مكافحة الأخبار المضللة عن كورونا (تعبيرية)
مكافحة الأخبار المضللة عن كورونا (تعبيرية)
الثلاثاء 21 يوليو 2020 / 13:54

صائدو الشائعات في الشرق الأوسط يحاربون "وباء التضليل" في زمن كورونا

على منصات التواصل الاجتماعي تطالعك منشورات تؤكد أن فيروس كورونا "مؤامرة أمريكية"، وأنه "وباء غير قاتل" يمكن معالجته بالثوم، وأن فصل الصيف يقضي عليه، وغيرها من الأخبار الكاذبة التي يعمل ناشطون وإعلاميون في الشرق الأوسط على دحضها.

ويبذل هؤلاء جهوداً كبيرة لمكافحة "وباء المعلومات" الذي يعتبرونها خطيراً مثل العدوى بالفيروس.

ويقول الناشط بحر جاسم من مجموعة "تيك فور بيس" التقنية من أجل السلام التي حوّلت حملتها المستمرة منذ 4 أعوام ضد الأخبار السياسية والاقتصادية المزيفة، إلى تفنيد أخبار الوباء: "نحاول تصحيح الأخبار والحفاظ على أرواح الناس".

وتنشر حسابات المجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لأخبار مفبركة عن الفيروس، مثل اكتشاف علاجات جديدة، أو وفيات مشاهير بسبب الوباء، أو الحديث عن أعداد شفاء مطمئنة.

ويميز الناشطون تلك الصور بختم أحمر وكتابة "منشور مزيف" مصحوباً بتصحيح وروابط لمعلومات أكثر دقة، شاهدها أكثر من مليون متابع.

ويقول جاسم: "لا ندحض الخبر الكاذب فقط، وإنما أيضاً ننشر الوعي حول كورونا، عن الوقاية الصحيحة أو تداول استخدام العلاج الخاطئ".

واتسعت الحملة مع تسجيل منطقة الشرق الأوسط ارتفاعاً كبيراً في عدد المصابين بكورونا.

ففي العراق، ارتفع العدد إلى أكثر من ألفي إصابة يومياً في نهاية يونيو (حزيران)، ليلامس 3 آلاف حالة يومياً في يوليو (تموز) الجاري.

وشهد لبنان وسلطنة عمان والجزائر ذروة في الإصابات اليومية منتصف يوليو (تموز)، بينما شهدت السعودية والأردن الذروة الشهر الماضي، ويبدو أنها في طور الاستقرار.

ويلقي الأطباء في العراق باللوم على المعلومات المضللة المنتشرة على الإنترنت، إذ يصر مرضاهم على أن الفيروس مؤامرة أمريكية، أو أن الناس يموتون فعلياً بهجوم بغاز السارين، أو أن درجات الحرارة المرتفعة في العراق ستوقف انتشار الفيروس.

ويقول ممرضون إن تلك المعلومات المضلّلة قد تقلّل من احتمال وضع الكمامات في الأماكن العامة، أو التقيد بالتباعد الاجتماعي، أو غسل الأيدي بانتظام.

ويشير ناشطون لفرانس برس إلى أن المعلومات المغلوطة عن الجائحة تنتشر بلغات مختلفة منذ الأيام الأولى للوباء، لكن انتشارها بالعربية خطير، بسبب نقص التقارير ذات المصداقية.

ولاحظت منظمة "مراسلون بلا حدود" تشدداً من السلطات على وسائل الإعلام في الشرق الأوسط في2020، خاصةً عن المعلومات المتعلقة بكورونا.

ونتيجة لذلك، يقول ناشطون، إن متلقي الأخبار يشككون في المعلومات التي يجدونها على المنصات التقليدية، وهم أكثر ميلاً لتغذية نظريات المؤامرة.

ويقول الناشط العراقي المقيم في الولايات المتحدة فيصل المطر، مؤسس مجموعة "أفكار خلف الحدود"، "الثقافة الإعلامية غير موجودة. يمكن للعراقيين الذهاب إلى فيس بوك، وتويتر، ولكنهم غير مؤهلين حقاً لرؤية 50 مصدراً مختلفاً والتمييز بين الحقيقة والخيال".

ودخلت تلك المجموعة في شراكة مع "ويكيبيديا" لترجمة أكثر من 250 صفحة غنية بالتفاصيل عن أصول كورونا ونشرها بالعربية.

ويقول المترجم المتطوع عصام فواز المقيم في مدينة طرابلس في شمال لبنان، إنها ليست مهمة سهلة بالنظر إلى اللكنات المتنوعة للغة العربية.

ويشير فواز إلى أن "المصطلحات العلمية في اللغة العربية غير موحدة. تجد المصطلح نفسه المستخدم مثلا في سوريا، ولبنان، والأردن مختلفا تماماً عن المصطلح المستخدم في مصر، أو في دول المغرب"، بينما بعض المصطلحات الإنجليزية بلا مرادفات بالعربية.

لكن الاقتناع بالتأثير في المجتمع من خلال عمله، جعل فواز يستمر، قائلاً: "الموضوع عندي شخصي. أنا كنت من الذين يصدقون تلك الخرافات، لكني كنت محظوظاً بوجود أشخاص يدعمونني ويقولون لي شغّل عقلك".

ويضيف "يمكن لشخص واحد مقتنع بأن الموضوع خرافة أو يصدق خبراً كاذباً، أن يتسبّب في مصيبة للمجتمع".

ومنذ تفشي فيروس كورونا، نشرت صفحة "في ميزان فرانس برس" التي تشكل جزءاً من مدونة الوكالة الإلكترونية لمكافحة التضليل الإعلامي بلغات عدة، عشرات التقارير التي تدقّق في أخبار كاذبة وتدحضها بالإثباتات.

وهكذا، أثبت فريق تقصي صحة الأخبار في الشرق الأوسط أن منظمة الصحة العالمية "لم تقفل ملف كورونا"، وأن المنظمة لا تشارك في اختبار لتشخيص الفيروس على الإنترنت، وأن وضع الكمامات لا يسبّب نقص الأكسجين في الجسم، وغيرها من الأخبار المركبة والشائعات.

ويقول معتز الظاهر، مدير الإعلام في منصة "فتبيّنوا" التي تأسست بالأردن في 2014 لتفنيد الأخبار الكاذبة: "الخبر الكاذب ينتشر أسرع من الخبر الصحيح. كمية الأخبار الكاذبة على تطبيق واتساب كبيرة جداً".

ويستخدم هؤلاء التطبيق للبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة، ولكن أيضاً لمشاركة الروابط والصور والرسائل الصوتية.

ويقول الظاهر إن هناك إجراءات قليلة متخذة لمكافحة الأخبار المضللة على واتس اب، لأن الرسائل مشفرة ولا يمكن للتطبيق اعتبارها مشبوهة كما هي الحال على فيس بوك وتويتر.

لذا، أنشأت "فتبيّنوا" قناتها الخاصة لإرسال تقارير عن كورونا مستندة إلى حقائق، الى الآلاف من مستخدمي واتس اب في وقت واحد.

وتتضمن الرسائل روابط لمقالات عربية طويلة بإسنادات علمية على موقع المنصة، ورسومات بيانية عن الفيروس عبر صفحة إنستغرام، إضافة إلى مقاطع فيديو مدتها دقيقة واحدة تصل إلى ما يقارب 800 ألف متابع على فيس بوك.

وترفع المنصة شعاراً لحملتها "الإشاعة فيروس أيضاً!".