الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد (أرشيف)
الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد (أرشيف)
الخميس 30 يوليو 2015 / 12:51

ديلي بيست: العلاقة بين الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد والنووي الإيراني

24 - إعداد: ميسون جحا

تساءل موقع ديلي بيست الإلكتروني الأمريكي، عن السبب الذي يدفع الولايات المتحدة للإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد.

ويذكر الموقع بما قاله عام ١٩٨٦ وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، كاسبر واينبيرغر، حين اكتشاف أمر بولارد "يصعب عليّ تصور مدى الضرر الكبير الذي ألحقه جوناثان بولارد بالأمن القومي الأمريكي عبر ما نقله من معلومات حساسة لإسرائيل".

معلومات سرية
ويلفت الموقع إلى أنه لم تكشف بعد الدوائر الأمريكية عن ماهية المعلومات الأمنية التي سربها بولارد، طوال ١٧ شهراً في منتصف ثمانينات القرن الماضي، للاستخبارات الإسرائيلية، والتي بلغ حجم وثائقها بحسب اعترافه ما يكفي لملء غرفة بطول ١٨٠ سم وعرض ١٨٠ سم وارتفاع ثلاثة أمتار.

ويشير ديلي بيست تزامن توقيت الإعلان عن قرار الإفراج عنه، مع توقيع الولايات المتحدة اتفاقاً للحد من التسلح النووي مع إيران، حيث صرح مسؤول أمريكي لصحيفة وول ستريت جورنال بأن الولايات المتحدة تسعى لإطلاق سراح بولارد لأجل تهدئة خاطر إسرائيل، ولكي تقنع الدولة اليهودية بتخفيف حدة انتقادها الحاد للصفقة الإيرانية.

لا مقايضة
وبحسب الموقع، لطالما نفت الإدارة الأمريكية نيتها ترتيب مثل تلك المقايضة، وأكدت أن مصير بولارد متعلق كلية بالقضاء، ويوم الثلاثاء الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري لصحافيين "لم أتحدث قط في ذلك الأمر".

وبرأي الموقع "رغم صحة القول بأن قضية بولارد كانت ستخضع خلال العام الجاري لجلسة استماع وفقاً لقرار الحكم بسجنه، فإن ما ذكرته وول ستريت جورنال شيء خارق للمجريات القضائية".

وحسبما قال محامي سابق عن الحكومة الأمريكية موقع ديلي بيست، فإنه "من مصلحة البيت الأبيض أن يعدل موعد الإفراج عن بولارد لكي يسكت رئيس الوزراء الإسرائيلي، وذلك عبر الإشارة لوزارة العدل لمنحه العفو".

فرصة حقيقية
وفي هذا السياق، قال مستشار سابق في البحرية الأمريكية وفي مكتب التحقيقات الفيدرالي ماريون سبايك بومان، اطلع على المعلومات السرية التي سربها بولارد للإسرائيليين "في ظل الإدارة الحالية، اتسمت وزرارة العدل بالفساد، أقول ذلك لكوني عملت في مكتب التحقيقات الفيدرالية لمدة ١١ عاماً، وهذه فرصة حقيقية لأوباما، وقد سنحت له في الوقت المناسب لكي يتودد للإسرائيليين، كما أعتقد بأنه لم يتم استشارة وكالة الاستخبارات المركزية بشأن هذه القضية".

اهتمام الرأي العام
ويلفت ديلي بيست لكون قضية بولارد قد استقطبت اهتمام الرأي العام داخل إسرائيل على مدار عقود، وأنها كانت ورقة تفاوض في التعاملات الدبلوماسية مع القدس، ومع نتانياهو خاصة، إذ إلى ما قبل عام، تمت مناقشة قضية بولارد كوسيلة لإنقاذ محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتداعية، وفي عام ١٩٩٨، فكر بيل كلينتون بالعفو عن بولارد، بعد أن طالب نتانياهو بذلك قبل الدخول في جولة مفاوضات في واين ريفر، لكن مدير سي آي أي جورج تينيت في حينه، هدد بالاستقالة لو أطلق سراح بولارد، ولم ينفذ طلب نتانياهو.

وفي واقع الحال، لاقت فكرة منح الجاسوس بولارد عفواً رئاسياً رفضاً قاطعاً من مقبل مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، وقال مسؤولان سابقان في الاستخبارات لديلي بيست، بأن روبيرت مولر المدير السابق للإف بي آي، والذي خدم من عام ٢٠٠١ إلى ٢٠١٣، هدد بالاستقالة في حال الإفراج عن بولارد، لكن مولر الذي يمارس حالياً المحاماة في مكتب خاص، رفض التعليق على القضية.

