الإثنين 11 نوفمبر 2019 / 13:45

لا داعش ولا الإرهاب الأكراد هم هاجس أردوغان في سوريا

يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستقبال نظيره التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وذلك بعد أسابيع فقط من هجوم تركيا على المقاتلين الأكراد في سوريا، رغم أنهم حلفاء الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش.

اللعبة لن تنتهي بالنسبة لأنقرة إلا بعد تصفية وحدات حماية الشعب الكردية وهزيمتها بشكل كامل، إلى جانب منع الأكراد من إقامة أي شيء يشبه نواة دولة كردية مستقلة أو ملاذ آمن

وبينما تحول تركيز العالم الأسبوع الماضي إلى مقتل أبو بكر البغدادي زعيم داعش بعد عملية أمريكية في شمال غرب سوريا، يقول الصحافيان سيروان كاجو وازيل شاهينكايا، إن تركيا واصلت هجماتها ضد الأكراد، وأعرب أردوغان عن تصميم بلاده على استمرار الحرب على "الإرهاب" في سوريا. 

ومع أن الشرطة التركية اعتقلت أكثر من 100 شخص يشتبه في صلتهم بتنظيم داعش الإرهابي، منذ مقتل البغدادي، لا تزال الجماعات الكردية المسلحة، حسب الخبراء، الهدف أنقرة الرئيسي في حملتها لمكافحة الإرهاب.

وبالفعل بدأت تركيا هجوماً عسكرياً بشمال شرق سوريا في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بهدف معلن يتمثل في تطهير المنطقة الحدودية التركية السورية من الجماعات الكردية المسلحة التي تعتبرها "إرهابية".

ويوضح التقرير أن وحدات حماية الشعب الكردية تُعد القوة الرئيسية ضمن قوات سوريا الديمقراطية قسد، التحالف الذي يقوده الأكراد والذي كان شريكاً فعالاً للولايات المتحدة في القتال ضد داعش في سوريا.

ولكن المسؤولين الأتراك يقولون إن وحدات حماية الشعب الكردية، امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يقود صراعاً مسلحاً منذ عقود ضد قوات الأمن التركية للحصول على حقوق أكبر للأكراد داخل تركيا. وصنف حزب العمال الكردستاني "منظمة إرهابية" في تركيا، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.

صراع متعدد الأطراف
ويلفت التقرير إلى أن الصراع السوري المتعدد الأطراف، دفع البلدان المتورطة فيه، إلى منح أولوية لتحقيق أهدافها وإقامة تحالفات تخدم مصالحها الوطنية.

ويعتبر آرون شتاين، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية، أن حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، يمثلان إشكالية سياسة للولايات المتحدة في إدارة هذا التحالف، ولكنهما لا يمثلان تهديداً أمنياً.

ويقول شتاين: "بالنسبة إلى تركيا يمثل حزب العمال الكردستاني تهديداً للأمن القومي، وفي المقابل يشكل داعش تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة، أما بالنسبة إلى تركيا فهو مشكلة تتعلق بالشرطة".

ويلفت مايكل رينولدز، أستاذ مشارك في دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون إلى التخوف المتزايد في تركيا من استخدام حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية لشمال سوريا، قاعدة أو منطقة أمنة في صراع مسلح لطرد الأتراك. ولا يشكل هذا القلق هوساً عند أردوغان فحسب، ولكنه أيضاً يشمل الطيف السياسي التركي.

ممر إرهابي
وينوه التقرير إلى تأكيد أردوغان المتكرر أن بلاده لن تسمح بـ "ممر إرهابي" في شمال سوريا، في إشارة إلى المنطقة التي احتلها المقاتلون الأكراد السوريون منذ بداية الحرب الأهلية بسوريا في 2011.

وعارضت أنقرة دعم الولايات المتحدة للأكراد السوريين منذ بداية الحرب ضد داعش في 2014، ولكن في السنوات الأولى من الحرب السورية، كانت لتركيا أولويات أخرى بحسب الخبراء.

