الإثنين 2 نوفمبر 2015 / 20:47

يوم العلم

اليوم الثلاثاء الموافق الثالث من نوفمبر، يوم الرفعة والشموخ، فبأي قلم أكتب؟ الأحمر؟ أم الأبيض؟ أم أكتب بالأخضر، وأضلله بالأسود؟ هي ألوان تزهو في سماء المجد على شكل مستطيل يحمل في محتوى ألوانه الكثير من المعاني التي لا يجهلها كل من يعيش على ترابه الطاهر، وتعبر عن ربوع وطننا وجماله، وعن نقاء قلوبنا وصفائها، وعن رؤوس جبالنا وشموخها، وعن تضحيات من قبل الأجداد واصل مسيرتها الأبناء، وستُواصل من بعدها أجيال تنبض عروقها بحب هذا الوطن. إنها الوان علم دولة الامارات العربية المتحدة.

رمزنا وعلمنا وشعار مجدنا, خصص له حكام الإمارات هذا اليوم، بأمر سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله ورعاه، ليرتفع أكثر ويعانق السماء كما تعانق أرواحنا المجد عند رؤيتنا له يُرفرف شامخاً، وهذا أقل من قدره، ولو كان بوسعنا لصعدنا بهذا العلم إلى ما خلف المجرة، ورفعناه على كل قمة.

أشعر بالفخر عندما أرى علمي على المنازل مرتفعاً، يعبّر من خلاله أصحاب المنازل عن حبهم لهذا الوطن. ولقدسية العلم أو الرمز في ديننا الحنيف شيء كثير، ولعل في قصة الصحابي الجليل جعفر الطيار (جعفر ابن أبي طالب) رضي الله عنه احتراماً لقدسية الراية، ففي معركة مؤتة رفض جعفر ترك الراية بعد قطع يده اليمنى، فبادرها بيساره، وقطعت يساره، فمسكها بعضديه، إلى أن استشهد رضي الله عنه، وفي هذا أمر جميل يعلمنا كيف نحافظ على رايتنا ورمزنا, وبعيداً عن قدسية العلم في الإسلام, هناك قدسية في نفوسنا بالفطرة، عندما نرى هذا العلم يرتفع على السارية فنشعر بالفخر، حتى مع مصابنا الجلل ورؤيتنا لشهدائنا الأبرار رحمهم الله وهم محمولون على الأكتاف ليواروا مثواهم الأخير، عندما ننظر إلى العلم نشعر بالاعتزاز.

علمي أنت الظل الذي يتظلل به أبناء شعب الإمارات العربية المتحدة, علمي شرف هذا الوطن وأمنه واستقراره مرهون برايتك الخفاقة, أنت الذي نعمل لأجل أن تبقى عالياً، أنت الذي روى ساريتك أبناء هذا الوطن بدمائهم العطرة، يا علمي لو أردت الحديث عن محبتك لما وسعت صحائف العالم بأسره، ولو عملت بحبك لما انتهيت، لكنني أعدك أن نبقيك عالياً مرتفعاً وسنبقى نعمل لأجلك.

وفي السياق، تحضرني قصة طريفة فعلها أحد الأشخاص عندما كان الجيش الإنجليزي في الإمارات، ورغم عدم توحد العلم، إلا أن فطرته الطبيعية لحب الراية والعلم دفعه إلى فعل هذا الأمر، عندما رفض ضابطه منحه إجازة، ذهب إلى منزله وتغيب، وعندما عاد أراد الضابط محاكمته، فقال له لماذا تحاكمني ولم أتغيب، فقال له من الذي منحك إجازة؟ قال شخص أعلى منك فقال من؟ قائد الوحدة؟ فقال الرجل لا أعلى بكثير، والقائد مستمر في تعدد الرتب، والرجل مستمر في إجابته، منحني إياها ذو رتبة أكبر، إلى أن وصل الضابط لمرتبة الملكة، فقال له بسخرية هل الملكة منحتك الإجازة؟ فردّ الرجل لا أكبر منها، إنه العلم! وقفت أمامه وشكوت له حالي فرف ثلاث مرات وأخذت ثلاث أيام! فضحك الضابط وقال له إذاً سأعتبر تغيبك إجازة! وبالرغم من أنها قصة قد تكون صحيحة أو غير ذلك، إلا أن فيها من احترام العلم وحبّه الشيء الكثير، ودليل واضح بأنه مرتبط بالفطرة الإنسانية، والحفاظ عليه واجب على كل من يدين لوطنه بالولاء.. حفظ الله دولتنا وعلمنا وقادتنا وشعبنا.. اللهم آمين.