الأمير جورج والإعلامية لارا سبنسر.(أرشيف)
الأمير جورج والإعلامية لارا سبنسر.(أرشيف)
الجمعة 30 أغسطس 2019 / 19:47

راقص الباليه

فتاة عشقت لعب كرة القدم رغماً عن أنف الجميع، وجدت في جورج نفسي. وكنسوية مطالبة بتحدي الأفكار الذكورية السائدة، وجدت في لارا أيضاً نفسي

لامست المذيعة الأمريكية الشهيرة لارا سبنسر عصباً حساساً في داخلي حينما سخرت من ولع الأمير جورج ذي الأعوام الستة –حفظ الله أسنانه اللبنية-، برقص الباليه.

فكفتاة عشقت لعب كرة القدم رغماً عن أنف الجميع، وجدت في جورج نفسي. وكنسوية مطالبة بتحدي الأفكار الذكورية السائدة، وجدت في لارا أيضاً نفسي.
لنعترف: معاييرنا المزدوجة تكاد تكون فاضحة حينما يتعلق الأمر بميل الصبية والرجال إلى المهارات والاهتمامات والوظائف المرتبطة تقليدياً بالجنس الناعم.
ولن أتطرق إلى رقص الباليه، وحياكة الكنزات الصوفية، وفن وضع المكياج، إذ سيحاججني البعض بأنها مجالات بعيدة جداً عن قدرة شرقيتنا المحافظة على التقبّل. بل حتى الرسم ليس في مأمن تام من التصنيف والقولبة، وهو الذي ينخرط فيه الجميع لا شعورياً طالما توفّرت لهم ورقة وقلم في خضم محاضرة أو اجتماع عمل ممل.

اعتنقنا كنسويات القناعة بأننا نحقق إنجازاً مضاعفاً في كل مرة نقتحم فيها مجالاً احتُكر تاريخياً من جانب الرجال، أو نتميّز في هواية كانت ميداليتها لا تطوّق سوى أعناق اللاعبين الذكور.
  
وليس على الإطلاق لأن الاهتمامات والأشغال المرتبطة بالذكور هي أعلى شأناً–والعياذ بالله-، ولكن لأنهن تجرأن على دخول حلبة ومضمار لم يكن وجودهن فيها محبذاً ومحترماً ومقبولاً، أو حتى مسموحاً قانونياً في بعض الحالات، مما يجعل نجاحهن نتيجة لضعف الجهد المبذول من جانب زملائهن الرجال.

ولكن دواخلنا لم تؤمن حقاً بفكرة توفير ذات الفرص للجنسين، وهو ما يكشف عنه تعلّق لا وعينا بالفكرة البائدة التي تزعم بأن المهارات والوظائف المرتبطة تقليدياً بالنساء هي أدنى مرتبة وأهمية.

ولذلك لا نتحرج من السخرية من احتقار الرجل الذي يقف قبالتنا على الضفة الأخرى، فيرغب هو بدوره في فرض نفسه في مجال تهيمن عليه بنات حواء، أو التمكّن من هواية جرت العادة أن يبرعن فيها.

إننا لا نرى الإقدام البطولي في قدرته على ربط مئزر الطبخ حول خصره، أو شجاعته في الوقوف فوق رؤوس النساء كوافيراً. بل نعتبره قد تخلّى كالأحمق عن "الأفضلية" الذي يحظى بها كذكر، والذي يخوّله لمقارعة الذكور مثله في تلك المجالات المحظورة علينا، ودون أن يضطر لخوض المعاناة المضاعفة التي نواجهها نحن.

إننا لا نعترف له باحتمالية بذله هو أيضاً لضعف الجهود المطلوية منا للنجاح في المجالات التي نحتكرها كنساء، حيث قد لا تمتد امتيازاته كرجل، ولا تسعفه في الإفلات من أحكام المجتمع القاسية ضده. إننا لا نراه إلا مرتكباً لذنب الانحدار إلى مراتب أقل صعوبة، وأقل تنافسية، وأقل وجاهة، ليقف بين الزميلات والزبونات.

وذلك يجعلني شخصياً أتساءل:
من صفقن وباركن لي يوماً لعملي كصحفية رياضية في أوساط كرة القدم الرجالية، هل كنّ ليغدقن نفس الثناء على العنود لو كانت –مثلاً- صحفياً يجني قوت يومه من الرياضة النسائية؟