الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول (أرشيف)
الأربعاء 28 أغسطس 2019 / 20:31

شبح الركود العالمي

يُفضل الديمقراطيون الأمريكيون إدارة الصراع مع الصين، عبر أسلحة تم اختبارها بنجاح منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، فيما يُعرف بالحرب الباردة، وهي أسلحة التطرف المتأسلم، وخطاب الحريات الجامح، والديمقراطيات الفوضوية التي تنقلب إلى حروب أهلية.

السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، هي أداة قوية تعمل على دعم إنفاق المستهلكين، واستثمار الأعمال، وثقة المواطنين، لكنها لا تضمن إزالة أضرار الحروب التجارية

هناك أيضاً تبت الدالاي لاما، وهونغ كونغ، وبحر الصين الجنوبي، وهي مناطق نزاع، يسهل على الديمقراطيين الأمريكيين والغربيين، تحويلها دائماً إلى نزاع على توسيع حريات الحكم الذاتي، والاستقلال غير المشروط عن دولة الصين.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمهوري، أقل خبثاً من الديمقراطيين الأمريكيين، فهو يستخدم سلاحاً عتيقاً في صراعه مع الصين، سلاح التعريفات الجمركية.

إن فرض تعريفات جمركية على البضائع الصينية، إهانة لأسلحة الديمقراطيين الحديثة، الأشد فتكاً. كيف يُستخدم سلاح التعريفات الجمركية، وقد أحالته الرأسمالية إلى متحف التاريخ؟ سلاح التعريفات الجمركية جدير بدولة انعزالية، بدائية، اشتراكية، تخاف من مُنَافَسَة السوق الحرة.

كان يكفي الرأسمالية المعولمة، الفائقة، طعنة بروتس، المعروفة باسم "بريكست". الطعنة التي جاءت من الداخل.

هل يُعقل أن تنقلب أعقد منظومة اقتصادية على نفسها؟ من مقولات لاعب التنس السويدي الأسطورة بيورن بورغ: "أصعب من الوصول للقمة، الاحتفاظ بها"، فهي منطقة باردة، فارغة، يحوم فيها البطل قليلاً، أو كثيراً، قبل السقوط.

المُفَارقَة اللاذعة أن الصين دولة شيوعية في العمق، وفي الظاهر تتعاطى الرأسمالية بنجاح ساحق، لم تفكر في سلاح التعريفات الجمركية، إلا رداً على إجراءات دونالد ترامب الحمائية. في أحدث سجال انعزالي بين الصين وأمريكا، أصدر دونالد ترامب أمراً واجب النفاذ، للشركات الأمريكية، بمغادرة الصين، بعد إعلان الصين فرض تعريفات جمركية على سلع ومنتجات أمريكية بقيمة 75 مليار دولار.

جادل البعض بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس له الحق القانوني في منع تواجد شركات أمريكية داخل الصين، إلا أن عمالقة مثل غوغل، وفيس بوك، وتويتر، استجابت لحرب دونالد ترامب على هواتف هواوي الصينية، ومنعت عنها تطبيقات تكنولوجية، فترد الصين بصنع تطبيقات بديلة.

الديمقراطيون رغم استهجانهم لسلاح المنع والانعزال، والتعريفات الجمركية البدائية، يرغبون تماماً مثل دونالد ترامب، في تدمير الصين، ولهذا يستجيبون في النهاية، بفتور، وعلى مضض، لاستخدام السلاح المتحفي.

وبّخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، عن عدم استجابته للحرب التجارية مع الصين. تساءل ترامب إذا كان جيروم باول، رئيس البنك المركزي الذي عينه بنفسه، عدواً أكبر من الرئيس الصيني شي جين بينغ.

توجيه اتهام للبنك المركزي الأكبر في العالَم، من رئيس الدولة مباشرةً، علامة بالغة السوء. انتقاد دونالد ترامب لبنك الاحتياطي الفيدرالي بتلك الحدة، يُشبه انتقاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لبنكه المركزي وتحميله مسؤولية تدهور الليرة التركية.

قال جيروم باول، رداً على دونالد ترامب، إنه لا يستطيع إصلاح أضرار الحرب التجارية. يدفع دونالد ترامب الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيض أسعار الفائدة، لتعزيز الاقتصاد، وهذا أمر مشروع ومنطقي، لكن ترامب يربط استجابة تخفيض أسعار الفائدة، بحروبه التجارية مع الصين، والسياسات النقدية ليست بالضرورة مُتوافقة مع سياسات الحروب التجارية.

السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، هي أداة قوية تعمل على دعم إنفاق المستهلكين، واستثمار الأعمال، وثقة المواطنين، لكنها لا تضمن إزالة أضرار الحروب التجارية، وعدم اليقين الطاغي في السياسة التجارية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

ذهب ترامب إلى قمة الدول السبع الصناعية الكبرى في فرنسا، ولم يجف بعد حبر تغريداته المميتة للاقتصاد العالمي.

وهناك أيضاً تحرك الفزع من عزم الرئيس دونالد ترامب على فرض تعريفات جمركية على النبيذ الفرنسي، وتوعد الاتحاد الأوروبي، إذا أُقرت التعريفات على أرض الواقع، بمقابلتها بتعريفات مماثلة على البضائع الأمريكية الآتية للاتحاد الأوروبي.

نفى دونالد ترامب توتر علاقاته مع الدول الصناعية الست، والاستثناء كان لبريطانيا التي كما يُقال في الغرف المغلقة، إنها تسعى لتفتيت الاتحاد الأوروبي من الداخل، لحساب الولايات المتحدة الأمريكية.

وعد دونالد ترامب رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، بصفقة تجارة هائلة، في حال إتمام طلاقه من الاتحاد الأوروبي.

إلا أن نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في الكونغرس، حذرت من رفض الكونغرس لاتفاق تجاري كبير بين بريطانيا وواشنطن، إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خروجاً فوضوياً، خروجاً دون اتفاق، لأن هذا الخروج الفوضوي يُعرض اتفاقية "الجمعة الحزينة" للخطر، وهي الاتفاقية التي أنهت ثلاثين عاماً من العنف في إيرلندا الشمالية.

صرّح كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز الألمانية محمد العريان، باحتمال دخول أوروبا في موجة ركود ثانية في غضون السنوات العشر القادمة، فالاتحاد الأوروبي يتأرجح على حافة كساد كبير سيما بعد التحذير الأخير الذي أطلقه البنك المركزي الألماني، بأن أكبر الاقتصادات الأوروبية قد يتجه للركود.

لم يحضر دونالد ترامب يوم الإثنين الماضي في قمة الدول الصناعية السبع، ندوة نقاش حول المناخ، والتنوع البيولوجي، وكيفية مواجهة حرائق غابات الأمازون، ومحاولات خفض انبعاث الكربون.

وعندما سُئل إذا كان حضر جلسة المناخ، أجاب إجابةً تحتمل الكثير من التأويل، قال: نحن نواجه الأمر منذ فترة قصيرة. تمتم الصحافي بسخرية، بعيداً عن أذني ترامب: نعم لقد حدث في التو واللحظة.