تعبيرية (24)
تعبيرية (24)
الإثنين 25 سبتمبر 2017 / 15:50

قطر: الكتاب الأسود| تكرار السيناريو الليبي في سوريا.. وأكذوبة "الحصار" (2)

أصدرت لجنة البحوث في المركز العربي الأوروبي لمكافحة التطرف في باريس، دراسة تحت عنوان "قطر: الكتاب الأسود". وعرضت الدراسة التي أعدها فريق من الباحثين، تحليلاً مكثفاً عن دور دولة قطر في دعم الإرهاب، مظهرة التعاون الكبير الذي يجمع قادة قطر بتنظيم الإخوان الإرهابي، وكيف دعم الإعلام القطري باستخدام أذرع الإرهاب الإخوانية يوسف القرضاوي وقناة الجزيرة، في بث الفكر المتطرف في شتى أنحاء العالم.

بدأ الطموح القطري لتكرار السيناريو الليبي في سوريا بالتعاون في بادئ الأمر مع الفرنسيين كون الولايات المتحدة عهدت بالملف السوري للطرف التركي في بداية الأحداث. تكفل حمد بن جاسم بإدارة الملف مباشرة وتم التوافق مع الجانبين الفرنسي والتركي على إعادة السيناريو الليبي من تشكيل "مجلس انتقالي" وتغيير علم الثوار وتشجيع الانشقاق من الجيش ووظائف الدولة والتطبيع مع فكرة "النظام السوري لا يفهم إلا لغة القوة"

وهنا الحلقة الثانية من الدراسة التي تتحدث بالتفصيل، عن محاولات تكرار السيناريو الذي اتبعه "الحمدان" لإسقاط ليبيا في سوريا، وموقف حكام قطر من قرارات الجامعة العربية بالعقوبات على الأسد، وتداعيات قطع أربع دول عربية علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وأكذوبة "الحصار" المزعوم.

قطع العلاقات، العقوبات وأكذوبة "الحصار"؟؟
في أوج ما سمي بالحقبة القطرية، وبعد إدارة "الحمدين" (ابن خليفة وابن جاسم) لغطاء عربي لتدخل الناتو في ليبيا، جاء الدور على سوريا. كانت القيادة القطرية نسقت التدخل في ليبيا مع الرئيس الفرنسي ساركوزي وعرابه برنار هنري ليفي والمخابرات المركزية الأمريكية والسفير الأمريكي في ليبيا. ثم لم تلبث بعد تواجدها على الأرض، أن عززت شبكة اتصالاتها مع الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية العائدة من أفغانستان. في محاولة خبيثة لإيجاد موطئ تأثير دائم في البلاد من أطراف تضمن ولاءها.

سيناريو ليبيا في سوريا
بدأ الطموح القطري لتكرار السيناريو الليبي في سوريا بالتعاون في بادئ الأمر مع الفرنسيين كون الولايات المتحدة عهدت بالملف السوري للطرف التركي في بداية الأحداث. تكفل حمد بن جاسم بإدارة الملف مباشرة، وتم التوافق مع الجانبين الفرنسي والتركي على إعادة السيناريو الليبي من تشكيل "مجلس انتقالي" وتغيير علم الثوار وتشجيع الانشقاق من الجيش ووظائف الدولة والتطبيع مع فكرة "النظام السوري لا يفهم إلا لغة القوة" وشعارات القطيعة مع الوسائل السلمية للمقاومة والتغيير مثل: "لا حوار ولا تفاوض، يجب الانتقام من جيش يقتل الأطفال ويغتصب النساء، نصرة الشعب السوري واجبة على كل مسلم". ثم بعدها المطالبة بتدخل الناتو وإقامة مناطق عزل جوي وتسليح المقاتلين ودعمهم بمقاتلين غير سوريين والدعم المالي والسياسي للمعارضة السياسية الجالسة تحت هذه الخيمة في إسطنبول واعتبار كل من يرفض التسلح والتدخل الخارجي وقرار من مجلس الأمن يضع سوريا تحت الفصل السابع، عدواً للثورة ومتواطئ مع النظام السوري.



