طلال حمية (أرشيف)
طلال حمية (أرشيف)
الأحد 21 يوليو 2019 / 14:01

"طلال حمية".. صديق "عماد مغنية" الخائف من رفاقه في حزب الله

لا يختلف اثنان من متابعي أجهزة "أمن" حزب الله، على الدور المحوري لعماد مغنية في تأسيس الجهاز السري، بفروعه كافة الداخلية والخارجية.

ومن المعروف داخل الحزب أن المقربين من عماد هم من يديرون "الأجهزة" ويدبرون عمليات الاغتيال، والخطف، وهم في مواقعهم لأنهم موثوقين من مغنية، وأبرزهم حسن نصرالله وزينب عياش وطلال حمية ومصطفى بدر الدين وحسين عنيسي وسليم عياش وغيرهم.

وفي الجهاز الخارجي، يوجد طلال حمية، أحد العابرين في الجبهة الشعبية القيادة العامة فرع المخابرات السوري في المنظمات الفلسطينية، وعمل أيضاً مع حركة فتح حيث التقى عماد مغنية، ووجده متناسبً مع أفكاره، وقادراً رغم عمره الصغير على تأمين شبكة علاقات واسعة فلسطينياً ولبنانياً، للعمل بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 على تأسيس حالة إسلامية شيعية موحدة عسكرياً التقت مع مجموعة أخرى فتحاوية من الشيعة اللبنانيين "المثقفين"، فتحت علاقة خاصة مع "الخمينية" الإيرانية، عبر زيارة إلى طهران لتأمين التمويل لتأسيس تنظيم سياسي عسكري.

وطلال حمية "أبو جعفر"، ولد في بداية الستينات، وانطلق نشاطه من منطقة الشياح وصولاً إلى برج البراجنة بقضاء بعبدا بمحافظة جبل لبنان المعروفة بالضاحية الجنوبية.

وجمع طلال حمية وعماد مغنية مجموعتهما الرئيسية من أمل الإسلامية (المنشقة عن حركة أمل بقيادة نبيه بري)، وحزب الدعوة الإسلامي في لبنان وفرق الانتحار الحسينية (أبرز أعمالها تفجير جريدة بيروت واغتيال الشاعر موسى شعيب) وجند الله واتحاد الطلاب المسلمين.

كما عملا على تأمين غطاء ديني لحركتهم، فالتفا حول السيد محمد حسين فضل الله في مسجد بئر العبد. أما عسكريا، فكان غطاءهما الحرس الثوري الإيراني، بهيئته الأولى الموروثة عن جهاز "السافاك" من أيام الشاه.

وصل الحرس الثوري إلى البقاع اللبناني خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وسيطر عبر المخابرات السورية على ثكنة الشيخ عبدالله التابعة للجيش اللبناني قرب مدينة بعلبك، وبدأ عمليات تدريب أمني وعسكري، كان طلال حمية منسقها بسبب خبرته السابقة مع حركة فتح وأمن الـ 17.

وبعد أشهر من التأسيس ابتعد طلال عن التنسيق مع الحرس الثوري بشكل مباشر، واختفى عن واجهة العمل الحزبي اليومي، وبدأ بتأسيس الفرع الخارجي لحزب الله، فيما غرق عماد مغنية وآخرين بتأسيس التنظيم الحزبي وأجهزته الاقتصادية والسرية الداخلية.

وتفرغ حمية للعمل "الأمني"، رغم أنه كان موظفاً في مطار بيروت، وبدأ توسيع نشاط الجهاز الذي يقوده، وتواصل مع أقرباء له يعملون في دول أمريكا اللاتينية، ليبدأ العمل لتأسيس مجموعة، تتحرك في المثلث الحدودي الذي يربط البرازيل والأرجنتين وباراغوي في التجارة، وتهريب البضائع والمخدرات وتبييض الأموال.

وفي الخليج، تواصل مع مصطفى بدر الدين وأسسا في الكويت مجموعة قامت بعدد من التفجيرات استهدفت أمير البلاد، حيث اعترف بدر الدين بدوره في التفجيرات وسجن، ولكن الاجتياح العراقي الذي قاده صدام حسين، أدى إلى خروج بدر الدين من السجن، وتهريبه إلى بيروت عبر إيران، باتفاق بين مخابرات البعث العراقي والحرس الثوري.

في جنوب أمريكا، استطاع حمية أن يؤسس شبكة كبيرة تسيطر على مواقع مهمة في "المثلث" الأمريكي، وأرفدها من بيروت بشبان يبحثون عن عمل، دربهم قبل إرسالهم، وهي الشبكة التي عمل معها سلمان رؤوف سلمان الرضا، الذي فجر عام 1994الجمعية اليهودية في بيونس ايرس، وهي نفسها التي انطلقت إلى أمريكا الشمالية وأسست شبكات مالية تعمل بتهريب المخدرات والمال في سيارات إلى لبنان عبر دول أفريقية.

وبحكم مسؤولية حمية عن الخلايا النائمة في الخارج، قام بتفعيل جهاز تنفيذ العمليات في أميركا الجنوبيّة والشمالية وأوروبا وأفريقيا والعراق ودول الخليج، التي تشكل حاضنة لحزب الله وتلعب الدور الأبرز في مخططات سرية وعمليات اغتيال ترتكبها.

وقدم طلال حمية استقالته من مطار بيروت منتصف الثمانينات بعد خطف مغنية للطائرة الأمريكية ومقتل أحد الأمريكيين فيها، حيث شارك طلال في الحصول على مانيفيست الموجودين فيها، وأدخل السلاح إلى مغنية ورفاقه، وشارك بالاختطاف كما يؤكد عدد من الموظفين في المطار.

ويذكر أن التعبئة الأمنية الخارجية في حزب الله التي يقودها حمية معروفة باسم الشعبة 910، وهي المسؤولة عن عمليات عديد في بانكوك وبلغاريا وفرنسا وصولاً إلى أستراليا، سبقها في عام 1992 تفجير السفارة الإسرائيلية في العاصمة الارجنتينية أيضاً، والتي أتت رداً على اغتيال إسرائيل للأمين العام الأسبق لحزب الله السيد عباس الموسوي في بلدة تفاحتا في جنوب لبنان، الاغتيال الذي تم بمساعدة داخلية من حزب الله.

واغتيال مغنية في فبراير (شباط) عام 2008 دفع حمية إلى تغيير حياته بالكامل، ترك عائلته التي تسكن في الضاحية الجنوبية، وسكن وحيداً لا يتحرك معه أي مرافقين، حيث علم أن المخابرات الإسرائيليّة تغلغلت عميقاً في حزب الله، وتخوف من أن يصبح هدف الاغتيال بعد مغنية.

ويشكك حمية (بحسب ابنه في جلسة مع رفاقه من أبناء المسؤولين بحزب الله) بكل قيادة الحزب، فهو يتخوف منهم، لأن معظمهم مخترقون من أجهزة مخابرات أبرزها "الموساد" الإسرائيلي، وسبب خوفه ينبع من شكه بأن اغتيال مغنية لم يكن ليحصل لولا وجود خرق كبير جداً داخل أجهزة حزب الله وقيادته، ولذلك انقطع عن اللقاء بهم، وتفرغ لمجموعاته الخارجية للقيام باعتداءات وجمع المال.