الأيديولوجية بينها.