المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي برني ساندرز وزعيم زب العمال البريطاني جيرمي كوربن.(أرشيف)
المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي برني ساندرز وزعيم زب العمال البريطاني جيرمي كوربن.(أرشيف)
الثلاثاء 17 مارس 2020 / 19:43

خارج تغطية الأزمة

بقاء النخب العربية خارج نقاشات أزمة النظام الرأسمالي العالمي ومخاطرها واحتمالاتها المفتوحة على مزيد من التوحش والانشغال بانقسامات وحروب وإجهاضات ما عرف بالربيع العربي لا يعني إمكانية عزل الأطراف عن تداعيات ما يحدث

 يضيء جدل مستقبل الرأسمالية وإمكانيات إصلاحها في الملفين اللذين نشرتهما "فورين افيرز" و"فورين بوليسي" مؤخراً على جوانب من سجالات نخب مراكز النظام الرأسمالي العالمي التي لا تخلو من مؤشرات الوصول إلى طريق مسدود يلقي ظلاله الثقيلة على أوضاع المنطقة العربية.

لعل التركز الهائل للثروة وغياب المساواة في توزيعها أبرز مؤشرات الانسداد المتداولة في ذلك الجدل حيث تشير الإحصائيات إلى استحواذ 1% من سكان الكوكب على 46% من ثروة العالم وامتلاك أفقر 70% أقل من 3% من الثروة.

وبشكل او بآخر استبعدت بعض وجهات النظر التي تداولتها مقالات الملفين قدرة الديمقراطيين الاجتماعيين على تقديم روافع جديدة للنظام الرأسمالي العالمي أو فرملة انزلاقاته.

في مقدمة المخارج التي جرى تداولها لتجاوز مضاعفات التفاوت الهائل في الثروة الذي يختصره البعض بـ"البلوتوقراطية" والتخلص من مخلفات ما بعد فشل "النيوليبرالية" خيار ما يسمى بـ "الاشتراكية الجديدة" المنسوب إلى مرشح الانتخابات الرئاسية الأمريكية برني ساندرز وزعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن.

من الطبيعي أن تثير الظروف التي جاء فيها طرح هذا الخيار والخلط المقصود بين جوهره والتجارب السابقة للاشتراكية جدلاً موازياً حول قدرة جرعات "الاشتراكية الجديدة" على انتشال النظام الرأسمالي العالمي من احتمالات انهياره بإدخال إصلاحات محددة توفر الخدمات الحيوية للطبقات المسحوقة وتحدّ من عوزها وقسوة الحياة التي تعيشها.

تتمثل إحدى وجهات النظر المطروحة في محاولة الحد من رهاب التجربة الشيوعية لدى البحث عن نظام اقتصادي جديد يواجه النهايات التراجيدية المحتملة للنظام الرأسمالي والخطر الذي يتهدد البيئة من خلال التكيف مع بعض قيم الاشتراكية ومثلها.

ويستند المحذرون من خيار "الاشتراكية الجديدة" إلى عدد من الحجج بينها اعتقادهم بإطفائه محركات الابداع وتهديده بإفقاد مكتسبات راكمها النظام الراسمالي العالمي والقضاء على ريادية وحيوية القطاع الخاص.

لا ينفي الاختلاف حول المخارج والخيارات الحاجة إلى عمليات جراحية للنظام الرأسمالي المأزوم توفر له مقومات البقاء وتجنب سكان الكوكب المزيد من الكوارث التي يمكن أن تؤدي إليها تراكمات أزماته لكن هذه المقدمات لا تتناسب مع الإفرازات السابقة والمحتملة لصناديق الاقتراع في مراكز النظام الرأسمالي العالمي التي يتمثل بعضها بخروج كوربن من السباق الانتخابي وحجم الصعوبات التي يواجهها ساندرز في الوصول إلى البيت الأبيض الأمر الذي لا يخلو من شواهد تسليع للديمقراطية الغربية التي استهلكها العرب نقاشاً واخفق ربيعهم الوهمي في بلوغها خلال السنوات العشر الماضية.

بقاء النخب العربية خارج نقاشات أزمة النظام الرأسمالي العالمي ومخاطرها واحتمالاتها المفتوحة على مزيد من التوحش والانشغال بانقسامات وحروب وإجهاضات ما عرف بالربيع العربي لا يعني إمكانية عزل الأطراف عن تداعيات ما يحدث في المراكز مما يتطلب الخروج من دائرة التلقي إلى الاشتباك مع النقاشات الجارية هناك والبحث في كيفية تجنيب المنطقة صدمات مقبلة.