تعبيرية.(أرشيف)
تعبيرية.(أرشيف)
الثلاثاء 21 يناير 2020 / 20:32

معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020

تكفي قراءةُ كتابٍ أو جريدةٍ من وقتٍ إلى آخر، للوقاية من أمراض الشيخوخة الذهنية مثل الخَرَف والنسيان والتراجع العقليّ وفقدان المقدرة على التحكم في الوظائف الحيوية

كذب مَن قال إن القراءة للتثقُّف وبناء المعرفة. وكذب من قال إنها للاستمتاع وحرق أوقات الفراغ. القراءةُ أبعد من هذا وأشدُّ أثرًا. القراءةُ دواء مجاني لأمراض البدن والأعصاب والدماغ. لهذا أدعو الناس كلّ عام أن يغتنموا فرصة معرض الأدوية المجاني الذي يبدأ غدًا بأرض المعارض تحت مسمى "معرض القاهرة الدولي للكتاب"؛ لكي يقتنوا من رفوفه أشكالا متنوعة من العقاقير التي تحميهم من أمراض العقل والجسم والأعصاب.

أثبت الطبُّ أن مَن يقرأ يوميًّا من العسير أن يضربه مرض آلزهايمر، الوحش الذي يأكل ذاكرة الإنسان ويلتهم تاريخه حتى لا يعود يعرف شيئًا من ماضيه، ولا أصدقاءه ولا حتى أولاده، ولا حتى رفيق العمر أو رفيقته.

لهذا كتبت المجلةُ الفرنسية: Destination Santé على صدر دراسة حول علاقة القراءة بالصحة العقلية تقول: “اقرأوا الكتبَ، الصُّحفَ، المجلات. العبوا الشطرنج، ولكن لا تستسلموا أبداً للكسل!". تلك النصيحةُ الموجزةُ هي نِتاجُ دراسات مكثفة قام بها باحثون أمريكان، خرجوا على إثْرِها بتوصيات تقول إن على الإنسان أن يُشغِّلَ ويُفعِّلَ خلاياه الذهنيةَ والعصبيّة باستمرار، وطيلةَ عمره. ذاك إن تلك الخلايا ليست إلا عضلاتٍ مثلها مثل أي "عضلة" في الجسم؛ تفقدُ قواها والقدرة على أداء وظائفها إن هي رَكنَتْ إلى الكسل والرخاوة، فيما تنشطُ وتُستحَثُّ قواها إن هي مُرِّنَتْ وأُجهِدَت في العمل والتدريب المستمرين. تمامًا مثلما يمرّن الرياضيون عضلاتهم بالركض اليوميّ والإحماء والتريّض الشاق. لذا أكّد الباحثون أن الدماغَ، شأنُه شأنَ الساقين والذراعين والخِصْر، يحتاجُ إلى تمارينَ دائمةٍ، من أجل إبعاد شبح آلزهايمر المخيف، وغيره من أمراض عقلية وجسدية أخرى. ولهذا السبب ربما أطلقتِ العربُ اسمَ "رياضيات" على عِلم الجبر والتفاضل والتكامل وحساب المثلثات، الخ، لأنها ليست إلا رياضةً للذهن. فهي للدماغ مثلما الرياضةُ للبدن. وهنا نقطةٌ تُحسَبُ لعبقرية اللغة العربية على اللغات الأخرى التي أطلقت على ذلك العلم أسماءً مثل Mathematics بالإنجليزية، وما يشابهها في اللغات الأوروبية الأخرى.

أجرى الباحثون الأمريكيون دراستَهم على نحو سبعمائة شخصٍ يبلغون من العمر ثمانين عامًا. وجاءتِ النتيجةُ كالتالي: كبارُ السنّ النُشطاء "ذهنًا"، معرضون بنسبة أقلّ كثيرًا للإصابة بمرض آلزهايمر، مقارنةً بأشخاص لم يمارسوا أيَّ نشاط فكريّ على مدى أعمارهم. وإذاً، تكفي قراءةُ كتابٍ أو جريدةٍ من وقتٍ إلى آخر، للوقاية من أمراض الشيخوخة الذهنية مثل الخَرَف والنسيان والتراجع العقليّ وفقدان المقدرة على التحكم في الوظائف الحيوية.

 وأشاروا إلى أن دراساتٍ عديدةً لفتتْ إلى أن الأشخاصَ الذين اعتادوا على مطالعة كتبٍ ودراسات قيّمة منذ سن مبكرة أقلُّ عُرضة للإصابة بأمراض الدماغ، من سواهم أولئك الذين لا يُعمِلونَ أدمغتهم. ذاك أن القراءةَ من أهم النشاطات التي تساعد على تنشيط الذاكرة والحفاظ على القدرة الذهنية. أما الأمم المتحدة فأجرتْ دارساتٍ وأبحاثًا حول عادات المطالعة والقراءة لدى مختلف شعوب العالم ودولها. أفادتِ الدراساتُ تلك أن معدَّلَ ما يقرأه الفردُ، سنويًّا، على طول العالم العربيّ وعرضه، ربعُ صفحة فقط(!)، فيما معدّلُ ما يقرأه الفردُ الأمريكيّ أحد عشرَ كتابًا، والبريطانيّ ثمانية كتب، كلَّ عام. أما الإسرائيليّ فيقرأ أربعةَ كتبٍ شهريًّا، أي ثمانية وأربعين كتابًا كلّ العام! انتبهوا إلى عجائبية الرقم ٤٨! ثم دعونا نقرأ، فنحن أمّة اقرأ.