لا مكافأة
وفي عام ٢٠٠١، عبر وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عن استيائه من احتمال أن يتقدم الإسرائيليون بطلب من إدارة بوش لإطلاق سراح بولارد، واستبق ذلك بأن أرسل للرئيس رسالة ينصحه فيها برفض مثل ذلك الطلب، قائلاً "إن أية خطوة لتحرير بولارد ستدمر جهودنا لإبعاد الجواسيس عن حكومتنا"، كما أرفق رامسفيلد برسالته مرفقاً يحوي رسالة أرسلها ستة وزراء دفاع سابقين، ومنهم ديك تشيني، للرئيس كلينتون خلال مفاوضات واي ريفر، ويوم الاثنين الماضي، وضع رامسفيلد على موقع تويتر نسخاً من كلتا الرسالتين، مضيفاً في تغريدته "لا يجب مكافأة الجواسيس".

سلسلة أكاذيب
وحتى قبل توجيه تهمة الخيانة لبولارد، كانت سجله في خدمة الاستخبارات الأمريكية قد امتلأ بالشكوك، ورغم تلقيه المديح لقدراته الاستثنائية في تحليل تقنية سفينة سوفييتية، فقد خضع لاستجواب بشأن عدة تقارير مزيفة، فقد زور بولارد وثائق أكاديمية حول حصوله على درجة ماجيستير في القانون والديبلوماسية، كما ادعى أنه متمكن من لغة الأفريكانا في جنوب أفريقيا، ولم يكن يتقنها، وادعى بولارد أيضاً أنه كان ابن رئيس سابق لمكتب سي آي أي في جنوب أفريقيا، وكان كاذباً، ومن ثم أخبر زملاءه أن خدم كعميل للاستخبارات الأمريكية في سوريا وأنه اعتقل وعذب على أيدي المخابرات السورية، وكان أيضاً كاذباً.

العلم الأحمر
ولكن أكبر الأكاذيب، والتي رفعت العلم الأحمر ضده كانت كشفه معلومات سرية للملحق العسكري في سفارة جنوب أفريقيا، وهو خرق بدا أنه أثار حفيظة كبار المسؤولين في الاستخبارات البحرية الأمريكية، ورغم ذلك، قضى فحص نفسي أكلينينكي بأن بولارد يعاني من "شعور بالعظمة والمراوغة وأنه لم يقصد تمرير معلومات سرية لا ترقى لمرتبة التجسس".

وتبين لاحقاً أن بولارد حصل على راتب قدره ٢٥٠٠ دولار أمريكي شهرياً ويوازي راتبه من الحكومة الأمريكية، لقاء تسريبه وثائق حساسة ذات صلة بمعلومات استخباراتية نووية خاصة بجهات عربية وباكستانية، وبرامج بيولوجية وكيماوية عربية، وأنظمة دفاع جوي سوفييتية، وقرارات حربية صادرة عن دول عربية.

اهتمام خاص بسوريا
وبحسب تقرير صدر عن (سي آي أي) في عام ١٩٨٧، كان الإسرائيليون أكثر اهتماماً بالحصول على معلومات عن سوريا، وأشار التقرير إلى أن المسؤول عن بولارد، مستشار الشؤون العلمية في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك جوزيف ياغور، طلب منه تسريب معلومات حول "مركز أبحاث سوري مشتبه به، ومعلومات بيانية حول طائرات غير مأهولة موجودة لدى السوريين، فضلاً عن معلومات حول القيادة السورية ومركز الاتصالات والتحكم في دمشق، وهويات الوحدات السورية الملحقة بمستشارين سوفييت، وكذلك مراكز وبرامج تدريب لعاملين سوريين في الاتحاد السوفييتي القديم، كما طلب إيغور معلومات استخباراتية طبية حول صحة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد".

كما سرق بولارد ملخصات تقارير وكالة الأمن القومي الأمريكي بشأن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك معلومات خاصة بالدفاعات الجوية المصرية.

ولفت ديلي بيست إلى طلب مسؤول سابق في الموساد رافائيل ايتان، وكان مسؤولاً عن تشغيل بولارد، أن يزوده بمعلومات حول القوة ١٧ في منظمة التحرير الفلسطينية، وهي قوة من نخبة فدائيي فتح، كانت مسؤولة عن الأمن الشخصي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

شراء خاتم خطوبة
وبالإضافة لراتبه الشهري، اشترت اسرائيل لبولارد خاتم خطوبة من الزفير، وتحت غطاء تمويل إجازة مزيف من عمه، دفعت إسرائيل قيمة ١٢ ألف دولار لتغطية رحلة للزوجين إلى باريس، حيث أنهيت إجراءات تعيين بولارد رسمياً كجاسوس لصالح إسرائيل، ووافق المتعاملون مع بولارد على فتح حساب بنكي خاص به في بنك سويسري باسم "داني كوهين"، بحيث تعهدوا بتحويل مبلغ ٣٠ ألف دولار سنوياً لمدة عشر سنوات، بحيث لن يطلب بعدها من بولارد التجسس لصالح إسرائيل.

ولكن بولارد فشل في تغطية نشاطه وأقر ببيعه لإسرائيل أكثر نم ٨٠٠ نشرة سرية وأكثر من ١٠٠٠ رسالة وبرقية تضم معلومات استخباراتية هامة وحساسة.