ويرى شتاين أنه رغم شعور تركيا بالقلق من الدعم الأمريكي المبكر لوحدات حماية الشعب الكردية إلا أنها كانت أكثر تركيزاً على الرئيس السوري بشار الأسد، وكانت أيضاً الداعم الرئيسي للمعارضة السورية التي سعت للإطاحة بنظام الأسد.

ويقول التقرير: "ولكن بعد استعادة الأسد السيطرة على جزء كبير من البلاد التي مزقتها الحرب بمساعدة روسيا وإيران، تحولت أولويات تركيا إلى قبول وجود قوات نظام الأسد على الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع تركيا، إذا أُزيحت وحدات حماية الشعب الكردية".

التدخل العسكري في سوريا

وبدأ التدخل العسكري التركي في سوريا بشن تركيا هجوماً في أغسطس(آب) 2016 لطرد الأكراد السوريين، وداعش من أجزاء من المنطقة الحدودية التركية السورية.

وتمكنت القوات التركية وقوات المعارضة المتحالفة معها، من الاستيلاء على العديد من البلدات الحدودية من مقاتلي داعش، والأكراد.

ومع استمرار الحرب الأهلية السورية، بدأت تركيا هجوماً آخر ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في بلدة عفرين بشمال غرب سوريا في يناير(كانون الثاني) 2018 والتي كانت تحت سيطرة الأكراد السوريين منذ عام 2012.

ويرى بعض المحللين أن الهجوم التركي الأخير في شمال شرق سوريا، يُعد استمراراً لسياسة أنقرة لطرد وحدات حماية الشعب الكردية من المناطق الحدودية في شمال سوريا.

محادثات السلام
ويورد التقرير أن حزب العمال الكردستاني أعلن في 2013، وقفاً لإطلاق النار ضد القوات التركية، وأعقب ذلك مفاوضات بين الجماعة الكردية المسلحة وحكومة الرئيس التركي أردوغان.

ويعتبر الخبراء أنه كان لتلك المحادثات تأثير مباشر على طريقة تعامل تركيا مع الجماعات الكردية السورية المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.

وتقول الكاتبة أليزا ماركوس مؤلفة كتاب "الدم والمعتقد: حزب العمال الكردستاني والنضال الكردي من أجل الاستقلال": "عندما أجرت تركيا محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، التقى صالح مسلم الزعيم الكردي السوري على صلة بالحزب، مع مسؤولين أتراك في تركيا، وكانت الحدود مفتوحة آنذاك".

وتضيف ماركوس "ولكن حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع السياسي لوحدات الشعب الكردية تشكل على يد حزب العمال الكردستاني منذ أكثر من عقد من الزمن. ومع ذلك، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي كان دوماً يركز على وضع الأكراد السوريين، ويعمل داخل سوريا فقط لبناء حكم ذاتي للأكراد السوريين".

وحسب ماركوس، فإن وحدات حماية الشعب الكردية كانت منفتحة على الرغبة في إقامة علاقات جيدة مع تركيا، وعملت على ضمان حدود هادئة.

ماذا بعد؟
ويلفت تقرير موقع "صوت أمريكا"، إلى أنه بعد انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، لجأ الأكراد السوريون إلى روسيا للمساعدة ولوقف العمليات العسكرية التركية.

وتمكنت روسيا من إبرام صفقة مع تركيا في الأسبوع الماضي، تنطلق بموجبها دوريات مشتركة لضمان إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة الحدودية.

ويعتقد شتاين أن تركيا لم تحقق هدفها المنشود أي طرد وحدات حماية الشعب الكردية من الحدود، لأن الروس استغلوا ذلك للتدخل. لكن وبغض النظر عن كيفية تطور الوضع في شمال شرق سوريا، فإن تركيا مصممة على مواصلة محاربة المقاتلين الأكراد السوريين.

ويخلص التقرير إلى أن هذه اللعبة لن تنتهي عند أنقرة إلا بعد تصفية وحدات حماية الشعب الكردية وهزيمتها بشكل كامل، إلى جانب منع الأكراد من إقامة ما يشبه نواة دولة كردية مستقلة، أو ملاذ آمن.