الجمعة 20 نوفمبر 2020 / 18:54

عمالة حكومة الصخيرات جعلت طرابلس عاصمة للعصابات وتجار المخدرات

صارت سواحل مدن الزاوية ومصراتة وطرابلس وصبراتة باتت نقطة تلاقي مصالح المافياوات العالمية، ومحطة ترانزيت لمهربي البشر والمخدرات، بعد الكم الهائل من الجرائم التي ارتكبتها تلك العصابات في حق الانسانية أولاً وسيادة الدولة الليبية ثانياً على سواحل غرب ليبيا، وبمساعدة مجرمون داخل ليبيا مطلبون دولياً مثل البيدجا وغيرهم.

فقد كشفت صحيفة "إفينيري" الإيطالية في تقرير لها نشر منذ ثلاثة أسابيع عن واقعة مثيرة للجدل حدثت في مايو الماضي بميناء إيتاجاي على بعد ألف كيلومتر جنوب مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، بعد أن تلقت شرطة الجمارك البرازيلية معلومات سرية تفيد بوجود شحنات ضخمة من المخدرات على متن حاويتين بالميناء، برغم تفتيش الحاويتين مرتين دون وجود أي شيء محظور عليها.

الى أن اكتشفت شرطة الجمارك البرازيلية عند تفتيشها للمرة الثالثة 128.4 كغم من الكوكايين، كي تسجل شرطة الجمارك إجمالي ما تم ضبطه منذ بداية العام الجاري 1.17 طن بقيمة لا تقل عن 100 مليون يورو.
وكان الأخطر عندما كشفت شرطة الجمارك البرازيلية عن أن جميع الشحنات كانت متجهة إلى ليبيا، كي ترفع تلك الواقعة مؤخرا النقاب عن شبكات دولية كبيرة جدا تتكون من مجموعات مسلحة ليبية تعمل خارج حدود بلادها في إطار غير شرعي بجانب رجال أعمال من مالطا ورجال مافيا بجزيرة صقلية الإيطالية وتجار مخدرات بأمريكا الجنوبية، بعد أن اتفقوا على رسم طرق جديدة يتم من خلالها تهريب المواد المخدرة إلى ليبيا عبر عصابات داخل ليبيا ودول أفريقية، وكانت مافيا كوسا نوسترا الصقلية هي العقل المدبر والرابط لكل تلك الشبكات معا، كما ذكرت الصحيفة.

فحال وخرائط وعصابات تجار المخدرات يسير بالتوازي مع تجار البشر ومهربي فحم الكوك، فتقول الصحيفة الإيطالية أن شحنات الكوكايين تدخل إلى ليبيا من أمريكا الجنوبية عبر موريتانيا.

وحسب تقرير الصحيفة الإيطالية ففي مارس الماضي سمحت جماعات ليبية مسلحة باستيراد وتخزين وإعادة تصدير المخدرات على نطاق واسع، بعد تعاون واسع بين منظمة ندرانجيتا الإجرامية وعصابات في مدينة الزاوية تابعة إلى مهرب الوقود المعروف بأسم البيدجا الذي تم اعتقاله الشهر الماضي، وعصابات أخرى بمدينة زوارة ومن بينهم المهرب الليبي فهمي سليم بن خليفة الذي أنشأ المنظمة الإجرامية التي استهدفتها إدارة مكافحة المافيا بمنطقة كاتانيا الإيطالية.

كما تطرق تقرير الصحيفة الإيطالية لتاريخ مافيا سانتاباولا إركولانو الصقلية المتورطة في سلسلة ما عرف إعلامياً بالنفط القذر، بمشاركة مهربين للبشر وتجار المخدرات من مدينة زوارة الليبية.

وحقيقة الأمر جاء تقرير صحيفة "إفينيري" الإيطالية بالكاشف لحقيقة فساد السياسيين بحكومة طرابلس، وتراخي رجال الأمن وسطوة الفاسدين ورجال العصابات على الغرب الليبي، الذي تحول لميدان لممارسة كل أنواع التجارة المحرمة والممنوعة دوليا، وأنه بمثابة شهادة جديدة لخيبة حكومة الفرقاطة ورئيسها فايز السراج رجل روما الأول في الغرب الليبي.