يقول حمد بن جاسم في مقابلة تلفزيونية مع رشا قنديل على قناة بي بي سي: "نحن لم نقل بأننا نريد نظاماً ديمقراطياً، لأن المشكلة قتل شعوب، يُقتل 600 ألف نتدخل".

هل من الضروري التذكير، أنه عندما تدخل حمد بن جاسم كان عدد الضحايا 3670 مواطناً سورياً أكثر من مئة وخمسين منهم من الشرطة والجيش، وكان عدد ضحايا التدخل في ليبيا قد جاوز 54 ألف ضحية؟

العقوبات على الأسد
أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر حمد بن جاسم بنفسه في مؤتمر صحفي يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 أن وزراء الخارجية العرب أقروا في اجتماع طارئ بالقاهرة فرض عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية ضد سوريا، فيما يلي القرار رقم 7442 الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة بشأن متابعة تطورات الوضع في سوريا نقلاً عن الموقع الإلكتروني الرسمي لجامعة الدول العربية.

1- منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم في الدول العربية على أن تقوم اللجنة الفنية التنفيذية (المشار إليها في الفقرة العاملة رقم 13 من هذا القرار) بتحديد أسماء هؤلاء الشخصيات والمسؤولين.

2- وقف التعامل مع البنك المركزي السوري.

3- وقف التبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية باستثناء السلع الاستراتيجية التي توثر على الشعب السوري.

4- تجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية.

5- وقف التعاملات المالية مع الحكومة السورية.

6- وقف جميع التعاملات مع البنك التجاري السوري.

7- وقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من قبل البنوك المركزية العربية مع البنك المركزي السوري.

8- الطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية، باستثناء الحوالات المصرفية المرسلة من لعمالة السورية في الخارج إلى أسرهم في سوريا، والحوالات من المواطنين العرب في سوريا.

9- تجميد تمويل إقامة مشاريع على الأراضي السورية من قبل الدول العربية.

10- فيما يتعلق برحلات الطيران من وإلى سوريا، تقوم اللجنة الفنية التنفيذية بتقديم تقرير خلال أسبوع من تاريخ صدور هذا القرار إلى اللجنة الوزارية المعنية بالوضع في سوريا لتحديد موعد وقف رحلات الطيران من وإلى سوريا.

11- تكليف الجهات التالية لمتابعة التنفيذ كل فيما يخصه:

- الهيئة العربية للطيران المدني.
- صندوق النقد العربي.

12- لا تشمل هذه العقوبات المنظمات العربية والدولية ومراكز الجامعة وموظفيها على الأرض السورية.

13- تشكيل لجنة فنية تنفيذية من كبار المسؤولين والخبراء برئاسة دولة قطر وعضوية كل من: المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والمملكة العربية السعودية وجمهورية السودان وسلطنة عمان وجمهورية مصر العربية والمملكة المغربية والأمانة العامة، تكون مهمتها النظر في الاستثناءات المتعلقة بالأمور الإنسانية والتي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشعب السوري، وكذلك المتعلقة بالدول العربية المجاورة لسوريا، كما تقوم أيضاً بوضع قائمة بالسلع الاستراتيجية وفقاً لمعايير محددة وتحديد قائمة أسماء كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين المشار إليهم في الفقرة العاملة رقم (1) من هذا القرار، وتقديم تقارير دورية إلى مجلس الجامعة عبر اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا.

14- إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع.

