مقاتلون من طالبان يحملون صورة القيادي الأفغاني الراحل جلال الدين حقاني في كابول.(أف ب)
مقاتلون من طالبان يحملون صورة القيادي الأفغاني الراحل جلال الدين حقاني في كابول.(أف ب)
الجمعة 19 أغسطس 2022 / 13:52

وول ستريت جورنال: كارثة أفغانستان لا تزال تطارد بايدن

رأى كارل روف في صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الرئيس الأمريكي جو بايدن دمر قيمة أمريكا وقلص تأثيرها العالمي وجعل العالم أكثر خطورة بعدما تنازل عن أفغانستان في هذا الوقت من السنة الماضية.

قرار الانسحاب بصرف النظر عن الظروف الميدانية دفع إدارة بايدن إلى عدم التخطيط بشكل مناسب أو الاستعداد للانسحاب


حتى بالنسبة إلى داعمي الانسحاب عموماً، يستحيل تجاهل مشاهد الفوضى في مطار كابول والطائرة الأمريكية المقلعة مع أفغان مرعوبين مشتبثين بمعدات الهبوط فيها وثلاثة عشر نعشاً ملفوفاً بالعلم الأمريكي في قاعدة دوفر الجوية وقد احتضنت رفات الجنود الذين سقطوا بسبب هجوم انتحاري نفذه داعش.

تضليل

أصدر مشرعون جمهوريون في لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب تقريراً من 121 صفحة بعنوان: "إخفاق استراتيجي: تقييم انسحاب الإدارة من أفغانستان". برئاسة النائب عن تكساس مايكل ماكول، تقدم النواب بملف دقيق ومحكم حسب الكاتب. تتضمن الاتهامات تضليل الشعب الأمريكي.
على نقيض مزاعم البيت الأبيض، يقول التقرير إنّ الحلفاء وكبار القادة العسكريين الأمريكيين "دعموا انتشاراً مستمراً مستنداً إلى الظروف في أفغانستان" لـ2500 جندي أمريكي و 6000 من الجنود الحلفاء لتقديم النصائح وشن عمليات مختارة لمكافحة الإرهاب. لكن من خلال الإصرار، على ما يبدو من دون أدلة، على أن المهمة ستتطلب "عشرات الآلاف" من القوات الأمريكية الإضافية، نفذ بايدن عوضاً عن ذلك انسحاباً غير مشروط. لم يكن القرار مدعوماً من الجيش أو الشركاء الذين لم يتشاور معهم بايدن فعلاً بشكل مسبق.

نجاح استثنائي؟
يقول الجمهوريون إن قرار الانسحاب بصرف النظر عن الظروف الميدانية دفع إدارة بايدن إلى عدم التخطيط بشكل مناسب أو الاستعداد للانسحاب. إن فريق بايدن "أخّر بشكل متكرر اتخاذ تحرك حاسم كان ضرورياً للتخفيف من العواقب المحتملة". لقد تصرفت الإدارة كما لو أن أياً من هذا غير مهم. بالرغم من سقوط أفغانستان سريعاً أمام طالبان، وصف بايدن الانسحاب الفوضوي بأنه "نجاح استثنائي". حتى اليوم ثمة أكثر من مئة أمريكي، وعشرات الآلاف من الأفغان المؤهلين للمجيء إلى الولايات المتحدة من بينهم العديد الذين دعموا القوات الأمريكية، عالقون في أفغانستان بسبب عدم كفاءة الإدارة.

رد ضعيف
انتقد البيت الأبيض التقرير عبر رد من ثلاث صفحات للناطقة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون التي حملت دونالد ترامب المسؤولية. لقد فاوض الرئيس السابق "اتفاقاً معيوباً" مع طالبان. قلص عدد القوات الأمريكية، تاركاً طالبان "في أقوى موقف عسكري منذ 2001". لم يقم "بأي استعدادات ... للبدء بإجلاء حلفائنا الأفغان". يرى روف أن هذا الأمر صحيح لكنه لا يعفي بايدن من المسؤولية.

لو كان بايدن غير موافق على اتفاق ترامب، فلماذا لم يرفضه؟ لقد تخلى عن الكثير من سياسات ترامب الأخرى. وإذا كان هناك عدد قليل من القوات الأمريكية في أفغانستان، فلماذا لم يقم بزيادتها ولو بشكل متواضع؟ وإذا لم تكن الهيكليات جاهزة لإجلاء الحلفاء الأفغان، فلماذا لم تبنها الإدارة في سبعة أشهر قبل الانسحاب؟

ادعاء مضحك... لو لم يكن محزناً
قدمت واتسون ادعاء أورويلياً بأن الاستسلام الأمريكي "عزز أمننا القومي" و"استعاد صدقيتنا على المسرح الدولي". أمكن أن يكون هذا الأمر مضحكاً لو لم يكن محزناً للغاية، تابع روف. أدت كارثة بايدن في أفغانستان إلى إحباط حلفاء الولايات المتحدة وتشجيع خصومها. بإمكان الصين أن تشير إلى الانسحاب الأمريكي كدليل للدول الأخرى على أن أمريكا غير أهل للثقة. ويمكن أن يكون الانسحاب فعلاً قد زرع الجرأة في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كي يغزو أوكرانيا. المأساة العظمى هي ما حصل للشعب الأفغاني مع إنهاء عودة طلبان محاولات دولته لحماية حقوق الإنسان، وخصوصاً النساء، وضمان مستقبل أكثر ازدهاراً.

التداعيات تطارد بايدن
لم يستطع بايدن الهروب من التداعيات السياسية للانسحاب. وصل التأييد لأدائه الرئاسي إلى ذروته في 7 أبريل (نيسان) 2021 وبلغ 55.7% وفقاً لمعدل استطلاعات الرأي لريل كلير بوليتيكس. تراجع التأييد بشكل بطيء إلى حدود 50.1% بحلول 14 أغسطس (آب). بعد شهر تدنى إلى 45%. ولم يتصاعد التأييد مجدداً. حطمت كارثة أفغانستان سمعته على مستوى الكفاءة، ومع تفشي التضخم، بلغ معدل تأييده 40.6% يوم الأربعاء.

مسؤولية الديموقراطيين
لقد حد ديموقراطيو الكونغرس المترددون من فرص الجمهوريين في مساءلة الإدارة بشكل مطول حول استعداداتها أو بالأحرى غياب استعداداتها للانسحاب فقيدوا عدد وطول ومدة جلسات الاستماع. لذلك، إن تقرير النواب الجمهوريين، بالرغم من استناده إلى بحث معمق، افتقد للمعلومات التي يمكن استقاؤها من جلسات الاستماع المفتوحة والمكثفة. وتجاهلت وزارة الخارجية الاستفسارات ومنعت الوصول إلى شهود رئيسيين.

لكن إذا فاز الجمهوريون بمجلس النواب هذا الخريف، وأصبح ماكول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، فسيكونون قادرين على إعطاء هذه الكارثة التي أمكن تفاديها الاهتمام الذي تستحقه. في هذه الأثناء، يتعرض الشعب الأفغاني للترهيب والقمع كل يوم، خصوصاً النساء والفتيات. وختم الكاتب: "لم يكن من الضروري أن يحدث ذلك".