الثلاثاء 7 أكتوبر 2014 / 20:43

جورج كلوني ونصف ساعة من القبل



نصف ساعة هي مدة قبلة جورج كلوني لزوجته أمل علم الدين، أثارت الشجن في قاعة الزواج أمام مائة مدعو، بعضهم اغرورقت عيناه بالدموع، بحسب جريدة الراي الكويتية، في تغطيتها للحفل، فيما اندفع الآخرون للهتاف والتصفيق.

كان كلوني كأشهر عازب في العالم يكمل لوحة زواجه، الهاربة من أجواء الماضي، زفاف يليق بطقوس العصور الوسطي في أرض كازانوفا، بمذاق إمبراطوري، وقبلة طويلة تسدل الستار على رحلة طويلة لفارس روماني نال حبيبته، هذه إشارات أرسلها فنان، دسم التكوين، له اهتمامات إنسانية كبرى، وقضايا تأخذ من وقته وماله كالدفاع عن ضحايا مجازر دارفور، وصاحب تكوين ثقافي وفني متراكم.

حدث ذلك في وقت كانت مواقع التواصل الاجتماعي مشغولة عندنا بالبحث عن إجابة لسؤال ضاحك يقول: كيف احتمل "كلوني" عدم الهرش طوال مدة تقبيله لزوجته؟!

يقول التاريخ إن للقبلة تراث أكثر جدية وثراء مما يظن البعض، رصد جزءاً منه العراقي حسين علي الجبوري في كتاب هام عن تقاليد القبل وتنوعها.

فقبلة على مؤخرة حصان أنقذت آلاف الأرواح من القتل، عندما أراد نجيب باشا والي كربلاء عام ١٨٤٢، إخماد ثورة ضد الحكومة العثمانية، فأرسل قوة عسكرية بقيادة مصطفى باشا، أبادت الثوار المحتمين برقد الإمام العباس، كان عددهم ٢٤ ألفاً، ولما قضى عليهم، ذهب لمرقد آخر وهو الإمام الحسين، وعندما همّ بفتح المدافع، عاجله رجل بطلب الأمان، ثم طبع قبلة على مؤخرة فرسه، مؤكداً له أنهم (الضحايا القادمين) لم يخرجوا على الطاعة، وليس من العدل أن يقتلوا بذنب المفسدين. لان القائد العسكري، لتقبيل الرجل مؤخرة الفرس، وهو سلوك مبتكر يختلف عن تقبيل الأيدي و الأرجل، وانسحب.

والقبلة كانت سبباً في إحراق مجنون ليلى ليديه، عندما مر على زوج ليلى، وهو مستقر أمام نار، فسأله:
"بربك هل ضممت إليك ليلى.. قبيل الصبح أو قبلت فاها

وهل رفت عليك قرون ليلى.. رفيف الأقحوانة في شذاها"

وعندما قال له زوج ليلى: نعم، قبض على جمرتين حتى سقط مغشياً عليه ونزل لحم يديه، وعض على شفتيه حتى قطعهما! والعهدة على كتاب الأغاني!!

وكانت القبلة علامة على الخديعة، في أحيان كثيرة، منها قبلة يهوذا للسيد المسيح، أثناء العشاء الأخير، الذي اتخذ التاريخ بعدها منحى جديداً، فكانت شفرة لتسليم المسيح لمن يبحثون عنه لقتله، بحسب إنجيل متى، قبّله يهوذا وكان ضمن ١١ حوارياً حوله، فعرفه القتلة واقتادوه لمصيره الأخير.

والقبلة قد تكون أداة سياسية لتهدئة الأجواء أو نسج خيوط إنسانية على طاولة التفاوض كقبلة الراحل ياسر عرفات الطويلة، لخصومه و اصدقائه و أعدائه على السواء.

والقبلة أنواع، منها ما يكتفي "بالطرقعة" في الهواء، لأسباب طبية وهو "التقبيل الصائت"، وربما يرجع انتشاره لتجنب القيود الاجتماعية والدينية المفروضة على التقبيل الصريح، ومنه ما يقتصر على حك الأنف مع مثيلتها، كالتقبيل الخليجي أو شم الخدود، على غرار ما هو موجود في العراق.

ومنها ما تكرهه الثقافات الشعبية كتقبيل العين، خشية الفراق بعدها، مثلما غنى محمد عبد الوهاب "بلاش تبوسني في عنيا دي البوسة في العين تفرق".

لكن أطرفها قبلة قبيلة الماساي الإفريقية، التي تكتفي بتبادل البصق تعبيراً عن الحب، دون التلامس.

وهو النوع الأكثر انتشاراً في مصر الآن، بعد ثورتين.