وقد ألقت السلطات الليبية في العاصمة طرابلس منتصف أكتوبر الماضي القبض على عبد الرحمن ميلاد الشهير باسم "البيدجا" والمطلوب لدى الإنتربول بتهمة تهريب البشر، بناء على اتهامات وجهتها النيابة العامة إليه تتعلق بالإتجار بالبشر وتهريب مهاجرين وتهريب الوقود.

وبحسب لجنة تابعة للأمم المتحدة في 2017 فإن البيدجا وأفراد آخرون فيما يسمى بـ قوة خفر السواحل، ضالعون في إغراق قوارب تقل مهاجرين بعرض البحر المتوسط، كما أن البيدجا ترأس حرس السواحل في مدينة الزاوية المعروفة بإساءة معاملة المهاجرين واستخدام العنف ضدهم.

كما كشف تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في يونيو 2018 عن تورط البيدجا في تزعم تشكيلات عصابية لتهريب البشر في ليبيا، وتعذيب المهاجرين وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وبحسب تقديرات المكتب الدولي للهجرة فإن 20 ألف مهاجر ماتوا أثناء عبورهم البحر المتوسط منذ 2014، وهو ما دفع مجلس الأمن منتصف الشهر الماضي لإصدار قرار بالإجماع يسمح للدول بتفتيش القوارب التي يشك بأنها تهرب مهاجرين قرب السواحل الليبية.
فهناك أنظمة دولية بالتعاون مع عصابات المافيا المعروفة في روما وصقلية استغلوا ضعف عدد كبير من الشخصيات السياسية في حكومة الصخيرات أمام المال، وفساد الآخرين من رجال الأمن بغرب ليبيا، كي يظهر من هم أمثال البيدجا، ليمارسوا تجارتهم المجرمة في القانون والمحرمة في الدين، حتى أصبحت طرابلس عاصمة للمافياوات بالمتوسط وأمريكا اللاتينية وليس للشعب الليبي.

ومجرم مثل البيدجا ليس آخر المتورطين في الإتجار بالبشر وتهريب النفط والمخدرات، ولكن البيدجا هو مجرد عنوان رئيسي لسلسلة طويلة من الأسماء المتورطة في تلك الجريمة سواء كانوا من مدينة الزاويا أو مصراتة أو حتى من خارج ليبيا.

فالغرب الليبي لا يخضع لأي قوانين سواء محلية أو دولية، وقصة المجرم البيدجا وحدها تكشف لنا مدى ضعف القبضة الأمنية لدى حكومة الصخيرات، وعن تواطئ العديد من القيادات الشرطية والأمنية بتلك الحكومة مع هولاء المجرمون، فلم يكن للبيدجا أن يتوغل هو وأمثاله لسنوات إلا بتواطئ من حكومة الصخيرات، إن لم يكن تلك الحكومة متورطة مع البيدجا وأمثاله بشكل مباشر، وهي الحكومة التي صارت تتعامل مع أهل طرابلس والغرب الليبي كمافيا وليس كحكومة مسؤولة، لذلك وجود البيدجا وأمثاله كان أمر طبيعي في ظل ذلك المناخ الفاسد.

فإن كانت جزيرة صقلية الإيطالية تمثل عاصمة المافياوات العالمية، فغرب ليبيا الآن صار أبرز نقطة ترانزيت لتلك المافياوت والعصابات الدولية، وعندما نرى حجم المصالح التي تستفاد منه بعض الأنظمة الدولية والمافياوات العالمية من حالة التسيب الأمني في غرب ليبيا، سنعلم لماذا ما يسمى بحكومة الوفاق مدعومة دولياً.

فسواحل غرب ليبيا يتم من خلالها تنفيذ أكبر حجم لتجارة المخدرات والبشر بين تلك المافياوات، وصارت هي نقطة التقاء مصالح تلك العصابات الدولية، وكل هذا يتم بمباركة أو بالأدق بمشاركة حكومة الصخيرات.

فإن كان هناك لصوص محترفين على الشط المقابل لسواحل غرب ليبيا في صقلية، ففي غرب ليبيا تلاميذ لهولاء اللصوص يطبقون ما يملى عليهم بالحرف الواحد، كي تستمر تلك التجارة الغير مشروعة بين تلك الأطراف المتشابكة.