الثلاثاء 8 أبريل 2014 / 19:32

بريطانيا والإخوان: الخروج من عباءة المرشد


شهد الشارع العربي، والمصري تحديداً، انتشاراً واسعاً لأعمال العنف والانتهاكات غير المبررة، من قِبَل جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما بعد عزل محمد مرسي عن منصب رئاسة الجمهورية، استجابةً لمطلب شعبي في ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وأدت تصرفات الجماعة هذه إلى قيام كثير من الدول بحظرها واعتبارها جماعةً إرهابية، من ذلك مصر والسعودية وكندا، بل قررت بريطانيا، للغرابة، الأسبوع الماضي، فتح ملف تحقيق بخصوص الجماعة وأنشطتها... أقول للغرابة لأن المملكة المتحدة لطالما احتضنت الجماعة ومن جاورها.

في فتحها الملف، فتحت بريطانيا باباً جديداً للعنف، فعناصر جماعة الإخوان كـ "القنبلة الموقوتة" ستنفجر فيك حتماً إذا بقيت في محيطها أو لم "تفككها"، والأسباب وراء هذا التغيير قد تكون انقلاباً في المعايير التي كانت تستند إليها بريطانيا في إيوائها للجماعة، وقد تكون إدراكاً حقيقياً للخطر الذي تشكله الجماعة الآن، وستستمر في تشكيله في المستقبل، إذا تُرِكَت على هواها، فكما يقول الخبير بشؤون الإسلام الجهادي كمال حبيب: "الغرب لا يرى في الإخوان قوةً معتدلة كما رأى في السابق"، بسب أحداث العنف والقتل الحاصلة على مدى العامين المنصرمين في مصر، والتي لا تزال مستمرة، ما دفع البعض، كالإعلامي المصري عمرو أديب، لشن حملات لتعريف أوروبا وغير العرب بما تقوم به جماعة الإخوان، فأطلق "هاشتاقاً" باللغة الإنجليزية ينشر صوراً لانتهاكاتهم وشرحاً لما يحدث.

يقال: "إن الضغط يولد الانفجار"، ومع هذه المقولة يتفق الخبير في شؤون الحركات الجهادية رافاييلو بانتوشي، حيث يعتقد بقيام الإخوان بأعمال عنف بسبب الضغط الذي يتعرضون له في كثير من البلدان الآن، وربما لا اختلاف على هذه المقولة، إذ إنها مثبتة كيميائياً أصلاً، لكن ما كان على الإخوان مراعاته هو مقولة "انقلاب السحر على الساحر"، فعندما كانت الجماعة في السلطة في مصر، مارست "الضغط" على الشعب إلى أن "انفجر" في وجه قراراتها التعسفية وعنفها الدائم، واليوم تشتكي الجماعة "تضييق الخناق" عليها، سواءً من الجيش أو الشعب نفسه، بل ومن المنظمات الدولية أجمع، بينما ما يحدث هو مجرد رد فعل من الأجهزة الأمنية، وعامة الناس، تجاه من نزعوا ثوبهم "الأبيض" وأظهروا حقيقة نواياهم "السوداء".

وبينما كانت جماعة الإخوان "أنتيماً"، أي صديقةً، كما يقول عادل إمام في أحد أفلامه، لبريطانيا، التي أوتها لعقود - ما يبدو منافياً للمنطق لكون بريطانيا دولة ليبرالية، يفترض فيها أنها لفظت المرجعية الدينية للدولة وبطبيعة الحال لا تريد أصوليةً دينية في أجهزتها ـ إلا أن الآية معكوسة إذا كان في مصلحتها ذلك، فهي أوت الجماعة لتخدم مصالحها في الشرق الأوسط، ولتستعملها أداةً لإثارة الفتنة، بينما اعتقدت الجماعة أنها هي المستفيدة من بريطانيا، وكل يغني على ليلاه، لكن قواعد هذه "الأنتمة" ستتغير الآن عقب التحقيقات البريطانية، حيث بدأت جماعة الإخوان، وعلى رأسها أحد أبرز قيادييها ببريطانيا إبراهيم منير، بالتلويح بإمكانية مقاضاة الحكومة البريطانية في حال تعرضها لـ "أية محاولة لتقييد نشاطها"، وتصريحات كهذه تجعل جماعة الإخوان اليوم في موقف حرج جداً، فكلما حدث انفجار أو قُتِل سائح أو حصل عمل تخريبي، لاسيما في بريطانيا التي أعلنت فتح التحقيق، ستتجه أصابع الاتهام نحوها.

ليبرالي أو إسلامي ـ أو للدقة، أصولي، لئلا ألصق وصمة العار التي أتى بها الإخوان بالإسلام حصراًـ ماذا تفرق؟ ماذا تفرق تسميتك إذا كانت الغاية والنتيجة واحدتين؟ ما الفرق إذا كنت في الحالتين تدمر عقليات شبان وشابات، وتعد فقراء بـ "الغنائم" وتأتي لهم بالفتات؟ وتشوه اسم دولةً عربية كبيرة كمصر، بل وتقضي على فرص أية جماعة ذات مرجعية دينية، وقد تكون وسطية وجادة في عملها، تود تطوير البلاد في المستقبل؟ سواءً كان غطاؤك الدين أو الدنيا، سواءً كنت "مأنتم" أو متزوجاً، لا فرق، طالما الأيدولوجية واحدة، أيديولوجية أساسها التدمير والتكفير، والتحليل والتحريم، على هوى "المرشد".