الأربعاء 3 مارس 2021 / 15:03

تحريم صنع الأسلحة النووية مجرد "فتوى خرافية" إيرانية

أكد كبير محللي الأبحاث في لجنة متابعة الدقة في تقارير الشرق الأوسط في أمريكا شون دورنز أن "الفتوى الإيرانية" حول تحريم صنع الأسلحة النووية ليس سوى "خرافة" ومجرد ادعاءات متضاربة تصبّ في مصلحة النظام.

شل النظام في نشر النصّ الفعلي للفتوى، إلى جانب اعتماده على رسالة من خامنئي إلى مؤتمر في طهران، يشكل انتهاكاً للسنن الشيعية، والتي بموجبها تتكوّن الفتوى المنشورة من سؤال موجه إلى أحد كبار آيات الله مع إجابته


وقال دورنز، في تحليل لمجلة "ناشيونال انترست"، إنه في عام 1962 لاحظ الرئيس الأمريكي جون ف. كينيدي إن "العدو الأكبر للحقيقة ليس الكذبة على الأغلب، وأن الأسطورة هي الثابتة والمقنعة وغير الواقعية". وعندما يتعلّق الأمر بالبرنامج النووي الإيراني، فليس هناك نقص في الأكاذيب أو الأساطير. وللأسف، في الغرب لا يوجد نقص في الاستعداد لنشرها. ومن بين الخرافات الأكثر إلحاحاً ما يسمى بـ "الفتوى النووية الإيرانية".

تضليل طويل الأمد
في التقارير الأخيرة، زعمت وسائل إعلام أن "فتوى دينية" أصدرها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تنص على أن الأسلحة النووية محرمة". ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن محمود علوي، وزير الاستخبارات الايراني، تأكيده أن "برنامجنا النووي سلمي، وفتوى المرشد الأعلى تُحرّم الأسلحة النووية". ومع ذلك، حذّر علوي من أنه "إذا دفعوا إيران في هذا الاتجاه ، فلن يكون ذنب إيران ولكن أولئك الذين دفعوها".

يقوم رئيس الاستخبارات الإيرانية بأكثر من مجرد تهديد الولايات المتحدة، وأولئك الذين يسعون لمنع النظام من تطوير أسلحة نووية غير مشروعة. كما أن علوي منخرط في حملة تضليل طويلة الأمد وتجدّدت مؤخراً.
في تقرير بتاريخ 6 أبريل (نيسان) 2015، أشار معهد "الشرق الأوسط لبحوث الإعلام" (MEMRI) إلى أنه "لم يتم إصدار مثل هذه الفتوى مطلقاً، وحتى يومه لم يتمكّن أحد من إظهارها". وبتاريخ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 ، حذّر "Fact Checker" الخاص بصحيفة "واشنطن بوست" من أنه يجب على المسؤولين الأمريكيين "توخّي الحذر بشأن الحديث عن أن الفتوى تحظر تطوير أسلحة نووية، لأن هذا ليس واضحاً بعد الآن".

حملة دعائية
لكن ما هو واضح هو أن النظام الإيراني استخدم منذ سنوات مزاعم الفتوى النووية كجزء من حملته الدعائية. في مايو (ايار) 2012، قبل فترة وجيزة من توليه الرئاسة، أكد حسن روحاني أن الفتوى صدرت في عام 2004 في خطبة الجمعة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) في جامعة طهران. وزعم أن تلك الخطبة كانت "فتوى" ضد الأسلحة النووية.

فبركات

وانخرطت الصحافة الغربية وصنّاع القرار، على حد سواء، في فبركات روحاني. في 24 سبتمبر (أيلول) 2013، قال الرئيس آنذاك باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لقد وضع المرشد الأعلى فتوى ضد تطوير الأسلحة النووية". وردّدت كل من هيلاري كلينتون وجون كيري تصريحات أوباما.
لكن لاحظت وزارة الطاقة الذرية الإيرانية، في ترجمتها لخطبة العام 2004، لم يقل المرشد الأعلى لإيران أن امتلاك الأسلحة النووية أو تخزينها أو استخدامها "محظور" (حرام). وبدلاً من ذلك، قال فقط إنها "مشكلة".

