مرفأ بيروت المدمر (رويترز)
مرفأ بيروت المدمر (رويترز)
الأربعاء 2 أغسطس 2023 / 19:37

محطات رئيسية في لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت

في 4 أغسطس (آب) 2020، دوّى انفجار ضخم في بيروت، أدى إلى تدمير أحياء بأكملها في العاصمة اللبنانية، وأسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصاً، وفاقم الانهيار الاقتصادي في البلاد.

ولكن بعد 3 سنوات على الحادث الذي يعد من أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، يتراجع الأمل في الوصول إلى الحقيقة، جراء ضغوط سياسية وقضائية غير مسبوقة تعرقل التحقيق منذ انطلاقه.

بداية المأساة 

في يوم الثلاثاء 4 أغسطس (آب) 2020، اندلع حريق لم تعرف أسبابه في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، تلاه بعد دقائق من الساعة السادسة مساء انفجار هائل، وألحق الانفجار دماراً ضخماً بالمرفأ والأحياء القريبة منه، وأودى بحياة أكثر من 220 شخصاً وتسبب بسقوط 6500 جريح.

وبُعيد ساعات قليلة من وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم كانت مخزنة بشكل عشوائي في العنبر، وفي 6 أغسطس (آب)، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت، حيث تفقد المرفأ والأحياء المتضررة، ودعا إلى تحقيق دولي في التفجير، وهو ما رفضته السلطات اللبنانية.

وفي 8 أغسطس (آب)، تظاهر آلاف اللبنانيين ضد المسؤولين السياسيين بعدما حمّلوهم مسؤولية المأساة. وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي، وأعلن عدد من الوزراء تباعاً استقالاتهم، إلى أن أعلن رئيس الحكومة حينها حسان دياب في 10 أغسطس (آب) استقالة حكومته.

إهمال وتقصير 

وفي 10 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ادعى المحقق العدلي في قضية الانفجار فادي صوّان على دياب و3 وزراء سابقين بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص، لكن على وقع ضغوطات سياسية منددة بالادعاء على مسؤولين، تمت تنحية صوان في 18 فبراير(شباط) 2021، وعُيّن طارق بيطار خلفاً له.

وفي الثاني من يوليو (تموز)، أعلن المحقق العدلي الجديد عزمه على استجواب دياب، تزامناً مع إطلاقه مسار الادعاء على عدد من الوزراء السابقين وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين، وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن نواب شغلوا مناصب وزارية، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين، ورفضت قوى الأمن تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها.

وغرق التحقيق بعدها في متاهات السياسة ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت عشرات الدعاوى عمل المحقق العدلي، تقدم بغالبيتها مسؤولون مُدّعى عليهم، وفي 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ندد الأمين العام لميليشيا حزب الله حسن نصرالله، بما وصفه بـ"استنسابية" المحقق العدلي، مطالباً بقاضٍ "صادق وشفاف" لاستكمال التحقيق في القضية.

تدخل ميليشيا حزب الله 

وفي 14 أكتوبر (تشرين الأول)، قتل 7 أشخاص جراء إطلاق رصاص أثناء تظاهرة لمناصري ميليشيا حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في محلة الطيونة، وتم تعليق التحقيق في الانفجار 4 مرات جراء دعاوى كف يد قدّمت ضد المحقق العدلي، آخرها في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2021.

وخسر حزب الله وحلفاؤه الأكثرية في البرلمان بعد الانتخابات النيابية التي جرت في مايو (أيار) 2022، لكن لم يحصل أي فريق على أكثرية مطلقة، وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2022، انتهت ولاية الرئيس ميشال عون.

وفشل البرلمان اللبناني 12 مرة، آخرها في 14 يونيو (حزيران) 2023، في انتخاب رئيس للبلاد، لتتعمق الأزمة السياسية والاقتصادية أكثر في ظل وجود حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، وفي 23 يناير (كانون الثاني) 2023، أعلن المحقق العدلي طارق بيطار بشكل مفاجئ استئناف تحقيقاته بعد 13 شهراً من تعليقها جراء دعاوى رفعها ضده تباعاً عدد من المدعى عليهم.

فصل قضائي جديد 

وقرر بيطار إخلاء سبيل 5 موقوفين من أصل 17 منذ الانفجار، ومنعهم من السفر، بينهم عامل سوري ومسؤولان سابقان في المرفأ، كما قرر الادعاء على 8 أشخاص جدد بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات، وحدد مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم.

وفي اليوم التالي، أعلن النائب العام التمييزي رفض قرارات بيطار كلها. وادعى عليه "على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة"، وأصدر منع سفر بحقه. كما قرر عويدات إطلاق سراح جميع الموقوفين في القضية. ودخل التحقيق بذلك في فصل جديد من معركة قضائية غير مسبوقة، تعطل عمل المحقق العدلي حتى إشعار آخر وتحبط أهالي الضحايا الباحثين عن العدالة.

وفي 6 فبراير (شباط) الماضي، أعلن بيطار إرجاء كافة جلسات استجواب المدعى عليهم والتي كان قد حددها إثر إعلانه استئناف التحقيق، كون النيابة العامة التمييزية قررت عدم اعترافها بمذكراته وباستئناف التحقيقات، ومنذ ذلك الحين، يبدو أن التحقيق دخل في غياهب النسيان، وانقطع المحقق العدلي عن أروقة قصر العدل.