إيرانيون في شارع بطهران.(أرشيف)
إيرانيون في شارع بطهران.(أرشيف)
الخميس 20 يناير 2022 / 10:54

تقرير: صبر الإيرانيين ينفد بسبب التضخّم

24-زياد الأشقر

ذكرت مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" في طهران نجمه بوزرجمهر بقول مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني إن الهدف من ثورة 1979 هو تعزيز الإسلام، لا الإقتصاد، وأن التركيز على الأخير يهبط بالكائنات البشرية إلى درك الحيوانات.

يقول الإيرانيون إن الأرقام لا تعنيهم عندما تتآكل قوتهم الشرائية بسبب تضخم يبلغ 43.4 في المئة (حتى ولو كان يعتقد أنه بدأ بالتدني)

وبعد أربعة عقود من هذا الكلام، لا تزال إيديولوجية النظام وعداءه للولايات المتحدة سليمين، لكن الاقتصاد يحتل خطاً أمامياً في تفكير القادة الإيرانيين. وسعى الرئيس إبراهيم رئيسي إلى طمأنة الإيرانيين إلى أن أولوياته تتضمن معالجة المشاكل الإقتصادية وتعزيز رفاهيتهم.

"اقتصاد مقاوم"
وكان الحل بتبني "اقتصاد مقاوم" ضد العقوبات المفروضة من واشنطن التي تتهم طهران بتطوير قنبلة نووية وتغذية العمليات الإرهابية في الشرق الأوسط. وفي إمكان إيران تعطيل مئات الإجراءات العقابية الأمريكية، من خلال التركيز على السوق المحلي، والحد من الإعتماد على الواردات، وزيادة الصادرات غير النفطية إلى دول الجوار، وبيع المزيد من النفط للصين.

ويقول القادة الإيرانيون إن الإقتصاد بدأ بالتحسن نتيجة لذلك. وفي الواقع، فإن الجمهورية الإسلامية تغلبت على التهديدات الإقتصادية والعسكرية الأكبر في السنوات الأخيرة، بحسب ما جاء في البيان الأخير للبنك الدولي.

وبحسب التوقعات الاقتصادية، قال البنك الدولي إن الإقتصاد الإيراني "يتعافى تدريجياً بعد عقد (2020-2011) من النمو الإقتصادي الضئيل".

وبعد سنتين من الإنكماش، نما إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.2 في المئة في الربع الأول من السنة المالية 2022-2021. ويعود الفضل في ذلك إلى التوسع في قطاعي النفط والخدمات وتخفيف القيود المفروضة بسبب وباء كوفيد -19.

شريان حياة
وفي الوقت نفسه، فإن إنتاج النفط-شريان الحياة لإيران- يزداد، إذ بلغ 2.4 مليون برميل في يناير (كانون الثاني) نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، لكنه لا يزال أقل من مستوى ما قبل العقوبات أي 3.7 ملايين برميل في عام 2017، وفق تقرير البنك الدولي.

هذه التطورات الإيجابية عززت موقف طهران في وقت يتفاوض ديبلوماسيوها مع القوى العالمية في فيينا لإحياء الإتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة خلال رئاسة دونالد ترامب عام 2018. ووعدت إيران بأنها ستتراجع عن التقدم الذي أحرزته في المجال النووي، فقط في حال رفعت الولايات المتحدة كل العقوبات أولاً، وأعطت ضمانات بأن أي رئيس أمريكي آخر لن يتخلى عن الإتفاق. وإذا لم يحصل ذلك، فإن المقاومة الإقتصادية ستستمر.

والمتشددون في طهران، الذين يمسكون بالمؤسسات الأكثر قوة يتجاهلون تحذيرات في الداخل من مثل أن هذا الموقف من شأنه أن يكلف البلاد والنظام غالياً على المدى البعيد.

وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن النمو في إجمالي الناتج المحلي "كان من قاعدة منخفضة". وقال إن الناتج المحلي الحقيقي في السنة المالية التي انتهت في مارس 2021 بقي على المستوى نفسه الذي كان عليه قبل عقد. ورأى التقرير أن التحسن الإقتصادي الأخير "بالكاد خفض على نحو هامشي" الفجوة في الدخل مع اقتصادات الخليج.

الصبر ينفد
وفي إيران، الصبر آخذ بالنفاد. ويقول الإيرانيون إن الأرقام لا تعنيهم عندما تتآكل قوتهم الشرائية بسبب تضخم يبلغ 43.4 في المئة (حتى ولو كان يعتقد أنه بدأ بالتدني). ومما يغذي مناخ التشاؤم هو الإرتفاع في التضخم والبطالة والتذبذب في سعر العملة.

وتخطط الحكومة لإجراء مزيد من الخفض في الدعم على سلع أساسية وعلى الدواء، الأمر الذي يزيد المخاوف من ارتفاع جديد في التضخم.
وقال نائب الرئيس الإيراني لشؤون الموازنة مسعود مير-كاظمي، أن إيران في إمكانها كحد أقصى جني 16 مليار دولار من مبيعات النفط في السنة المالية المقبلة، أي ما يكفي فقط لإستيراد سلع أساسية ودفع رواتب الموظفين الحكوميين. وصرح الأسبوع الماضي قائلاً: "إننا نخضع لعقوبات ومن المستحيل" أن لا نخفض الدعم.

ولكن بالنسبة إلى نظام أتى إلى السلطة بواسطة احتجاجات في الشارع، فإن إحتمال أن يكرر التاريخ نفسه هذه المرة ضد الجمهورية الإسلامية، هو احتمال قائم. ولم تعد التظاهرات تندلع على أيدي الطبقة الوسطى المثقفة التي تطالب بحريات سياسية واجتماعية. فالاحتجاجات الأخيرة حركتها على الغالب، المشاكل الإقتصادية، سواء تلك التي تسببت بها الحكومة أو الجفاف الحاد.

والأسبوع الماضي، حذر النائب في مجلس الشورى مهدي أصغري الذي يعارض خفض الدعم، أن أكثر من 10 ملايين عائلة تعاني من الفقر و"هناك ملايين آخرون يسيرون" في هذا الإتجاه و"لم يعد في إمكانهم شراء اللحم والأرز، والآن تريدون حرمانهم من الخبز والجبن أيضاً؟"