الجمعة 9 أكتوبر 2015 / 17:27

لماذا يتحدثون هكذا.. ونتحدث هكذا؟

ليس لديَّ عقدة الخواجة، ولست من هواة جلد الذات، ولكن هناك مواقف تحيرني، بسبب البون الواسع في الثقافة بيننا وبين كثير من بلدان العالم، في مجالات لا يُفترض أن تكون الفروق شاسعة فيها.

وسأبدأ هنا بالمجال الرياضي، وبالمناسبة لا أنظر لطرق اللعب، أو سأحلل لماذا يسبقوننا في الأداء، فقد توقفت تقريباً عن التفكير في مثل هذه الأمور، التي تبدو قديمة من فرط استهلاكها، ولكنني أتحدث عن طرق التعبير في هذا المجال، والمناوشات التي تحدث بين اللاعبين والمدربين داخل وخارج الملعب، انظر إلى لغتهم ولغة لاعبينا ومدربينا، وستشعر فوراً بأن هناك فلسفة ما لكل شخص يتحدث، فيما يغرف لاعبونا ومدربونا من نفس الإناء.

معظم العاملين في هذا المجال يعلقون أحياناً فشلهم على شماعة التحكيم، على أرضية الملعب، يسخرون من خصومهم، أو يشيدون بهم، يمارسون الحرب النفسية ضد بعضهم البعض، ولكن ما يختلف هو الطريقة التي يعبر بها كل منا عن نفسه. اللاعب الصغير هنا يتحدث مثل اللاعب الكبير بجمل متوارثة منذ بدايات القرن الماضي.

هنا يقول رئيس ناد: سأعيده إلى مكان عليه حينما كان يرتدي الشبشب، هنا يقول مدرب: إجهاد اللاعبين خلف الخسارة، سوء التحكيم أهدى المنافس الفوز، الهدف الأول للمنافس أربكنا، لم نكن في يومنا، الكرة مكسب وخسارة (يا سلام)، بالطبع ينسى (وتعادل)، هنا اللاعب يقول: أهدي هذا الفوز العريض للجمهور، ينطقها بفتح الجيم (جَمهور)، لا يصح أن نضايق هذا الجمهور العريض، وغيرها وغيرها، من المفردات والجُمل التي يرضعها الجميع من الجميع، فهل هي صياغة محرري وكالات الأنباء العالمية؟ لا، لأننا نشاهد هؤلاء اللاعبين والمدربين في الفضائيات يقولون ما يكتبه الصحفيون، كما نشاهد نظراءهم في العالم يتحدثون بطريقتهم. هنا أترككم مع مقولات أحبها، لتعرفوا الفارق بين الجانبين.

باتريس إيفرا: "أحب نفسي طوال الوقت. قد يبدو هذا غروراً، لكنني في الأوقات الصعبة لا أحب انتقاد نفسي".

سرخيو روميرو بعد مباراة الأرجنتين وإيران عن ميسي: "أحمد الله أن القزم فرك المصباح في النهاية".

خليولوزيتش: "أفراد الدفاع البلجيكي لا يمكن اعتبارهم مثل سيارات الفيراري، فبعض اللاعبين مثل سكودا".

ميسي: "أنا لست بحاجة إلى أفضل تسريحة أو أفضل جسم. فقط أعطني الكرة في قدمي وأنا سأريك ما يمكنني القيام به".

إبراهيموفيتش عن عدم تأقلمه مع برشلونة: "فريق برشلونة اشترى سيارة فيراري، ولكنه قادها مثل السيارة الفيات".

مورينيو عن مدرب اليوفنتوس السابق كلاوديو رانييري: "لقد درست الإيطالية لخمس ساعات يومياً لعدة أشهر للتأكد من قدرتي على التواصل مع اللاعبين، وسائل الإعلام والجماهير، أما بالنسبة لكلاوديو رانييري فعاش في إنجلترا خمس سنين وما زال يعاني ليقول: صباح الخير، ومساء الخير. لم يفز سوى بكأس للسوبر وكأس صغيرة، ولم يفز أبداً ببطولة كبيرة. قد يحتاج إلى تغيير تفكيره لكنه عجوز جداً ليفعل ذلك".

والآن أعيدكم إلينا. بعد مباراة مصر مع منتخب إيطاليا التي حققنا فيها المستحيل وفزنا على بطل كأس العالم وقتها بهدف. سألت المذيعة المدير الفني الأسبق للمنتخب الوطني: كيف فزت على إيطاليا؟ لم يفكر شحاتة، وقال ببساطة وباختصار: "ده كلام كبير قوي"!

ولكن هل هذه الهرتلة لدينا نحن فقط؟ انظر إلى تلك المقولة الغبية للألماني لوكاس بودولسكي: "كرة القدم تشبه لعبة الشطرنج بشكل كبير و لكن بدون الزهر". لقد حاول أن يقول شيئاً ما وخانه التوفيق، ولكنه على الأقل حاول، فهل نحاول؟