الأربعاء 8 ديسمبر 2021 / 13:27

فورين أفيرز: لهذه الأسباب لن تخرج أمريكا من الشرق الأوسط

خلصت داليا داسا كاي، الباحثة في مركز "بيركل" للعلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا إلى أن الولايات المتحدة لم تنسحب من منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن، ولن تتخلى عن شركائها الخليجيين، معتبرة أن واشنطن تحتاج إلى وضع إستراتيجية جديدة وليس إستراتيجية خروج من المنطقة.

يمكن للولايات المتحدة، إلى جانب حلفائها الخليجيين، مساعدة الشركاء الذين يريدون تحويل المنطقة من مجموعة من الأزمات إلى مجموعة من الإمكانيات

وكتبت كاي، لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أنه على الرغم من كل الحديث الذي يدور حول الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط والقلق الإقليمي الحقيقي من ابتعاد الولايات المتحدة عن المنطقة بعد ما حدث في أفغانستان، فإن الحقيقة على أرض الواقع تشير إلى العكس: إذ لا تزال واشنطن تحتفظ بشبكة مترامية الأطراف من القواعد العسكرية مبدية استعدادها لتقبُّل حتى أكثر شركائها السيئين باسم تعزيز الأمن الإقليمي. بل والأكثر من ذلك، ربما تؤدي الديناميات الإقليمية إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف، ما يستدعي استمرار الوجود الأمريكي.

التزام تجاه الحلفاء التقليديين
وعلى الرغم من مخاوف الدول العربية من تراجع الالتزام الأمريكي تجاه الشرق الأوسط، يُظهِر الانخراط العسكري الأمريكي في قضايا المنطقة استمرارية هذا الالتزام. وأوضحت الباحثة المرموقة أن الإدارة الأمريكية "لا تدير ظهرها لشركاء الولايات المتحدة التقليديين".

ورغم انشغال وزارة الدفاع الأمريكية حاليًا بمراجعة وضع الولايات المتحدة بصفتها قوة عظمى عالمية، بما قد يؤثر على الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، إلا أن هناك شكوكاً حول استعداد واشنطن لتقليل عديد قواتها في المنطقة، أو تجاهل الاحتياجات الأمنية لشركائها الإقليميين.
وأشارت كاي إلى رغبة شركاء الولايات المتحدة في الخليج في بقاء القوات الأمريكية، على اعتبار أن القواعد العسكرية الأمريكية هناك دليل على التزام واشنطن السياسي بأمنهم.

ومع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ترجّح الباحثة تخفيض عديد القوات الأميركية في القواعد العسكرية في المنطقة، معتبرة أن الإغلاق الكامل لهذه القواعد "سيكون مبالغة".

الحرب مع إيران
وأضافت أن إيران تعتبر أن استمرار الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة هو تهديد لمصالحها. ومع سعي طهران لتعزيز قوة الردع الخاصّة بها، قد تُفضِّل الهجوم على أعداد صغيرة من القوات الأمريكية في مناطق الصراع، بدلاً من ضرب القواعد الأمريكية الكبيرة في الخليج.

ورأت أنه إذا انهار الاتفاق النووي مع إيران، فسيكون من الصعب على الولايات المتحدة تقليص وجودها في الشرق الأوسط وتحويل تركيزها إلى منطقة أخرى. ومن المؤكد أن الإسرائيليين لن يغفلوا إيران، وسيعمَلون على ضمان استمرار التصعيد.

الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني

وإذ أشارت إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل ليست حليفاً للولايات المتحدة في كل المعاهدات، أكدت كاي أن الالتزام السياسي الأمريكي بأمن إسرائيل عميق جداً لدرجة أنه يصعب على واشنطن الوقوف على الحياد في حالة نشوب نزاع كامل بين إيران وإسرائيل.

وبينما لا يزال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني محتدمًاً، أشارت إلى أن صانعي السياسة الأمريكية يفضّلون تحسين الظروف الاقتصادية للفلسطينيين على ممارسة الضغوط على الإسرائيليين في القضايا الجوهرية مثل التوسّع الاستيطاني.

وأكدت أن التطبيع بين إسرائيل والدول العربية لا يُمكن أن يحلّ مكان تسوية بين الأطراف في حالة اندلاع حرب بالفعل.

جزء من الحل وليس المشكلة
وشدّدت كاي على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى إعادة تركيز اهتمامها ومواردها على التحديات التي تؤثر في الحياة اليومية لشعوب الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أنه في هذه اللحظة من التغيرات الإستراتيجية، أمام الولايات المتحدة فرصة لفعل الأشياء بطريقة مختلفة، من أجل وضع إستراتيجية للتنمية والعدالة وتنفيذها، على غرار الاستثمار في إيجاد حلول للتحديات الاجتماعية والاقتصادية وتحديات الحكم الرشيد التي تحول دون حصول مواطني المنطقة على حياة أفضل.

وخلصت إلى أنه "يمكن للولايات المتحدة، إلى جانب حلفائها الخليجيين، مساعدة الشركاء الذين يريدون تحويل المنطقة من مجموعة من الأزمات إلى مجموعة من الإمكانيات. وفي كل الحالات، لن تبتعد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، لكن على واشنطن اغتنام الفرصة لتكون جزءاً من الحل، وليس المشكلة".