الأربعاء 1 فبراير 2023 / 00:03

المدقق اللغوي صمام أمان

أصبح الإلمام بقواعد اللغة العربية وكتابتها وفق أصولها ليست مشكلة شعب من شعوب الدول العربية ولكنها مشكلة الجميع، ذلك أن كل شعب من الشعوب العربية لها لهجتها ولكنتها الخاصة بها والتي في مجملها لا تتقيد كثيراً بقواعد اللغة العربية، مما جعل الاستعانة بالمدققين اللغويين حاجة ملحة لتصحيح الكتابات بأنواعها المختلفة.

ورغم أن معظم اللهجات الخليجية امتداد للهجات عربية قديمة مع التأثر ببعض الكلمات والمصطلحات الغير عربية، إلا إنها حالياً لا تتمسك بقواعد اللغة العربية إلا في مسألة التأنيث والتذكير دون أن تتقيد بما خُصص لمخاطبة المثنى، كما أن الكثير لا يلتزمون باستخدام نون النسوة عند الحديث عن المرأة إلا قلة من القبائل ومنها قبائل في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومثال على ذلك؛ عندما يقول أحدهم (خل الحريم يقربن) أي دع النساء يقتربن مما يردن رؤيته.

حتى أولئك الذين يظنون بأنهم يجيدون الكتابة يصيبهم الإحباط نتيجة اختلاف المختصين في اللغة العربية في رسم بعض الكلمات كما هو الحال عندما تُكتب كلمة (شؤون) فيتم تصليحها إلى (شئون)، وإذا ما كُتبت (شئون) يأتي من يجعلها لتصبح (شؤون) وحجتهم بان كل مدقق لغوي يتبع مدرسة تختلف عن الأخرى، كما أن رسم الكلمة تربك الكاتب فما يتم تعليمه في المدارس من استخدام الألف عند سماع صوت المد تجد بأن ذلك لا يتناسب مع بعض الكلمات (لكن، هذا، هؤلاء وغيرها من الكلمات والأدوات اللغوية)، كما أن هناك اختلاف بين الرسم القرآني والرسم المستخدم في الكتابات الأخرى، رغم أنها كلها تعبر عن الخطوط العربية.

وكل هذه الاختلافات شجع أن ينادي البعض بأن يتم التجاوز عن الأخطاء الكتابية، ولكن إذا ما تم الاستجابة إليهم فإن ذلك سيؤدي مع مرور الوقت إلى ضعف اللغة العربية، وكذلك لحدوث التباسات واختلاف الآراء حول المعنى الصحيح للكلمة المكتوبة بطريقة خاطئة، فلهذا يكون المدققون اللغويون صمام أمان للحفاظ على اللغة الصحيحة ورفع اللبس عن أي كلمة في مرحلة تكوينها وهي جنين في رحم المسودة قبل أن تولد وتخرج للحياة ليراها أو يسمعها الآخرين.

كما أن الغيرة على اللغة العربية أمر حميد ومطلوب ولكن يجب أن لا يتم التعسف في تقييم الكاتب في أي مجال على أخطاءه الكتابية بقدر ما يتم تقييمه على قوة قلمه في الصياغة وتوظيفه الكلمات التوظيف الأمثل، ولهذا تستعين دور النشر والصحف والمواقع الإلكترونية المقتدرة بمدققين لغويين لتدارك الأخطاء الكتابية لكُتابها لأنها تحترم الاختصاصات ومدركة بالتكامل الكتابي بين كتاب موهوبون ومرموقون يكتبون في المجالات المختلفة، ومن يكمل إبداعاتهم من المختصين في اللغة العربية الذين يعملون على تنقية تلك الكتابات من الأخطاء الكتابية.

كما أن التقنيات الحديثة تلعب دوراً في كتابة الكلمات فهي إما أن تكون مرشدة لاستخدام الكلمة الصحيحة بفضل التصحيح الإلكتروني التلقائي، أو تضلل الكاتب نتيجة ضغطه على زر حرف دون الانتباه فتؤدي للخطأ أو تغيير معنى الكلمة، وقد يعاني الجيل القادم من الصعوبة الكتابية أكثر من جيلنا الحالي ومن سبقنا نتيجة استخدامه المفرط للعلامات الموجودة على الهواتف الذكية والأرقام الإنجليزية وإن كانت عربية الأصل عند كتابة الكلمات العربية، حيث أصبح رقم (9) بديلاً لحرف (ص)، رقم (3) حل محل حرف (ع(، رقم (6) معبراً عن حرف (ط)، رقم (7) مرادف حرف (ح( ويتم استخدام (*) بديلاً عن النقطة التي تستخدم للتفريق بين الحروف.

وهناك أرقام وإشارات أخرى أصبحت هي المعبرة عن الكلمة العربية، مما يجعل وظيفة المدقق اللغوي ليست أقل أهمية عن بقية الوظائف المسؤولة عن عمليات بث الحياة في الكلمة واخراجها من ظلمات أدوات وآلات كتابتها الى نور الصفحات الورقية والإلكترونية، ولا يفوتني وأنا أنهي كتابة هذه السطور أن اعتذر للمدقق اللغوي عن ما تسببت فيه من أذى بصري له وهو يقرأ أخطائي الكتابية.