مظاهرات غاضبة ضد الدبيبة بعد لقاء كوهين والمنقوش في روما (إكس)
مظاهرات غاضبة ضد الدبيبة بعد لقاء كوهين والمنقوش في روما (إكس)
الإثنين 28 أغسطس 2023 / 13:24

بعد لقاء كوهين والمنقوش "التاريخي".. ردود فعل غاضبة تشعل الشارع الليبي ولابيد يعلق: "تسريب غير مسؤول"

24 - شادية سرحان

أثار اللقاء الذي وصفته تل أبيب بـ"التاريخي" والذي جرى بين وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، ووزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في إيطاليا، الأسبوع الماضي، ردود فعل غاضبة رسمياً وشعبياً في ليبيا، وأول من دفع الثمن هي وزيرة الخارجية نفسها، التي افتُخر في إسرائيل باللقاء معها.

ردود الفعل الغاضبة جاءت في حين أكدت الخارجية الليبية أن اللقاء في روما كان عارضاً

أنباء تفيد بمغادرة الوزيرة الليبية البلاد إلى تركيا على متن طائرة حكومية

برلمانيون يطالبون بإسقاط الحكومة ويتهمون المنقوش بالخيانة العظمى

وبعد ساعات من نشر تقارير  عن اللقاء السري في العاصمة الإيطالية روما، بين كوهين والمنقوش، جاءت ردود الفعل الغاضبة في ليبيا، في حين أكدت وزارة الخارجية الليبية أن اللقاء في روما  كان "لقاء عارضاً غير رسمي".

ووسط أنباء تفيد بمغادرة الوزيرة الليبية البلاد إلى تركيا، قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، إقالة الوزيرة بعد قراره وقفها عن العمل احتياطياً وأحالها للتحقيق على خلفية اللقاء، كما كلف وزير الشباب، فتح الله الزني، مؤقتاً بتسيير العمل في وزارة الخارجية الليبية.

مغادرة البلاد

وفيما توالت ردود الفعل الغاضبة على الحكومة الليبية، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الإثنين، في تقرير لها، أن المنقوش "غادرت" ليبيا، على متن طائرة حكومية إلى تركيا، موضحة أن طائرة "فالكون" تعود ملكيتها للحكومة الليبية، أقلعت في ساعات الليل على نحو غير معتاد، وهبطت فجراً في إسطنبول، مشيرة إلى تقارير محلية أفادت أيضاً بمغادرة الوزيرة الليبية.

وفي السياق ذاته، نقلت بوابة الوسط الليبية عن مصدر أمني فجر اليوم الإثنين، تأكيده أن المنقوش غادرت مطار معيتيقة الدولي متجهة إلى تركيا، بمساعدة جهاز الأمن الداخلي التابع للحكومة، حسب قوله.

ولا يوجد حتى الآن تعليق رسمي بخصوص هذه الرحلة ومن كان على متنها، في  حين أعلن جهاز الأمن الداخلي الليبي في طرابلس، إدراج المنقوش في قائمة الممنوعين من السفر لحين امتثالها للتحقيقات، ونفى في بيان ما تم تداوله بشأن السماح لها بالسفر، موضحاً أن الوزيرة نجلاء المنقوش لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ مطار معيتيقة.

لقاء "متفق عليه" أم جاء "صدفة"؟

ونشرت وزارة الخارجية الليبية بياناً عن اللقاء، أمس، قالت فيه إن المنقوش "رفضت بشكل قاطع عقد لقاء مع أي ممثل إسرائيلي، وما زالت مصرة على رفضها، وما حدث في روما كان لقاء غير مخطط له وغير رسمي، خلال لقائها مع وزير الخارجية الإيطالي"، وبحسب الوزارة، فإن اللقاء مع كوهين "لم يتضمن أي محادثات أو اتفاقيات، بل على العكس، عرضت الوزيرة موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية".

ولكن "يديعوت أحرونوت" نفت تلك الرواية، وأكدت نقلاً عن مصادر سياسية إسرائيلية، أن "اللقاء بين كوهين والمنقوش، والذي جرى في بيت ضيافة وزير الخارجية الإيطالي لم يكن صدفة، وسبقته محادثات مع كبار المسؤولين في ليبيا، بما في ذلك وزيرة الخارجية نفسها".