ادعاءات متضاربة
لم يتمّ تقديم أي دليل مكتوب على فتوى فعلية، الأمر مجرد ادعاءات متضاربة. في الواقع، تمّ تأريخ الفتوى بشكل مختلف على أنها صدرت في التسعينيات أو في 2003 أو 2004 أو 2005 أو 2007 أو 2012، تزامناً مع حوادث كان تركيز المجتمع الدولي منكبّ خلالها على برنامج إيران النووي.

انتهاك للسنن الشيعية
في أبريل (نيسان) 2010، كتب خامنئي رسالة إلى مؤتمر طهران الدولي لنزع السلاح وعدم الإنتشار يشير فيها إلى الأسلحة النووية على أنها محظورة، "لكن هذه ليست فتوى". كما أشار تحليل للخبير الإيراني في القانون الدولي بهمن أغاي ديبا، في عام 2014، إلى أن فشل النظام في نشر النصّ الفعلي للفتوى، إلى جانب اعتماده على رسالة من خامنئي إلى مؤتمر في طهران، يشكل انتهاكاً للسنن الشيعية، والتي بموجبها تتكوّن الفتوى المنشورة من سؤال موجه إلى أحد كبار آيات الله مع إجابته.

ومنذ عام 2004، نشرت إيران مئات الفتاوى الجديدة على الإنترنت تتناول سلسلة كاملة من القضايا السياسية إلى الدينية والثقافية، ومواضيع متنوّعة مثل الرقص إلى تناول الأدوية التي تحتوي على الكحول. ولكن لم تظهر فتوى ضد الأسلحة النووية.

اعتبارات دينية

وإذا برزت أي فتوى، فمن الجدير بالذكر أنها ستكون مسموعة مثل كلمة النظام. ولاحظ عالم الدين الشيعي مهدي خلجي ومايكل آيزنشتات من معهد "واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، فإن الفتاوى الدينية في الجمهورية الإسلامية "لا تستند إلى الشريعة الإسلامية بل في عقيدة النفعية للنظام، كما يفسرها المرشد الأعلى. . . إذا كان قادة الجمهورية الإسلامية يعتقدون أن تطوير الأسلحة النووية أو تخزينها أو استخدامها يصبّ في مصلحتها، فإن الاعتبارات الدينية لن تُقيّد هذه الإجراءات".

تقرير الاستخبارات 2007

وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل على وجود فتوى إيرانية بشأن الأسلحة النووية، إلا أن هناك أدلة متزايدة على نشاط إيران النووي. في 30 أبريل (نيسان) 2018، كشفت إسرائيل أن عملاء استخباراتها تمكّنوا من الحصول على آلاف الوثائق من طهران، والتي تمّ توثيقها لاحقاً من قبل الولايات المتحدة، والتي أظهرت أن إيران لم تكذب فقط بشأن برنامجها النووي، بل كانت منخرطة في إخفائه أثناء المفاوضات مع الولايات المتحدة والدول الأخرى. كما أوضحت لجنة "الدقة في إعداد التقارير والتحليل في الشرق الأوسط" في مقال رأي بتاريخ 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، دحضت الوثائق تقرير الإستخبارات الوطنية لعام 2007 (NIE) الذي ادعى أن إيران أوقفت العمل في برنامجها النووي.

وختم دورنز قائلاً إن تقرير الاستخبارات القومية لعام 2007، مثل الفتوى الأسطورية، لطالما استقطب أولئك الذين ينظرون إلى الجمهورية الإسلامية على أنها تتمتع بحسن النية. لكن الحقائق - وليس الخيال - تشير إلى نقيض ذلك".