إيراني أمام ملصقات انتخابية في طهران (أرشيف)
إيراني أمام ملصقات انتخابية في طهران (أرشيف)
الأربعاء 16 يونيو 2021 / 13:38

بلومبرغ: جوهر الانتخابات في إيران...الإرث السام لخامنئي

24-زياد الأشقر

في مسرح العرائس الفارسي المعروف بشاه سليم بازي، تقدم حبكة الروايات المأسوية للمشاهدين لمحة عن ذهن حاكمهم وما تفعله إدارته. وخلف الشاشة، يتولى "المرشد" أو الزعيم الروحي، الذي يضطلع أيضاً بدور الراوي تحريك الخيوط، ما يسمح له بالتلاعب ليس بالدمى فقط، وإنما بالرأي العام أيضاً.

المسألة هنا، أبعد من الاقتصاد أو السياسة الخارجية أو حتى الرئاسة نفسها. إن المسألة تتعلق بالمنصب الذي يتبوأه خامنئي حالياً، وبالجمهورية كما يريد لها أن تكون

هذا ما يقوله الكاتب بوبي غوش في موقع "بلومبرغ" عن الانتخابات الإيرانية المقررة الجمعة، معتبراً أن من المغري النظر إليها على أنها شيء مختلف عن هذا الشكل، مع لعب الحاكم نفسه، دور المرشد.

وخلال ثلاثة عقود منذ وصوله إلى منصب القائد الأعلى، حرص خامنئي على انتقاء مرشحين ملتزمين بالأفكار الدينية للجمهورية، وأن يكونوا موالين له شخصياً. وعلى غرار هنري فورد، منح الناخبين حرية اختيار أي لون، ما دام أسود.

وليس بالمعنى المجازي فحسب، كان خامنئي يميل إلى اختيار مرشحين من رجال الدين. وكان الاستثناء الوحيد، محمود أحمدي نجاد، الذي عوض افتقاره إلى المواصفات الدينية، بدور اتسم بالتقوى أكثر من رجال الدين.

مجلس صيانة الدستور
لكن القائد الأعلى لم يشد الخيوط على نحوٍ صارم كما فعل في عرضه التاسع من عرض الدمى الرئاسي، واستخدم خامنئي سيطرته على مجلس صيانة الدستور، الذي يشرف على العملية الانتخابية، لشطب أي مرشح طموح يمكن أن يتحدى مرشحه، إبراهيم رئيسي، رجل الدين المتشدد.

وحتى المستفيدين السابقين من مثل هذا الاتجاه رأوا أن سيد الدمى، ذهب بعيداً. وحض الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، خامنئي على توسيع ميدان المنافسة، بينما قال أحمدي نجاد، إنه لن يُصوت الجمعة.

نسبة الإقبال
وانتشرت دعوات للمقاطعة، بينما من المتوقع أن تكون نسبة الإقبال ضئيلة جداً، وهو ما لن يدمر فقط مصداقية الانتخابات في حد ذاتها، بل وشرعية خامنئي أيضاً.

فلماذا كان القائد الأعلى مستعداً للمخاطرة بكل ذلك لضمان فوز رئيسي؟ طبعاً ليس بسبب اعتقاد خامنئي أن القاضي هو أكثر أهلية من المرشحين الآخرين، لترميم الإقتصاد الإيراني الذي أنهكته العقوبات، وإحياء الاتفاق النووي مع القوى العالمية، وخفض التوترات مع الدول المجاورة.

إن المسألة هنا، أبعد من الاقتصاد أو السياسة الخارجية أو حتى الرئاسة نفسها. إن المسألة تتعلق بالمنصب الذي يتبوأه خامنئي حالياً، وبالجمهورية كما يريد لها أن تكون.

ويبلغ خامنئي81 هاماً، وتقول شائعات إنه ليس في صحة جيدة. وتختار هيئة من القضاة تعرف بمجلس الخبراء، خليفته. وفي الفترة الانتقالية يتولى إدارة البلاد مجلس موقت يضم أيضاً الرئيس، ورئيس القضاة، وممثلاً عن مجلس صيانة الدستور.

وعلى مدى أعوام، كان خامنئي يعين في هذه المناصب الموالين له، لضمان تفصيل القائد الأعلى الجديد  قماشته نفسها، أي شخصاً بخلفية دينية، ونظرة رجعية إلى العالم، وبخبرة في مؤسسات الجمهورية، ويقيم علاقات وطيدة مع المؤسسة الأمنية، وبكلام آخر، شخص يشبه تماماً، رئيسي.

السياسة أكثر من الدين
وفي الواقع، كانت الدوائر السياسية الإيرانية تفترض منذ وقت بعيد، أن خامنئي يعتبر رئيسي خليفته. كلاهما يتمتع بخلفية مشابهة. وهما يتحدران من ضواحي مدينة مشهد، وتلقيا تعليماً دينياً في مدينة قم، حيث يبدو أنهما انخرطا في السياسة أكثر من الدين.

ونتيجة لذلك، فإن مؤهلاتهما التعليمية مشكوك فيها إلى حد ما، وفي 1989، رقي خامنئي على عجل ومنح لقب "آية الله" لتعيينه قائداً أعلى، وربما يتطلب صعود رئيسي ترقيةً مماثلة.

ألا أن مؤهلاتهما السياسية مطابقة للمواصفات. فكلاهما صعد من صفوف رجال الدين بإثبات الولاء لثورة 1979 ولمصالح قائدها الخميني، القائد الأعلى الأول.

ومن هذا المنطلق، يخلص غوش إلى أن انتخابات الجمعة عند خامنئي تتعلق بأمر قيمته أكثر بكثير، من مجرد الانتخاب.