الخميس 12 مارس 2020 / 11:44

الأرقام تكذّب ظريف.. العقوبات لم تؤثر على استيراد الأدوية

كررت إيران كثيراً أن العقوبات الأمريكية المفروضة عليها أثرت على قدراتها في مواجهة فيروس كورونا. على هذه المزاعم، رد مدير الأبحاث في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" ديفيد أدسنيك ومستشار الشؤون الإيرانية والاقتصادية في المؤسسة نفسها سعيد قاسمي نجاد، مستشهدين بعدد من الأرقام التي تدحض ذلك.

قد يكون الانخفاض الطفيف في شراء إيران للأدوية سنة 2019 مجرّد استثناء في البيانات مع غياب أي علاقة بإعادة العقوبات

خلال العام الأول الكامل على إعادة فرض العقوبات الأمريكية، انخفض إجمالي الصادرات الأوروبية إلى إيران بحدود 50%، بينما بالكاد تخطى انخفاض صادرات الأدوية 5%. على الرغم من تأكيداتها بأن العقوبات جعلت وباء كورونا أسوأ على إيران، لا تشير البيانات إلى أن إيران واجهت صعوبة في الحفاظ على وارداتها في هذا المجال.

مقارنة تقريبية جيدة

وفقاً لبيانات يوروستات وهو المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي، انخفض إجمالي صادرات الاتحاد من 8.9 مليار يورو سنة 2018 إلى 4.5 مليار في 2019 لكنّ صادرات الأدوية انخفضت من 738 مليون يورو إلى 698 مليون يورو. دخلت غالبية العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، أي بعد ستة أشهر على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي. بالتالي، إن أي مقارنة من عام إلى عام انطلاقاً من 2018 إلى 2019 توفر مقارنة تقريبية جيدة ولو لم تكن مثالية وفقاً للكاتبين.

مخاوف طريفة
لم تمنع العقوبات الأمريكية مطلقاً تجارة السلع الغذائية أو الطبية أو أي سلع إنسانية أخرى. فيما يصر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف غالباً على أن العقوبات تمنع إيران من استيراد الأدوية، أنكر مسؤولو الصحة في النظام نفسه هذه المسألة. لام البعض الفساد وسوء الإدارة في البلاد. تنقل وسائل إعلام غربية أن العقوبات مسؤولة عن القصور في هذا القطاع.

فيما تعترف هذه الوسائل الإعلامية بأن القانون الأمريكي يسمح بالتجارة الإنسانية، تزعم بأن خوف الشركات الغربية من العقوبات يخلق تأثيراً نفسياً يؤدي إلى النفور حتى من المعاملات المشروعة. بالرغم من طرافة هذه المخاوف، توفر البيانات الرسمية صورة مختلفة.

أول مصدرين لواردات الأدوية
تابع الباحثان أن الاتحاد الأوروبي هو المصدر الأول للأدوية بالنسبة إلى إيران، وتتبعه سويسرا. من سنة 2000 إلى 2011، ارتفعت صادرات الاتحاد سريعاً من 5.4 مليار يورو إلى 10.5 مليار يورو. وارتفعت الصادرات السويسرية إلى إيران خلال الفترة نفسها من 393 مليون فرنك سويسري إلى 675 مليوناً، وفقاً لمكتب الإحصاء السويسري سويس إمبكس. وتراوحت قيمة الفرنك بين 0.9 دولار و 1.1 دولار خلال السنوات العشر الماضية.

كان النمو في صادرات الأدوية إلى إيران أسرع: خمسة أضعاف بالنسبة إلى صادرات الاتحاد (698 مليون يورو في 2011) وثلاثة أضعاف بالنسبة إلى صادرات الأدوية السويسرية (200 مليون فرنك في السنة نفسها).

أسباب مجهولة
انخفضت التجارة بشكل كبير بعد الكشف عن برنامج إيران النووي غير الشرعي. بقيت العقوبات المتعددة الأطراف مفروضة على إيران حتى دخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ أوائل سنة 2016. عندها، عادت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى المستويات التي سادت قبل فرض العقوبات فوصلت إلى 10.8 مليار يورو سنة 2017. وبينما كان إجمالي صادرات السويسرية أبطأ في التعافي، بلغت صادرات الأدوية إلى إيران مستوى مرتفعاً جديداً عند 254 مليون فرنك سنة 2016. وحققت صادرات الأدوية أساساً جديداً في تلك السنة بلغت 864 مليون يورو.

لأسباب لا تزال غير واضحة، انخفضت عمليات شراء الأدوية من الاتحاد الأوروبي وسويسرا بقوة سنة 2017 وفي 2018 قبل إعادة فرض العقوبات الأمريكية. انخفضت صادرات الاتحاد حوالي 15% خلال سنتين حتى وصلت إلى 738 مليون يورو، بينما انخفضت الصادرات السويسرية ب 35% إلى 164 مليون يورو. في هذا المشهد، قد يكون الانخفاض الطفيف في شراء إيران للأدوية سنة 2019 مجرّد استثناء في البيانات مع غياب أي علاقة بإعادة العقوبات.

سياسة ناجحة
على الرغم من ذلك، عقدت وزارة الخزانة الأمريكية شراكة مع الحكومة السويسرية لفتح قناة خاصة للتجارة الإنسانية مع إيران والتي قد تساعد في تفادي انخفاضاً محتملاً في التجارة المشروعة. في نهاية يناير (كانون الثاني) أعلنت الولايات المتحدة وسويسرا إكمال أول تعاملات عبر القناة الخاصة، وشملت أدوية للسرطان ولزراعة الأعضاء بقيمة 2.3 مليون يورو. وحض الباحثان واشنطن على مواصلة السياسة المبنية على المثل الناجح في مزج الضغط الأقصى على الدكتاتورية الإسلاموية مع إيران وإظهار تضامنها مع الشعب الإيراني الذي يعاني من وباء تسبب بانتشاره خداع حكامهم.