رسم للمنطقة الآمنة المفترضة في سوريا (أرشيف)
رسم للمنطقة الآمنة المفترضة في سوريا (أرشيف)
الخميس 9 مايو 2019 / 14:50

منطقة آمنة في سوريا ليست شأناً أمريكياً

بعد أشهر من معارك ضارية وغارات جوية ضد مقاتلي داعش الذين تحصنوا في قرية الباغوز السورية، حرّرت في الشهر الماضي، آخر بقعة صغيرة كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي. وتحولت دولة داعش المزعومة التي بلغت مساحتها ما يقارب مساحة المملكة المتحدة، إلى ركام ورماد، وأرسل مقاتلو داعش المنهكون إلى معسكرات اعتقال.

المنطقة العازلة غير ضرورية إطلاقاً للأمن القومي الأمريكي، بل، في الواقع، ستعود بنتائج عكسية – عبء إضافي على الجيش الأمريكي

ومع تحقيق ذلك الهدف العسكري، كان يفترض، برأي دانييل دي بيتريس، زميل لدى معهد "ديفينس برايوريتيز"، بدء انسحاب كامل غير مشروط للقوات الأمريكية من سوريا. فقد كان الهدف من تدخلها هو القضاء على داعش. ولكن عوضاً عن الاعتراف بنجاح المهمة، وإعادة نشر القوات الأمريكية في سوريا، كما تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر( كانون الأول) 2018، وافق ترامب بناء على رغبة مستشاريه، على التزام عسكري مفتوح في الشرق الأوسط، ولا علاقة له بأمن الولايات المتحدة.

مهمة غير ضرورية
ووفق ما عرضه دي بيتريس، ضمن موقع "نيوزويك"، منذ ذلك الحين، انخرط ترامب في محادثات مع تركيا من أجل إنشاء منطقة عازلة عرضها 36 كيلومتراً على طول الحدود الشمالية الشرقية بين سوريا وتركيا. ولأن حلفاء وشركاء واشنطن، بمن فيهم بريطانيا وفرنسا- امتنعوا عن الاشتراك في هذا المشروع، ولم يقدموا سوى القليل من المساعدة، اختار الجيش الأمريكي أخذ تلك المهمة غير الضرورية على عاتقه لوحده.

ويرى كاتب المقال أن تلك المنطقة العازلة غير ضرورية إطلاقاً للأمن القومي الأمريكي، بل، في الواقع، ستعود بنتائج عكسية – عبء إضافي على الجيش الأمريكي.

إلى ذلك، يرى الكاتب وجوب استغلال واشنطن أية فرصة من أجل سحب نفسها من منطقة تتراجع أهميتها بازدياد بالنسبة لأمن أمريكا وازدهارها الاقتصادي. وعوضاً عنه، تؤدي تلك المحادثات لجعل التورط الأمريكي غير المبرر أكثر ديمومة.

وحسب الكاتب، هناك عادة تدمير ذاتي بين أعضاء الحزبين الرئيسيين في العاصمة الأمريكية، وتقضي بتمديد أمد مهمات لما بعد تحقيق أهدافها الأصلية، ولدرجة تجعلها عديمة الجدوى.

وبرأى دي بيتريس، يعد خيار المنطقة الآمنة في سوريا مثالاً نموذجياً لهذه الظاهرة. فمع مرور الوقت، واستمرار توسع المهمة، سيجد الشعب الأمريكي صعوبة في تحديد سبب تدخل واشنطن في المقام الأول. وفي الوقت نفسه، تتبدد مليارات الدولارات من جيوب دافعي الضرائب في مناطق غير ذات أهمية استراتيجية.

دور الحَكَم
إلى ذلك، يعتقد الكاتب أن لا فائدة للأمن القومي الأمريكي في أن تلعب الولايات المتحدة دور الحكم بين الجيش الأمريكي والأكراد السوريين، وهما قوتان بينهما عداوة تعود لعشرات السنين. ورغم أن كلا الجانبين شركاء للولايات المتحدة، لا يمكن – ولا يفترض - تسوية خصوماتهما على يد أمريكيين آتين من ولايات عدة. ويضاف إليه، ليست العداوة التركية – الكردية مشكلة أمريكية، بل يجب أن تعالج على يد دول في المنطقة ذات مصلحة أكبر في تسويتها، ولديها فهم أوسع بتفاصيلها. وستبقى موارد وقوة الولايات المتحدة استثنائية في الشرق الأوسط، بغض النظر عمن ينتصر في هذا الصراع على السلطة.

وبرأي كاتب المقال، فيما يحاول بعضهم جعل التدخل الأمريكي في هذا الصراع قضية أخلاقية، من الخطأ مطالبة عسكريين أمريكيين بالمخاطرة بأرواحهم في سبيل مهمة لم تناقش في الكونغرس، وتفتقر لوضع نهائي سياسي واضح، وبعيدة عن الهدف الأوسع بشأن حماية الشعب الأمريكي من الإرهاب العابر للحدود.

وحسب الكاتب، عوضاً عن إيهام الشعب الأمريكي بأن كل مشكلة في العالم يتعين على أمريكا حلها، يفترض بصناع السياسة في واشنطن أن يحددوا الأولويات الدفاعية المناسبة استناداً لما يهم فعلياً للولايات المتحدة.