السبت 24 ديسمبر 2022 / 12:37

الإمارات والصين.. شراكة اقتصادية ونهضة في كافة المجالات

24 - أحمد إسكندر

في الوقت الذي يصارع فيه العالم حالة عدم اليقين المتزايدة والركود الاقتصادي المحتمل المطول، حمل التعاون بي الإمارات والصين وزناً أكبر في دعم التعددية والتنمية العالمية، وخير مثال على ذلك أن الصين الآن أكبر شريك تجاري للإمارات وتعمل حالياً أكثر من 6000 شركة صينية في الإمارات. كما تم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم، والتي أدت إلى شراكات جديدة في مختلف المجالات بين البلدين.

الإمارات على استعداد لتوسيع النطاق الجغرافي لشراكاتها والعمل مع العالم العربي بأسره ومع البلدان الأخرى ذات التفكير المماثل

هذه الأمور وغيرها كانت من أهم ما جاء في مقابلة صحيفة "غلوبال تايمز" مع سفير الإمارات لدى الصين علي الظاهري حول التعاون الصيني العربي والعلاقات الثنائية والمؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني من بين أمور أخرى.

احتفال الصداقة
أشار سفير الإمارات لدى الصين علي الظاهري، في حديث لصحيفة "غلوبال تايمز" أن انعقاد القمة الصينية العربية يُمثل شهادة على العلاقات القوية بين الجانبين، واحتفاء بالصداقات والشراكات التي نشأت بين البلدين، مشيراًَ إلى أن القمة وضعت خططاً استراتيجية للتعاون المستقبلي، يمكن أن تتمتع بمزاياها جميع الدول وشعوبنا.

وأشار الظاهري إلى مسار تاريخي منذ أن أنشأ الأجداد العرب مسارات التوابل البحرية لاستكمال "طريق الحرير" الشهير في الصين، وقد تم تنشيط الروح التعاونية لهذه الشبكات في العالم الحديث، من خلال مبادرة "الحزام والطريق" ذات الرؤية التي اقترحتها الصين (B.R.I) وتم تجديد التعاون الواسع والمتعدد الأوجه بين الصين والعالم العربي من خلال مبادرة الحزام والطريق، لافتاً إلى أن العلاقات الصينية العربية دخلت في نموذج جديد يحتذى.

ويتمتع العالم العربي بعلاقات تاريخية عميقة مع الصين، تمتد حتى عهد أسرة تانغ في القرن السابع. وشهد هذا العصر الذهبي المبكر للعلاقات التجارية المزدهرة فتح طرق تجارية جديدة، مما سهل تبادل المعرفة العلمية في الطب والرياضيات وعلم الفلك.
أداء استثنائي
قال السفير الإماراتي: "تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، حققت الصين نتائج غير عادية فى تغيير سبل عيش شعبها وتحقيق إنجازات ملحوظة فى مختلف جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية". وأضاف "أظهر المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني خارطة طريق الصين للتنمية للسنوات القادمة. هذا أمر بالغ الأهمية للعالم، وسط المخاطر والتحديات المتزايدة التعقيد التي نواجهها، لأن الصين اليوم هي محرك نمو الاقتصاد العالمي،".

وأشار الظاهري إلى أن نهوض الصين السلمي كان حقاً "تاريخياً، وأثر في العديد من الانعكاسات الإيجابية في جميع أنحاء العالم مبيناً "هذا مؤثر بشكل خاص في الشرق الأوسط ، حيث نشهد ازدهار التجارة والاستثمار من الصين". مؤكداُ أن ممارسة وخبرة الإصلاح والانفتاح والتحول الاقتصادي في الصين تعتبر نموذجاً يمكن للدول الأخرى الاقتداء به.

وأشار الظاهري إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت التحول الاقتصادي من دولة تعتمد على النفط إلى مجتمع مبتكر قائم على المعرفة. ومن هذا المنطلق، تبنت دولة الإمارات استراتيجيات وسياسات فعالة لغرس ثقافة الابتكار في مجتمعنا واقتصادنا. وقال: "أعتقد أنه في المستقبل، يمكن لبلدينا ضخ قوة دفع أقوى في التنمية التعاونية للبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار".

