الأربعاء 28 أغسطس 2019 / 12:05

تقرير: "المنطقة الآمنة" قد تعمّق النزاع في سوريا

24- زياد الأشقر

مطلع أغسطس (آب) الجاري، أعلنت الولايات المتحدة وتركيا أنهما توصلتا إلى اتفاق لإنشاء مركز عمليات مشترك "لتنسيق وإدارة تأسيس منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، وذلك بعد إنشاء أربع مناطق "خفض تصعيد" واتفاق تركيا وروسيا على "منطقة عازلة" في إدلب في الأعوام الأخيرة.

من شأنه تحويل بعض القوات لإدارة "المنطقة الآمنة" أن بشتت تركيز ما تبقى من القوة الأمريكية في سوريا عن محاربة داعش، لكن بثمن باهظ

وعن آفاق هذه المنطقة الآمنة في سوريا وتداعياتها على الوضع في هذا البلد وعلى مجمل العلاقات الأمريكية-التركية، كتبت الباحثة أنيسكا نيل في موقع "جاست سيكورتي"، أن الهدف من "المنطقة الآمنة" الجديدة أن تصبح "ممر سلام" يسمح بإعادة اللاجئين السوريين من تركيا إليها. وبينما ثمة مخاطرة كبيرة من أن الترتيب الجديد سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة متقلبة أصلاً وإلى تهديد حياة ملايين الأشخاص، فإن هناك تخوفاً من أن لا تركيا ولا الولايات المتحدة قد تلتزمان بشكل كامل بواجباتهما الإنسانية لتوفير سلامة ورفاهية الأشخاص الذين يعيشون ضمن حدود "المنطقة الآمنة".
 
موقف ترامب 
 
وأضافت أنه على عكس بعض تقارير وسائل الإعلام، فإن فكرة إنشاء "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا لم تنبع من أفكار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن الممكن تتبع الاقتراحات التركية التي أُطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011. وعلى رغم أن "المنطقة الآمنة" الأخيرة لم تكتمل تفاصيلها بعد، يبدو أن إنشاء هذه المنطقة يمضي إلى الأمام. وتبدو لافتة السرعة التي يعتزم ترامب من خلالها إنشاء التسهيلات والمنطقة نفسها، إذا أخذنا في الاعتبار امتعاضه السابق من هذه الفكرة. إلا أن التفاصيل الأساسية لا تزال غامضة لما أعلنت عنه إدارة ترامب من "آلية أمنية".

إعادة توطين سوريين؟
وتساءلت حول ما يعرف عن المنطقة المقترحة؟. ويفترض بعض التقارير أن الهدف منها هو إنشاء منطقة خالية من وحدات حماية الشعب الكردية وأسلحتها الثقيلة ومنشآتها العسكرية تحت رقابة أمريكية-تركية مشتركة. وبعد إفراغ المنطقة من وحدات حماية الشعب الكردي، يفترض أن تتمثل الخطوة التالية بإعادة توطين 3.8 ملايين لاجئ سوري موجودين في سوريا، في هذه المنطقة.

وتعتبر وحدات حماية الشعب مكوناً رئيسياً في قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر الحليف المحلي الأساسي للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم داعش. وتسيطر وحدات حماية الشعب على المناطق التي ستقام فيها "المنطقة الآمنة". وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب نسخة سورية عن حزب العمال الكردساني الذي تصنفه أنقرة وواشنطن على لائحة التنظيمات الإرهابية. ولطالما انتقدت تركيا الدعم الامريكي لوحدات حماية الشعب في سوريا.

توتر بين أمريكا وتركيا

ولاحظت الكاتبة أن إقامة "المنطقة الآمنة" يتزامن مع توتر يخيم على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. وتتطلع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على تركيا لشرائها صواريخ إس-400 الروسية المتطورة، وذلك بعدما منعت واشنطن الأتراك من المشاركة في برنامج انتاج الطائرة إف-35 الأمريكية المتطورة. وفي الوقت نفسه تنفذ أمريكا انسحاباً لجنودها من سوريا. وهذه خطوة يبررها الإعلان عن هزيمة "داعش". وإنشاء "المنطقة الآمنة" يعني أن الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية سيخضع لإعادة النظر.

ولفتت إلى أن القلق الذي يساور وحدات حماية الشعب يتلخص في أنه نتيجة لانسحاب هذه الوحدات لمصلحة "المنطقة الآمنة"، فإن ذلك سينشئ فراغاً أمنياً قد يستفيد منه داعش. وهذه مخاطرة لا يمكن الولايات المتحدة القفز فوقها. وتتزايد التقارير عن استعادة التنظيم الجهادي لقوته. ومع التقلص السريع للوجود العسكري الأمريكي في سوريا، وتحويل بعض القوات لإدارة "المنطقة الآمنة" مع تركيا، فإن ذلك من شأنه أن يحول تركيز ما تبقى من القوة الأمريكية في سوريا عن محاربة داعش، لكن بثمن باهظ.