الإثنين 20 مارس 2023 / 14:10

مجلة "لوبوان" الفرنسية تُوثّق الثورة النسائية في إيران

اهتمام واسع استثنائي لا زالت تُبديه الصحافة الفرنسية بمختلف أطيافها للأوضاع غير المستقرة في إيران منذ مقتل الشابة مهسا أميني في سبتمبر(أيلول) 2022 على أيدي قوات الشرطة، حيث اجتاحت حينها الشعب الإيراني موجة غير مسبوقة من الغضب ضدّ قادته. وأكد العديد من الخبراء والمحللين السياسيين الفرنسيين أنّ طهران خسرت معركة الأجيال في دلالة على قُرب نهاية النظام الإيراني الحاكم بصيغته الحالية.

"لو بوان" اختارت توثيق ما وصفته بالثورة واسعة النطاق في جميع أنحاء إيران ضدّ نظام الملالي وأيديولوجيته الإسلاموية، حيث أدركت المجلة الفرنسية على الفور الأهمية التاريخية لدور المرأة الإيرانية في تحدّي السلطات، وقوة الثورة التي ولدت تحت شعارات "المرأة، الحياة، الحرية" متوقعة عودة الاحتجاجات بقوة في أقرب فرصة ممكنة.
وفي حين لا زالت الاحتجاجات مستمرة في بعض المناطق منذ نحو ستة أشهر، فقد خصصت "لو بوان"، وهي إحدى أبرز المجلات الأسبوعية الدولية، العديد من أعدادها للحديث عن تفاصيل ما حدث في إيران، وذلك باعتبار أنّ اسم مهسا أميني دخل التاريخ الحديث لإيران، وأصبح رمزاً للوحشية اللامحدودة لنظام ثيوقراطي وبلور غضب شعب بأسره.



وثّقت "لو بوان"، ولا زالت، كل جانب من جوانب هذه الثورة باستخدام الشهادات والقصص والصور والتحليلات والمقابلات، من أجل فهم الطبيعة التاريخية لهذه الانتفاضة التي بدأتها النساء، وجرأة وإبداع المتظاهرين، ولكن أيضاً مدى القمع العنيف الذي تُمارسه السلطات.
وفي حين لم يتمكن مراسلو "لو بوان" من الذهاب إلى إيران بسبب عدم منحهم تصاريح من السلطات في طهران، إلا أنهم نجحوا في جمع شهادات لا حصر لها من رجال ونساء إيرانيين لم يترددوا في الكشف عمّا حدث مخاطرين بحياتهم، حيث كان الغضب يغلي بين السكان لفترة طويلة.
بعد مرور أربعة وأربعين عاماً على ثورة 1979 التي انتهت بإسقاط الشاه، فشلت القوة الإسلامية في تنفيذ وعودها بالحرية والعدالة الاجتماعية، كما يقول عالم السياسة سعيد جولكار، الذي تحدث عن "هزيمة الشاه" الإسلاموية في إيران. وبرأيه فإنّ الأسوأ من ذلك أنّ النظام الجديد أضفى الطابع المؤسسي على المكانة المتدنية للمرأة مقارنة بالرجل في مختلف نواحي الحياة.
ووصفت المجلة الفرنسية ما يحدث اليوم في إيران بأنّه ثورة هزّت الجمهورية الإسلامية بفضل شجاعة لا تُصدّق أظهرتها النساء الإيرانيات ضدّ فكر أصولي متطرّف ونظام ديكتاتوري قمعي. فهل من قبيل المصادفة أنّ الثورة وصلت إلى إيران من قبل النساء؟ هكذا قالت "لو بوان" التي أصبحت "العدو الأول للملالي" بسبب كشفها العديد من أكاذيبه، ومنها محاولة خداع المجتمع الدولي بإعلان إلغاء كاذب لشرطة الآداب، الأمر الذي نددت به المجلة على الفور.
إسقاط منظومة الإسلام السياسي في إيران
ونقلت "لو بوان" عن جافيد رحمن، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية، قوله: "بدلاً من محاولة فهم مطالب السكان، استخدمت السلطات أسلوب الوحشية فقط".. لذا فإنّ فكرة أنّ النظام الإيراني يُمكن أن ينهي احتجاجات الشعب بالقوة قد باءت بالفشل.
وإذا بدا أنّ التظاهرات في الشوارع تُمثّل محطة تاريخية في إيران اليوم، فإنّ الغضب الشعبي يتم التعبير عنه في أيّ فرصة تلوح (كالاحتفالات الدينية، وموجة تسمم التلميذات، وما إلى ذلك). كما أنّ بعض المُعارضين الإيرانيين في الخارج مثل رضا بهلوي، نجل آخر شاه لإيران، يحلمون بالفعل بـ "إيران ما بعد الإسلاموية" ...
الكاتب الفرنسي "لوك دو باروشيه" اعتبر في مقال له نشرته "لو بوان" أنّ موجة التمرّد الفريدة التي تهزّ إيران منذ أشهر تُشكّل مسألة تحدّ وجودي لنظام ثيوقراطي فقد شرعيته غير الموجودة أصلاً، مُطالباً السياسيين الغربيين بأن يصحوا من أوهامهم حول إمكانية التعامل مع هذا الحُكم الدموي.
من جهته، يقول الكاتب والخبير السياسي في شؤون الشرق الأوسط ارمين عريفي، إنّ الإيرانيات بطلات الحرية، وعلى وجه الخصوص المراهقات، إذ وعلى حساب حياتهن، يواجهن النظام الإسلاموي القمعي. ويرى مؤلف كتاب "ربيع في طهران"، أنّ الانتفاضة التي تهزّ أركان النظام الحاكم في إيران بشكل لم يحصل من قبل بهذه القوة والاستمرارية تستهدف بشكل واضح الإسلاميين في السلطة، وهي حقيقة غير مسبوقة تتمثّل في هدف إسقاط منظومة الإسلام السياسي في إيران.
وقال عريفي في تحليل له نشرته مجلة "لو بوان" إنّ ما حدث في سبتمبر (أيلول) الماضي مثّل شرارة لآلاف الإيرانيين الغاضبين للنزول إلى الشوارع، وقد نتج عنه على الفور استهداف النظام الإسلامي بأكمله، والذي يترأسه رجل دين يتحكم بمصائر الدولة منذ عام 1979 على مبدأ ولاية الفقيه.