مزيد من التعاون

كانت دولة الإمارات من بين أوائل الدول التي انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق، وتعمل الآن كمركز لوجستي رئيسي لمبادرة "الحزام والطريق" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتعد الإمارات مسؤولة عن أكثر من 60% من صادرات الصين إلى المنطقة، ويتوقع زيادة تسريع تطوير البنية التحتية في إطار مبادرة الحزام والطريق و"على مدى العامين الماضيين، تضافرت جهود البلدين في مواجهة هذا التحدي العالمي الكبير، وهو دليل على الشراكة الاستراتيجية الشاملة القوية والمتينة بين الإمارات والصين. ونتيجة لذلك، كانت الإمارات واحدة من أوائل الدول التي انطلقت في إطار حملة التطعيم لجميع مواطنيها والمقيمين فيها، وتقديم اللقاح مجاناً للجميع، وفي نهاية المطاف التزمت بأن تكون رائدة في تقديم المساعدات الدولية ومبادرات الإغاثة العالمية".

شواهد التعاون
ويعتبر ميناء جبل علي، ومحطة حاويات ميناء خليفة، "شواهد التعاون" على القدرات الصناعية بين الصين والإمارات من المشاريع الكبرى التي تحقق الصين والإمارات من خلالها اتصالات غير مسبوقة وأصبحت الصين الآن أكبر شريك تجاري للإمارات وتعمل حالياً أكثر من 6000 شركة صينية في الإمارات وتم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم، والتي أدت إلى شراكات جديدة في مختلف المجالات بين البلدين.

وفي هذا السياق أوضح الظاهري "أنا متأكد من أن نطاق هذه الشراكة سيستمر في التوسع والتنويع، مع مجالات جديدة للتعاون بما في ذلك التخفيف من تغير المناخ، والابتكار والتكنولوجيا، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والخدمات المالية، والتعليم، والمساعدات الإنسانية الدولية، مرت 38 عاماً منذ أن أقامت الإمارات والصين العلاقات الدبلوماسية لأول مرة، و4 سنوات منذ أن أقر البلدان الشراكة الاستراتيجية الشاملة، العلاقات الثنائية بين الإمارات والصين نموذجية وتعد الصين أكبر شريك تجاري لنا، ويضمن رصيدها الاستثماري البالغ 9.3 مليار دولار أن الإمارات وهي أكبر سوق للصين عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للتجارة غير النفطية.
مستقبل أخضر
تتشارك الإمارات والصين الرؤية في "مستقبل أخضر" كلا البلدين حريصان على معالجة تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون لضمان الاستدامة. تعكس مبادرة الإمارات صافي الصفر بحلول عام 2050 استراتيجية "الكربون المزدوج" للصين، ويعمل البلدان عن كثب على موضوع الطاقة النظيفة والمتجددة. بصفتها الدولة المضيفة لقمة COP28 في العام المقبل، ستواصل الإمارات إعطاء الأولوية لأجندة المناخ. وفي الوقت نفسه، ستعمل الإمارات أيضاً مع الصين، "الشريك الاستراتيجي" من أجل مستقبل أفضل وأنظف.

ولفت الظاهري إلى أنه "من خلال إنجازاتنا المستمرة ورؤيتنا المشتركة لمستقبل مزدهر، تلتزم دولتنا بتنويع تعاوننا في العديد من الجوانب الأخرى، بما في ذلك تغير المناخ، والأمن الغذائي، والخدمات المالية، والتعليم، والتبادل الثقافي. والأهم من ذلك، أن الإمارات دائماً على استعداد لتوسيع النطاق الجغرافي لشراكاتها، والعمل مع العالم العربي بأسره، فضلاً عن البلدان الأخرى ذات التفكير المماثل، لتحقيق نفس الأهداف ذات الرؤية المتمثلة في تعزيز مجتمع مصير مشترك وازدهار مشترك للبشرية جمعاء".