الأحد 26 أبريل 2020 / 15:46

كيف تلاعبت تركيا بأعداد إصابات ووفيات كورونا؟

أعد الباحث المشارك في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" فيليب كوالسكي والمدير البارز لبرنامج تركيا في المؤسسة نفسها أيكان إردمير تقريراً برهنا فيه كيف تلاعبت تركيا بأعداد المصابين والوفيات بفيروس كورونا وكيف أساءت إدارة المواجهة مع الوباء بشكل عام.

قليل الإبلاغ عن عدد الوفيات يمكن أن يزرع شعوراً خاطئاً بالأمان لدى الجمهور حول أن انتشار الفيروس هو تحت السيطرة

لقد تخطت تركيا الصين من حيث أكبر عدد من الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا من خارج الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مسجلة أكثر من 100 ألف إصابة بحلول 23 أبريل. على الرغم من ادعاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن رد فعل حكومته كان واحداً من أكثر الردود فاعلية في العالم، أظهرت دراسات عدة أنها أبلغت عن أعداد مخفضة من الإصابات وهي سياسة غير حكيمة، تعرقل الرد الفعال.

قمع أردوغان يعمّق الأزمة

خلال فبراير (شباط) وحتى أوائل مارس (آذار)، ومع انتشار الجائحة في إيران والدول المجاورة لتركيا شرق حدودها وصولاً إلى جنوب أوروبا، أصرت أنقرة على أن البلاد بقيت خالية من كوفيد-19. في 9 مارس حاولت الوسائل الإعلامية الرسمية حض الأتراك على السفر إلى "وجهات خالية من فيروس كورونا". بعد يومين، أعلنت تركيا أخيراً عن أول إصابة لديها فيما ظل وزير الصحة التركي يقلل من شأن التهديد.

وتابع الباحثان أنه بحلول أبريل الحالي، أصبح منحنى الإصابات الأكثر حدة في العالم. ومنع قمع حكومة أردوغان للصحافيين ووسائل التواصل الاجتماعي التغطية المنهجية للجائحة فحظرت على المواطنين الأتراك الحصول على المعلومات الصحية الموثوقة.

فاقم أردوغان المشكلة عبر شن حملة ضد رؤساء البلديات المعارضين فمنع عنها الأموال المستحقة لمساعدة السكان وأغلق مطابخ الحساء التي تديرها البلديات وأطلق تحقيقات جنائية ضد عمدتي اسطنبول وأنقرة. لكن مع استخدام أردوغان الأساليب القمعية، بدأ الأكاديميون الأتراك يدققون في الأرقام الرسمية التي نشرتها أنقرة.

تسونامي
بعدما اعترفت تركيا بأول إصابة في 11 مارس، نشر إرجين كوجييلدريم من كلية الطب في جامعة بيتسبورغ مقالاً حذر عنوانه من أن "التغطية على فيروس كورونا هي كارثة تنتظر الحدوث." في 28 مارس، قدّر المحلل المالي المقيم في نيو جيرسي إينان دوغان أن هنالك مصاباً من بين كل 150 شخصاً في تركيا متوقعاً أن تتخطى أعداد الوفيات 5 آلاف شخص بحلول أواسط أبريل. وفي 3 أبريل أيضاً، وخلال مقابلة مع مجلة نيويوركر، حذر إمرا ألتينديش من كلية علوم الأحياء في جامعة بوسطن من "تسونامي" في طريقه ليضرب المدن التركية.

الشبهة الأولى
ذكر كوالسكي وإردمير أنه في الوقت نفسه، تحول أكاديميون أمريكيون-أتراك إلى دراسة إحصاءات الوفيات الإجمالية لكشف الثغرات في أرقام الوفيات الرسمية بفيروس كورونا. قارن جنكيز زوبلو أوغلو من جامعة ميامي عدد الأشخاص الذين تخطوا سن 65 عمرهم والذين توفوا في اسطنبول في مارس 2019 مع عدد الوفيات في مارس 2020. وجد الباحث زيادة ب 296 وفاة عن السنة الماضية، وهو رقم لافت للنظر، بما أن الرقم الرسمي عن عدد وفيات كورونا كان فقط 131 شخصاً على امتداد البلاد بحلول نهاية مارس.

مزيد من نقاط الاستفهام
احتسب أونور ألتينداغ من جامعة بنتلي أنه كان هنالك أعداد وفيات إضافية ب 2158 حالة في اسطنبول وحدها بين 12 مارس و 11 أبريل. ولاحظ عبد الله أيدوغان من جامعة كولومبيا أنه بين 20 و 27 مارس، كان عدد وفيات الأشخاص من عمر 65 وما فوق أعلى ب 325 مرة بالمقارنة مع معدل الفترة نفسها للسنوات العشر الماضية. في 21 أبريل، وخلال احتساب أيدوغان نسبة الوفيات المتناسقة والمنخفضة لكن غير المحتملة التي يقدمها الرسميون الأتراك، وجد أنه خلال فترة الأيام العشرة التي تم تحليلها، اختلفت الوفيات الرسمية في تركيا بنسبة أقل من أي دولة أخرى، الأمر الذي أثار الشبهات حول تلاعب بالبيانات في التقارير الرسمية.

غضب وتعثر في التبرير
أضاف الباحثان أن البيانات التي جمعتها صحيفة نيويورك تايمز أكدت وجود قفزة غير اعتيادية في الوفيات. أدى ذلك إلى استنتاج مراسلة الصحيفة في تركيا كارلوتا غال أن "تركيا تواجه كارثة فيروس كورونا أكبر بكثير مما تقترحه الأرقام والبيانات الرسمية." وفي 22 أبريل، هاجم وزير الصحة التركي الصحيفة واصفاً إياها بأنها منصة إخبارية "تجمعها دوافع مناهضة لتركيا." وادعى أن هذا الارتفاع الكبير في الوفيات المسجلة في اسطنبول ينبع من إجراءات وزارة الداخلية التي اتخذتها في 26 مارس والتي منعت ترحيل الوفيات لكي يتم دفنها في مسقط رأسها. لكن الخبراء سارعوا إلى رفض تحليل الوزير مشيرين إلى أن إحصاءات الوفيات التي تنشرها اسطنبول سجلت دوماً الوفيات داخل المدينة لا أرقام أعداد عمليات الدفن.

قررت حجب معلوماتها
أشارت أورونيوز إلى أن أعداد الوفيات بين سكان اسطنبول بدأ بالارتفاع قبل إعلان تركيا عن الوفاة الأولى بالفيروس، أي قبل فترة طويلة من فرض القيود على إعادة إرسال الوفيات إلى مسقط رأسها. وحذر المحلل الاقتصادي من جامعة هارفارد إمري دليفلي من أن "تقليل الإبلاغ عن عدد الوفيات يمكن أن يزرع شعوراً خاطئاً بالأمان لدى الجمهور حول أن انتشار الفيروس هو تحت السيطرة". ومنذ ذلك الوقت، لم تعد تركيا تسمح للمستخدمين بالبحث عن الوفيات وفقاً لعمر المتوفين على موقعها الإلكتروني. وختم الباحثان بأنه آن الأوان كي يدرك أردوغان بأنه غير قادر على إخفاء هذه الأزمة عبر البروباغندا وقمع الأصوات الناقدة والمعارضة.