رئيس منظمة كير نهاد عوض متحدثاُ (أرشيف)
رئيس منظمة كير نهاد عوض متحدثاُ (أرشيف)
الأحد 21 يوليو 2019 / 16:16

"منظمة كير".. استعمار تركي بتمويل قطري

24 - إعداد - أحمد إسكندر

في ديسمبر 2016 صنفت دولة الإمارات العربية المتحدة ما يعرف بمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "منظمة كير" كياناً إرهابياً، الأمر الذي وجه ضربة قاسمة لتنظيم الإخوان الإرهابي الذي تعمد نشر حبائله عالمياً من خلالها وعبر هيئات ومنظمات أخرى عديدة تتبنى النهج الإسلامي شكلاً وتخفي الأطماع السياسية من وراء ذلك مضموناً.

اتضح تأثير منظمات مشبوة في تشكيل السياسات العامة على مستوى دول ولا يمكن إغفال تأثير مثل هذه المنظمات وتوغلها في المجتمعات العربية

أسابيع قليلة فصلت بين قرار الإمارات باعتبار منظمة العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" كياناً إرهابياً ليصرح الرئيس الأمريكي الجديد في ذلك الوقت دونالد ترامب، نيته اعتبار تنظيم الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وبرز اسم كير مرة أخرى للدفاع عن التنظيم الإرهابي، ومحاولة عرقلة هذا القرار بحكم علاقاتها المتشعبة في العاصمة الأمريكية واشنطن، وتحدثت تقارير عن تحرك واسع للمنظمة الكبيرة لإقناع عدد من المسؤولين الأمريكيين بعرقلة هذا القرار.

أخطبوط دولي

المعلومات المتوفرة عن منظمة العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" تشير إلى أنها مؤسسة تدعي أنها متخصصة في الدفاع عن الحقوق المدنية وحريات المسلمين الأمريكيين أو الأجانب، أنششئت في 1994 وتتدخل في تنظيمات الإدراية مع العشرات من المنظمات والهيئات الدولية من خلال شبكة أخطبوطية تجمع بين قيادات بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.

وتشير تقارير غربية إلى أن تلك المنظمة يسيطر عليها تنظيم الإخوان الدولي منذ إنشائها من خلال التمويل والأشخاص الذين يتولون إدارتها، وتعد المنظمة أحد المراكز المهمة للإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية وتتوجه من خلالها إلى دول أوروبا كافة.

وتولى قيادة المنظمة عدد من النشطاء السياسيين المعروفين بولائهم لجماعة الإخوان أبرزهم الناشط الفلسطيني نهاد عوض الذي يتولى منصب المدير التنفيذي للمنظمة أما القائد الثاني الذي تم تداول اسمه بصورة كبيرة فهو أحمد سليم المدير بالمنظمة، وذلك بعد أن تحدثت وسائل إعلام أمريكية منذ أشهر عن اعتقاله ضمن حملة ضد واحدة من أكبر الشبكات التي تدعم وتمول دعارة الأطفال في الولايات المتحدة.

وأوضح موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز" أنه تم إلقاء القبض على سليم أخيراً ضمن شبكة من ممارسي الجنس مع الأطفال، بعد أن حاول ممارسة الجنس مع فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً، لافتًا إلى أنه تم الإيقاع بعضو المنظمة بعد أن أوهمه أحد عناصر الشرطة الأمريكية عبر الإنترنت، أنه فتاة صغيرة وسعى سليم للقائها وإقامة علاقة جنسية معها.

مافيا الدين

في مغامرة صحفية، تخفى الكاتب الأمريكي "كريس جوباتز" ضمن قادة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، التي تعد أهم جبهات جماعة الإخوان الإرهابية بالولايات المتحدة الأمريكية، وعمل معهم لفترة مكنته من نشر ما حصل عليه من معلومات ووثائق حول اختراق الإخوان للمنظمة في كتاب حمل عنوان "مافيا الدين".

ونشر موقع "وورلد نت ديلي" شهادة "كريس جوباتز" التي ذكرها في كتابه "مافيا الدين"، وكشف من خلالها تجربته وطريقة تخفيه بين قادة منظمة "كير" وفضحه لمؤامراتهم ومخططاتهم التخريبية الهدامة.

وذكر الموقع كيف تخفى "جوباتز" في مهمته وادعى اعتناقه للإسلام وقام بتربية لحيته وتقرب من إمام مسجد "دار الهجرة" في العاصمة واشنطن، المدعو"أنور الوكيل"، والذي اتجه للانضمام لتنظيم القاعدة في اليمن مؤخراً.

