الخميس 31 ديسمبر 2020 / 12:48

كيف يمكن لبايدن تطوير نجاحات ترامب الخارجية؟

دعا الكاتب السياسي في مجلة "واشنطن تايمز" كليفورد ماي الرئيس المنتخب جو بايدن إلى تأسيس إرث الشخصي في السياسة الخارجية، وأن لا يكون استمراراً لسياسات الرئيس السابق باراك أوباما. ولا يرى ماي، فرقاً كبيراً بين شعاري بايدن وترامب "أعيدوا البناء بشكل أفضل" و"اجعلوا أمريكا عظيمة ثانية". فهما يدعوان إلى إعادة عكس التدهور والضمور اللذين تعاني منهما الولايات المتحدة وإلى إصلاح ما خُرب.

لا أحد يتوقع من بايدن القول علناً إن سياسات ترامب صححت بشكل ضروري سياسات أوباما

بعد ثمانية أعوام من غياب نية أوباما في تعزيز مضداقية القوة الأمريكية ضد أعدائها، حقق ترامب بعض النجاحات البارزة في السياسة الخارجية والأمن القومي. وعانى أيضاً من بعض الإخفاقات البارزة. وفي مجالات أخرى، أحرز ترامب تقدماً تدريجياً بإمكان بايدن تطويره.

إما ذكي أو محظوظ
أضاف ماي أن ترامب دخل البيت الأبيض بمعرفة محدودة للعلاقات الدولية، والآليات المعقدة لصناعة السياسة وتنفيذها. أدرك أموراً قليلة عن عقد الصفقات، واستوعب بالحدس منطق "السلام من خلال القوة".

على هذا الأساس، زاد الإنفاق الدفاعي بسبب التخفيض الهائل في الميزانية الدفاعية خلال سنوات أوباما، الأمر الذي ترك الجيش الأمريكي في جاهزية متناقصة وبأسلحة متقادمة.

ويجد الكاتب أن ترامب كان إما ذكياً أو محظوظاً بعد تعيين جندي وباحث منضبط مثل الجنرال أتش آر ماكماستر مستشاراً لشؤون الأمن القومي. خرج ماكماستر باستراتيجية الأمن القومي 2017 والتي أظهرت أن النظام الحاكم في الصين، ينظر إلى نفسه عدواً للولايات المتحدة وأنه كان ينفذ سياسة تحويل ما يسمى بالنظام الليبيرالي الدولي القائم على القواعد، إلى نظام غير ليبيرالي بقواعد "متعارضة مع القيم والمصالح الأمريكية".

أدركت استراتيجية الأمن القومي أن "تصفير" أوباما المتبجح للعلاقات مع روسيا، فشل في تحويل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى صديق لأمريكا، ورغم أن ترامب دافع غالباً عن بوتين، ظلت سياسات إدارته، مع دفع من الكونغرس، قوية نسبياً.

قناعة إيران بتغير أمريكا 

وصفت الاستراتيجية النظام الإيراني والسلالة الديكتاتورية في كوريا الشمالية بـ "نظامين مارقين".

تعهدت طهران على مدى أربعة عقود "الموت لأمريكا" بينما سعت سراً إلى حيازة أسلحة نووية لتقرن إمكاناتها بنواياها. وبموجب الاتفاق النووي الذي وقعه أوباما، وافق النظام على تعليق، لا إنهاء، بعض جوانب برنامجه النووي. أضاف ماي أن محاولة شراء أو استئجار النوايا الحسنة لحكام إيران الإسلامويين لم تحظَ قط بدعم الكونغرس أو الجمهور.

الانسحاب من النووي

وفي مايو (أيار) 2018، انسحب ترامب من الاتفاق النووي. وفرض بعدها عقوبات أعاقت الاقتصاد الإيراني، وقلصت دعم النظام المالي للمجموعات الإرهابية. لكن حملة "الضغط الأقصى" لم تكن حقاً قصوى، وبعد أكثر بقليل من عامين من العقوبات لم يُجبر حكام إيران على تقديم تنازلات جدية مقابل تخفيفها. يعتقد الممثل الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية إيليوت أبرامز، أن النظام قريب من تلك النقطة، إذا لم تبدِ الإدارة الجديدة تردداً.

وبعد اتخاذ ترامب القرار الجريء باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي يشكل جزءاً من الحرس الثوري، والمنظمة الإرهابية المسؤولة عن قتل مئات الأمريكيين، فإن إيمان الملالي الراسخ بأن "الأمريكيين غير قادرين على فعل أي شيء" تزعزع فجأة.

سذاجة
بالنسبة إلى كوريا الشمالية، لم تنجز سياسة "الصبر الاستراتيجي" لأوباما شيئاً. حاول ترامب اتّباع مقاربة مختلفة، الديبلوماسية الشخصية، ولكنها أخفقت هي الأخرى.

كان من السذاجة الاعتقاد أن كيم جونغ أون سيستميله عرض ترامب لانتشال شعبه من الفقر. وحسب ما يظهر، لم تنجح التهديدات المستترة لدفع الديكتاتور الكوري الشمالي إلى دراسة إنهاء تطوير إمكانات توجيه رؤوس نووية ضد أهداف أمريكية.

أطلق ترامب تحركاً مهماً ضد داعش في سوريا. قادت مجموعة صغيرة من قوات النخبة في الجيش الأمريكي حلفاء أكراداً وعرباً لانتزاع الأراضي التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي، بعد سحب أوباما جميع القوات الأمريكية من العراق في 2011.

تصوّر نهاية للنزاع
تابع ماي أن أبرز انتصار تاريخي لإدارة ترامب، كان توقيع الاتفاق الابراهيمي بين دول عربية عدة وإسرائيل، وكانت الإمارات والبحرين رائدتان في هذا المجال. ثم تبعهما السودان، والمغرب. وبات بالإمكان الآن تصور نهاية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن ذلك سيتطلب من القادة الفلسطينيين تحديد "القضية الفلسطينية"، لا لتدمير الدولة اليهودية، في دولتين لشعبين يتعايشان بسلام.

يتوقع ماي ألا تتبنى حركة حماس هذا الموقف. أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فكان، في أفضل الأحوال، متأرجحاً حول ما يمكن أن يعنيه حل الدولتين.

المليارات لم تحقق أهدافها
ثمة اعتقاد أن الصين قرصنت سجلات أكثر من 20 مليون أمريكي بين 2013 و 2015، وأن روسيا قرصنت أخيراً ما لا يقل عن ست إدارات فيديرالية.

ويوضح الأمر أن عشرات المليارات التي أنفقت على الدفاع السيبيراني في ولايتي أوباما وترامب، فشلت في تحقيق الهدف، وأن المسؤولية الأساسية لأي رئيس أمريكي، هي الدفاع عن الأمريكيين ضد الذين ينوون إيذاءهم.

لقد تعلّموا

يوضح ماي أن لا أحداً يتوقع من بايدن القول علناً إن سياسات ترامب صححت بشكل ضروري سياسات أوباما. ولكن على الأقل، تعلم بايدن مع كبار مستشاريه بعض الدروس في السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة، والتي اتّسمت بالاضطراب. سيكون من السابق لأوانه، إن لم يكن ساخراً، استبعاد هذا الاحتمال.