أكذوبة الحصار المزعوم
قال الدكتور عبد العزيز الخير، (المعتقل من أجهزة النظام السوري منذ 20 سبتمبر 2012) لوزير الدولة القطري للشؤون الخارجية يومها خالد العطية في العاصمة المصرية، أن هذه القرارات لن تؤثر على النظام وإنما على المواطن السوري. فأجابه: القرارات الأقوى ستكون من مجلس الأمن وتحت الفصل السابع. فأخبره عبد العزيز بأن صديقه هيثم مناع عائد للتو من جنيف وأعلمه دبلوماسي روسي بأن "الفدرالية الروسية لن تقع بالفخ الليبي مرتين، ولو تطلب الأمر عشرين فيتو"، فمد يده يشير بها إلى أنه سيشتري الموقف الروسي. (عن كتاب سامي كليب، الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج، الحرب السورية بالوثائق السرية، دار الفارابي، بيروت 2016، الطبعة الثالثة، ص 278 وما بعدها)



هذه الرجعة لقبل سنوات ست ضرورية لتذكير السيد حمد بن جاسم ومن تولى المسؤولية من بعده بأن القرارات التي اتخذتها أربع دول عربية بحق دولة قطر لا تقع في إطار ما يسمى بالحصار، وكذلك فهي ليست سابقة في المنطقة العربية والعلاقات الدولية، وأنه بنفسه كان مهندس قرارات أكثر قسوة وتأثيراً على بلد عضو في الجامعة العربية. وهو نفسه الذي وعد وزير الخارجية الفرنسي بالتعويض على أية دولة أوروبية تقطع علاقاتها الدبلوماسية وتطبق العقوبات على سوريا بدفع التعويضات المالية لها من أموال قطر.

لعل في قرار فتح قناة خاصة بليبيا من الدوحة وقناة مصر مباشر التابعة للجزيرة والاختيار الممنهج للعناصر الإخوانية في برامج ونشرات الأخبار في الجزيرة، وزيادة على ذلك: قرار حجب بث القنوات الفضائية السورية في 2 يونيو (حزيران) 2012 من البث على عربسات ونايلسات، الذي اتخذ بضغوط من الخارجية القطرية كما يؤكد مسؤول رفيع في الجامعة العربية وقتها، ما يعطي صورة على "حرص"
الحكومة القطرية على "حرية التعبير" و"الحق بالرأي والرأي الآخر" الذي تتحدث عنه منذ عقدين من الزمن. هذا ناهيكم عن الإشراف المباشر لضباط قطريين على تدريب عناصر جهادية في ليبيا للتوجه من شمال إفريقيا إلى "ساحة الجهاد في بلاد الشام" عبر الأراضي التركية.

الحصار في القانون الدولي، إجراء عقابي وشكل من أشكال إعلان الحرب يتمثل بالمحاصرة المائية الكاملة ومنع استخدام أجواء البلاد في المالحة الجوية ومنع دخول وخروج المواد الغذائية والطبية وحركة البشر خارج حدود وطنهم. (مثل غزة هو مثل معبر وصارخ على الحصار). فما معنى المقارنة والطائرات التركية تحمل الجنود إلى قطر والسفن والطائرات تنقل ما تحتاجه من مواد بما في ذلك العسكرية؟



الإجراءات المتخذة من الدول الأربع تقع ضمن القرارات السيادية لهذه الدول. وهي تشكل جزءاً من الإجراءات التي اتخذت أكثر من 52 مرة بين البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة منذ 1965 حتى اليوم ولم يصدر فيها قرار أو موقف أو إدانة قانونية أو تعويضات. لأن الدول، وليس المجتمعات المدنية والحقوقية، هي التي تحدد، في النظام الدولي السائد، قواعد الاتصال والانفصال في علاقاتها البينية وليس الشعوب.

من هنا تأتي ضرورة وضع الأصبع على الجرح، وتناول الملف الأهم في هذه القضية، وهو ملف دعم الحكومة القطرية للإرهاب والتطرف ومتابعة النتائج التي ترتبت على هذا الدعم، وانعكاسات هذا الدعم على حقوق الإنسان والأمن الإقليمي والدولي.