وكشف أن "جوباتز" تمكن من الحصول على 12 ألف صفحة من وثائق خاصة بـ"كير" كان من المفترض أن يتم إعدامها في مقر المجلس الرسمي في واشنطن، إلى جانب تسجيلات صوتية ومحادثات تدين مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية وتكشف علاقتها بتنظيم الإخوان الإرهابي، وقام بنشر جميع المحتويات في صفحات كتابه الذي اشترك في تأليفه مع والده ديفيد جوباتز والصحفي الأمريكي بول سبيري.

وعلى خلفية أحداث مانشستر الدامية، قال جوباتز إنه "يجب على الولايات المتحدة حماية نفسها من خطر مثل هذه الجماعات" كاشفاً أن منظمة كير، تعمل مع المتطرفين اليساريين من الجماعات المركسية والاشتراكية، بسبب اشتراكهم في نفس طريقة التفكير والهدف وهو تمزيق نسيج المجتمعات لتحقيق أهدافها التوسعية والسياسية.

تمويل مشبوه
المعروف أن أغلب المنظمات تعتمد على التبرعات سواء من الأعضاء أو القائمين عليها أو ممن يتوافقون فكرياً مع السياسات والأهداف التي تسعى إليها هذه المنظمة ومواقف المنظمة "كير" لم تبتعد كثيراً عن مواقف جماعة الإخوان الإرهابية الداعم الرئيس لهذه المنظمة، وسعت المنظمة (كير) لاستقطاب أصحاب التأثير والتميز على الصعيد العلمي والاجتماعي في دول مختلفة ودعمهم لوجستياً ومالياً لضمان تأييدهم وولائهم.

وبرز أسم "كير" ضمن عدد من المنظمات الحقوقية التي طالبت بفتح تحقيق دولي شامل ومستقل، للوقوف على ملابسات فض اعتصامي رابعة والنهضة في مصر، زاعمة أن الكثير من الانتهاكات تمت أثناء العملية الأمنية.

كما تتبنى أو تؤمن المنظمة بأفكار جماعة الإخوان التي تجرد الوطنية، أو الانتماء إلا للجماعة وخدمة مشروعها، ورافق هذا النهج المنظمة منذ تأسيسها داخل المطبخ السياسي الأمريكي "الكابيتول" وجعلها منها أذرعاً أخطبوطية تشارك في تأسيس فيدرالية وطنية إن صح التعبير تقوم على استقطاب من اعتنقوا الإسلام للانخراط في الهيكلية التنظيمية وبدأت المنظمة بغزو المساجد في الولايات المتحدة، للسيطرة على هذا القطاع الزاخر بالشباب من أبناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين.

وأكدت مصادر مطلعة لصحيفة "الاتحاد" أن العاصمة البريطانية لندن، يعمل فيها أكثر من 40 مؤسسة وجمعية ومنظمة تابعة بشكل مباشر لتنظيم الإخوان وعلى علاقة وثيقة بمنظمة "كير" في العاصمة الأمريكية، إضافة إلى عدد من الأذرع والمؤسسات الحقوقية والإعلامية أغلبها بتمويل قطري سخي.

وأشارت ذات المصادر إلى أن جميع تلك المؤسسات ترتبط ببعضها البعض بشبكة أخطبوطية حيث تجد بعض الأعضاء يعملون في مؤسسة وينشطون في منظمة أخرى.

واستعرضت هذه المصادر عدداً من المؤسسات والجمعيات البريطانية التي يعمل بها عناصر تنظيم الإخوان والممولة بشكل مباشر من قطر وتركيا منها "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" و"المجلس الثوري المصري" الذي تم إنشاءه في 2014 برعاية تركية ويرأس المجلس القيادية الإخوانية التي تحمل الجنسية البريطانية مها عزام وتعتبر من المقربين من النظام التركي وقيادات في تنظيم الإخوان المسلمين في تركيا، و"معهد الفكر السياسي" برئاسة مالك قناة الحوار عزام سلطان التميمي، المعروف بتأييده لحركة حماس في قطاع غزة بالإضافة إلى "المرصد الإسلامي" و "مؤسسة قرطبة"، التي تعد أحد أهم المراكز البحثية الإخوانية التي نشطت خلال السنوات الخمس الأخيرة، خاصة في إعداد المؤتمرات والندوات عن الأوضاع في مصر وعلاقتها الوثيقة مع "الرابطة الإسلامية في بريطانيا" و "المنظمة الإسلامية للإغاثة" وغيرها.

خلال العقدين الماضيين، اتضح تأثير منظمات مشبوة في تشكيل السياسات العامة على مستوى دول ولا يمكن إغفال تأثير مثل هذه المنظمات وتوغلها في المجتمعات العربية في العقد الأخير وزيادتها بصورة كبيرة وواضحة وعملها على نشر ثقافاتها وسياساتها إلا من يرد مياهها يدرك أنها لا تخلو من السموم.