الإثنين 28 أبريل 2014 / 21:23

حذاء "المسلم الكندي" والصور النمطية




تداولت العديد من الصحف الأمريكية والبريطانية الأسبوع الماضي، خبراً عن مسلم كندي خلع حذاءه وأعطاه لمحتاج في حافلة دون أن يكترث لدين أو عرق المحتاج، وقوبل الخبر بردود فعل إيجابية كثيرة تغنت بالشاب وبفعله النبيل.

الخبر بالطبع ليس عادياً، وأن يقوم أي إنسان بزمننا هذا بإهداء حذائه لمحتاج دون مقابل أصبح أمراً نادراً، ولربما حدوث هذه القصة في بلد مثل كندا يضفي على الحادثة نوعاَ من الغرابة، لكن المستغرب أكثر أن تكون ردة فعلنا نحن العرب ونحن المسلمون على هذا الخبر بهذا الشكل.

ظهر أغلب المتابعين للخبر وكأنهم ينتظرون بفارغ الصبر هكذا خبر ليعززوا إيمانهم الداخلي بقضية واقعية، وكي يثبتوا لأنفسهم أولاً ثم للعالم أن الإسلام يقوم على تعاليم النبل والأخلاق.

وللتنويه أن الحادثة ليست بالأمر "العجيب" كما صورته الصحيفة وكما تقبلناه نحن، وقيام هذا الشاب المسلم بتفيذ تعاليم الدين بشكل صحيح لايعتبر انفراداً، فهناك أعداد لاتحصى من المسلمين الذين جعلوا البر والإحسان نمطاً لحياتهم سواء في البلاد العربية أو بالخارج، لكن ما الذي يحدث؟ ولم جاءت ردود الفعل الإيجابية بهذا الحجم؟ هل تغيرت نظرتنا لأنفسنا؟ وهل صدقنا الصورة التي يسعى العالم لنشرها عن الإسلام؟ وهل أصبحنا حقاً ننتظر قصص كهذه لنثبت للعالم أن مايروج له غير صحيح؟

للإجابة عن هذه الأسئلة يجب أن نراجع التاريخ لنرى بوضوح كيف استطاعت تنظيمات إرهابية كـ "الإخوان" و"القاعدة"، تشويه صورة الإسلام في أعين العرب قبل الغرب، وكيف احتلت الشاشات ووسائل الإعلام أخبار قيام هذه الجماعات بالعنف والقتل في أي مكان تواجدت فيه.

ولايمكن فصل نجاح هذه الكيانات واستمرارها عن الدور الذي لعبته دول كبرى كأمريكا وهي "الجندي غير المجهول" في غرس هذه الصور النمطية، بداية بخلق هذه الكيانات ثم بتنمية دورها في العالم وبعدها بتخصيص حصة الأسد لها في إعلامها، الذي تابع "عن كثب" ما اعتبرته بادء الأمر بـ "الإرهاب".

وما لبثت أن سوقت لربط الإرهاب بالإسلام معلنة حربها ضد "الإسلام"، بعد أن كانت "حرباً ضد الإرهاب"، وجاء في المرحلة التالية أوباما رئيساً للبلاد وبجعبته "الإخوان"، ناشراً إياهم داخل مؤسسات الدولة الأمريكية، وعملوا سوية على تعزيز ربط الإسلام بالإرهاب.

وبالتالي، لا نلام إن استطاع المسيطرون على الإعلام، وهو السلطة الأولى وليست الرابعة في العالم، أن ينجحوا ولو قليلاً بتشكيكنا بالدين، وبأنفسنا وبأفعالنا، ولا نلام إن استقبلنا هذا الخبر بلهفة المشتاق، لكن هذا الشاب الكندي تبرع بحذاءه للعالم "المحتاج" لعله يستفيق ويعي ماهو الإسلام.