الإثنين 25 نوفمبر 2019 / 14:14

على خط الجبهة التركية مع سوريا...بؤس وعوز وخوف من المستقبل

على وقع صدى قصف قرى مجاورة من قوات حليفة لتركيا، تتساءل عائلات لجأت إلى مناطق مهجورة عن موعد عودتها إلى بيوتها.

ليس معروفاً إن كان الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا سيواصل تقدمه، ولكن السوريين هناك يستعدون للأسوأ

وزارت جيد ساكر، كاتبة ومصورة صحفية لدى موقع "فورين بوليسي"، قرية تل تمر قرب الحدود التركية السورية، والتقت بعض سكانها، ومنهم فاطمة شلو، 43 عاماً، التي قالت لها، وهي جالسة على الأرض مع أسرتها في بيتها الجديد: "أفضل العودة إلى قريتي، لأقتل فيها، على أن أعيش لاجئةً".

وحسب ساكر، حصل اللقاء في أوائل نوفمبر( تشرين الثاني) لجاري، وكانت فاطمة تقيم مع أسرتها في مدرسة مهجورة دمرها داعش.

وتحت ظلال أشجار النخيل وفرت بعض الوقاية من شمس الظهيرة الحارقة، لعب أطفال فاطمة وسط ركام صفوف مدمرة، وكتب على لوح بين جدارين مهدمين: "سيبقى داعش".

مستقبل مجهول
وفي الأسابيع الأخيرة، وصل القتال بين قوات سوريا الديمقراطية، قسد، والجيش السوري الحر المدعوم من تركيا، إلى قرية مالكيف عند ضواحي بلدة تل تمر في شمال سوريا.

وعاش سكان القرية من المسلمين العرب في وئام على مدار أعوام طويلة مع جيرانهم الأكراد والمسيحيين.

لكن مع اقتراب القصف والغارات الجوية، هربت معظم الأسر نحو مدينة الحسكة، على بعد حوالي 43 كيلومتراً عن تل تمر. هربت في سيارات أجرة، أو سيراً، وحملوا ما استطاعوا من أمتعة، وباتوا يواجهون مستقبلاً مجهولاً. وكانت عائلة شلو من الهاربين.

وتلفت الكاتبة إلى تبدل الوضع فعلياً في مالكيف منذ هروب شلو. أصبحت القرية، بعد ذلك يومين على بعد 1.5 كيلومتر فقط من خط القتال.

وارتدى مقاتلو قسد ملابس مدنية لتجنب استهدافهم بطائرات دون طيار، وباتوا يشكلون سكان القرية الرئيسيين. وحجب دخان إطارات محترقة السماء، وسقطت مرة قذيفة على منزل في القرية، فقتل، حسب مقاتلين من قسد، طفلان وجرح سبعة مدنيين.

حديث غير واقعي
ويحصل كل ذلك رغم الإعلان رسمياً عن توقف القتال. بعد توسط روسيا، في 22 أكتوبر( تشرين الأول) الماضي في اتفاق هدنة مع تركيا لوقف تقدم جيشها. ولكن القتال لم يتوقف.

وقال مقاتل من قوات قسد، طلب تعريفه باسم آجر فقط: "لم يكن الحديث عن اتفاقيات سلام حقيقياَ على الأرض".

وفي جزء من اتفاقها الأخير، طالبت تركيا بإقامة منطقة آمنة على طول حدودها مع شمال سوريا، وبإبعاد قوات كردية عنها.

ويعتقد مقاتلو قسد أن تل تمر، المدينة التي لم تشملها المنطقة الآمنة، أصبحت اليوم هدفاً للقصف. وقال ذلك المقاتل: "في لحظة ما، يبدو كل شيء عادياً. لكن في اللحظة التالية تقوم الدنيا ولا تقعد".

وتضيف كاتبة المقال أنه لا يعرف مدى سيطرة تركيا على الجيش السوري الحر الذي تدعمه، لكن الذين يوجدون على الأرض يتوقعون أن هدف المقاتلين من الاستيلاء على البلدة، هو سلب ونهب ما في بيوتها.

أما فاطمة خودي الشللا، 36 عاماً، فلم تكن تدري، ليلة هروبها من قرية مالكيف، أين سينام أطفالها.

وفي نهاية المطاف، وجدت مأوى في قرية أم البالو المسيحية التي هجرها سكانها أثناء سيطرة داعش عليها قبل أربعة أعوام.

وتفتقر البيوت إلى الماء أو الكهرباء، كما يخلو معظمها من الأثاث، وحتى  من النوافذ والأبواب. وتكدس جميع أفراد أسرتها السبعة في غرفة واحدة. ويمضي أطفالها الذين لا يذهبون إلى مدرسة، معظم أوقاتهم داخل تلك الغرفة.

وبحلول نوفمبر( تشرين الثاني) الجاري، أصبح هناك أكثر من 80 أسرة لاجئة في قرية أم البالو. وقد استقبل مسؤولون محليون الأسر، لكنهم عجزوا عن توفير أي مساعدات لها.

ويقول لاجئون إنهم اضطروا لشرب مياه نهر قريب، ما أصابهم بأمراض. وتقول شالا التي ستضع مولوداً قريباً: "الحياة هنا ليست حياة. وإذا أنجبت صبياً سأسميه حرب".

غزو متوقف

وحسب الكاتبة، يستمر في الوقت نفسه القصف، والغارات على قرى محيطة ببلدة تل تمر، وعلى طول جبهات أخرى للغزو التركي المتوقف. وليس معروفاً إذا كان الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا سيواصل تقدمه، ولكن السوريين هناك يستعدون للأسوأ.

ولا يحصل معظم اللاجئين على مساعدات، وليست لديهم وسائل مالية، أو ارتباطات ليهاجروا إلى بلد آخر. ولذلك ينتظر هؤلاء بقلق بالغ أيام الشتاء القارس، ويأملون أن تتاح لهم فرصة العودة إلى بيوتهم.