الداعشية البريطانية شميمة بيغوم (أرشيف)
الداعشية البريطانية شميمة بيغوم (أرشيف)
الجمعة 22 فبراير 2019 / 19:39

داعشيات

العجلة الداعشية بأسرها كانت تتحرك بوقود من كراهية واحتقار النساء لذواتهن، بحسب حكاية الأرملة إيمان موزاييفا

أتفهّم موجة الغضب العارمة التي قُوبلت بها رغبة "الدعشونة" التي لا تتجاوز الـ19 من العمر شميمة بيغوم في العودة إلى بلدها بريطانيا، بعدما صالت وجالت على مدار 4 سنوات في ميادين جهاد النكاح مع مقاتلي داعش.

كما أتفهّم الشعور بالحسرة والصدمة في قلوب آلاف المتفرجين الصامتين، الذين يتخيلون أنه لو دارت بهم عقارب الزمن إلى الوراء، لتمكّنوا من فعل اللازم لإنقاذ هذه الطفلة البنغالية الأصول من الميول الدينية المتشددة التي مهدّت لها الطريق لترك دفء سريرها، والنفير إلى أسرّة سوريا والعراق.

ولكن بينما رحت أقرأ قصة شميمة، شعرت بأن الوسطية الدينية لم تكن المرساة الوحيدة التي كان من شأنها أن تنقذها من جنون داعش.

فمن اللافت أنه حينما فتحت "بي بي سي" في حوارها مع شميمة ملف السبايا الأيزيديات، لم يرفّ لها جفن لبنات جنسها اللاتي يتعرضن لأهوال الاختطاف والاغتصاب، بل اكتفت بتخفيف وقع الاتهام على دواعشها المبجّلين، قائلة إن الشيعة في العراق يفعلون الأمر ذاته!
وليست شميمة وحدها من جاهدت بمزيج من التطرف الديني، و"المسوجينية" المتأصلة في داخلها ضد ذاتها وجنسها.

فسبقتها الكندية درة أحمد، والتي حينما استجوبتها "سي إن إن" عن موقفها من المعاناة التي مرّت بها الأيزيديات، إذ تعرّضت 4800 من نساء وأطفال الطائفة للاختطاف، ردت ببرود تُحسد عليه، "حسناً، إن امتلاك السبايا جزء من الشريعة، وأنا أؤمن بالشريعة".

ويبدو أن العجلة الداعشية بأسرها كانت تتحرك بوقود من كراهية واحتقار النساء لذواتهن، بحسب حكاية الأرملة إيمان موزاييفا.

ففور مصرع زوجها المقاتل، صار باب منزلها يستقبل ما لا يقل عن 8 طلبات للزواج في اليوم. والكثير من طلبات الزواج كان من نساء يرغبن في "انتداب خدماتها" كزوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة لأزواجهن، ليلبّين بذلك رغبات أبي القعقاع وأبي البراء –أو أياً ما كانت أسماؤهم- في امتلاك زوجة شيشانية بمقاييس جمالية محددة تعكس المركزية الأوروبية.
ولا أشعر بالحاجة لسردها أمامكم، وإلا صرت شريكة في جريمة تسليع بنات جنسي.

لا يستطيع أحد منا أن ينكر بأن اتخاذ مجرى آخر في التربية الدينية لأي من هؤلاء الفتيات، ربما كان بإمكانه أن يجنبهن المصير العسير الذي انتهى المطاف بهن فيه، ويحملهن إلى بر الأمان أينما يكون ذلك.

ولكن ماذا لو أن عقولّهن كانت قد لُقّحت منذ عمر صغير بشيء من الأفكار النسوية أيضاً التي تصرّ على حفظ كرامة واستقلالية وحرية الأنثى في الاختيار؟

لا يهم حينها ما إذا كانت الأبوية البطريركية ستأتي إليهن في شكل رجل دين ملتح يهدد بالنار والعذاب، أو في شكل العجوز المؤسس لمجلة "بلاي بوي" إذ يغريهن بالشهرة واللهو، فستكون قد صارت لديهن مناعة لا بأس بها ضد أي محاولة لجعلهن أداة أخرى معدومة الإرادة.