الأحد 27 أبريل 2014 / 00:25

لا تقلقوا.. مجرد إشكال فردي في بيروت


عُرف عن لبنان منذ الحرب الأهلية التي عصفت به في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، أنه بؤرة للعديد من الفصائل المسلحة، الداخلية منها والأجنبية.

وامتدّ ذلك الواقع حتى بعد انتهاء المعارك العسكرية، ليطول الواقع السياسي اللبناني، حتى درج مصطلح "زواريب بيروت" للدلالة على الفوضى والتخبط السياسي والأمني، وغياب الدولة، وقد لفت محرر "قاموس كولينز" البريطاني، روبرت غروفز، إلى استعمال هذا المصطلح أكثر من 50 مرة في الإعلام الأوروبي والأمريكي بين 1991-2010.

ومع جلوس قادة الميليشيات المسلحة آنذاك على طاولة واحدة للاتفاق على وضع حد للحرب وإعادة بناء الوطن، ومن ثم دخول الجيش السوري إلى الأراضي اللبناني بحجة "المساعدة على ترسيخ الاستقرار والوحدة الوطنية"، تناسى أولئك القادة أمراً بغاية الأهمية، ألا وهو المحاسبة على ما اقترفوه من جرائم.

الركن الأساسي الذي تم غض الطرف عنه مع توقيع "اتفاق الطائف"، الذي أعلن نهاية الحرب الأهلية، جعل من اللبناني يتأقلم مع مبدأ غياب المحاسبة والعدالة، وسيطرة الطرف الأقوى على الأضعف، بالإضافة إلى انخفاض الإيمان بقوة الأجهزة الأمنية الرسمية، وهذا ما يتجلى بوضوح من خلال الأحداث اليومية التي يعيشها اللبناني على أرض بلاده.

وبالتزامن اليوم مع ذكرى انسحاب آخر جندي سوري من الأراضي اللبنانية، التي حصلت بعيد عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 2005، كان من المفترض أن يكون لبنان اليوم قد استطاع النهوض، بمساعدة وحدة شعبه وقوة سلطاته الأمنية والقضائية، إلا أن سرعان تبددت هذه الرؤية المستقبلية، متحولة إلى حلم أبعد ما يكون عن حقيقة واقعية يتلمسها اللبنانيون بشكل منتظم ودائم.

وبعيداً عنما سمي بالاستقلال الثاني، وقع اليوم بالذات إشكال مسلح، وصف بالفردي، في أحد أحياء العاصمة اللبنانية بيروت بين عائلتين، أدى إلى "سقوط عدد من الجرحى واحتراق منزل استهدف بقذيفة" كما أفاد بيان للجيش اللبناني.

قد تحاول بيروت وباقي المناطق اللبنانية العمل على إزالة المدلول العالمي لمصطلح "زواريب بيروت" من خلال النشاطات الاجتماعية والثقافية إلا أن الطريقة المثلى تكون دائماً، بعودة منطق المحاسبة والاقتصاص من المجرمين والمذنبين، أياً تكن انتماءاتهم، كي يعود الإيمان بشكل قوي لدور القوى الأمنية باعتبارها الجهة الوحيدة التي يحق لها حمل السلاح والعتاد العسكري، كي لا نرى صوراً لمسلحين تنتشر على نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي وكل ذلك تحت إطار "إشكال فردي"، وكأنه أمر اعتيادي لا يستحق الوقوف عنده.