وعلى صعيد متصل، كشف مسؤول إسرائيلي، اليوم الإثنين، أن اجتماع كوهين مع  المنقوش تم الاتفاق عليه مسبقاً على "أعلى المستويات في ليبيا"، وقال المسؤول الإسرائيلي إن "اجتماعاً استضافته إيطاليا بين وزير الخارجية إيلي كوهين ونظيرته الليبية الأسبوع الماضي، تم الاتفاق عليه مسبقاً "على أعلى المستويات" في ليبيا، واستمر أكثر من ساعة.

يذكر أن تقارير إعلامية عديدة تحدثت عن لقاءات سابقة لمسؤولين ليبيين سابقين، على الرغم من عدم وجود علاقة رسمية بين البلدين، من بينهم عبدالحميد الدبيبة، وقالت حينها التقارير، إنه التقى مدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع في الأردن، لبحث ملف تطبيع ليبيا العلاقات مع إسرائيل، لكن الدبيبة نفى الأمر.

وكانت تقارير مماثلة كشفت  في وقت سابق، أن طائرة تابعة لـ"الجيش الوطني" بقيادة المشير خليفة حفتر، حطت من قبل في إسرائيل، الأمر الذي قوبل بالنفي أيضاً من القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية.

دعوات بالمحاسبة

وعقب الكشف عن اللقاء، توالت ردود الفعل الرسمية، حيث أبدى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، استغرابه من لقاء وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية ووزير خارجية إسرائيل، ودعا الجهات المختصة إلى محاسبة المعنيين، كما دعا إلى "اتخاذ ما يلزم من إجراءات وعلى نحو عاجل إزاء محاسبة المعنيين، بما يكفل عدم ترتب أي نتائج على ذلك اللقاء وبما يحول دون تكراره".

وطالبت كتلة التوافق في المجلس الأعلى للدولة بإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش من منصبها بعد لقائها مع نظيرها الإسرائيلي، كما طالبت الكتلة باستقالة جماعية للحكومة والمجلس الرئاسي في حال وُجد تنسيق مسبق بشأن اللقاء.

وطالب الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة خالد المشري بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، وقال على حسابه الرسمي في منصة "فيس بوك" إنه "مع وجود معلومات تشير إلى وجود لقاءات سابقة من قبل مسؤولين في هذه الحكومة وزيارتهم للأراضي الفلسطينية المحتلة، وبذلك تكون هذه الحكومة قد تجاوزت كل الخطوط الممنوعة والمحظورة الدينية والوطنية والقانونية، وأصبح من الواجب إسقاطها".

من جهتها، دعت رئاسة مجلس النواب الليبي أعضاء المجلس لجلسة طارئة لمناقشة ما وصفته بالجريمة القانونية والأخلاقية، في حق ثوابت الشعب الليبي.

التطبيع

بدوره، دان عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة ما وصفه ببدء التطبيع بين ليبيا وإسرائيل، واصفاً اللقاء بين المنقوش وكوهين بـ"الإهانة لكل مواطن ليبي حر شريف"، مطالباً رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بإحالة وزيرة الخارجية الليبية إلى القضاء بتهمة "الخيانة العظمى"، وفق تعبيره.

وشدد عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الليبي، علي التكبالي،  أنه "لا إسرائيل ولا ليبيا في وضع يسمح لهما بعقد أي صفقة، لأن إسرائيل في أزمة حيث يحاول رئيس الوزراء تشكيل حكومة جديدة لإبعاد المتطرفين عنها، والمشروع الصهيوني سقط منذ مدة، فإسرائيل تحاول فقط من خلال اللقاء مع المنقوش ضخ دماء جديدة في محيطها".

وقال: "صحيح أن إسرائيل تريد التقدم خطوة نحو المغرب العربي بصفة خاصة، ولكنها لا تريد دولاً هزيلة مثل ليبيا وغيرها التي يظن رئيس حكومتها أنه سيستفيد من علاقاته مع إسرائيل، ولكنه في الواقع حفر نهايته بيده، فإسرائيل تعلم أن حكومة الدبيبة ليست باقية وهي تريد فقط أن تخطو خطوة، مفادها أنها نجحت في إقامة علاقة مع السلطة الليبية حتى ولو أنها ستكون قصيرة ولكن تستطيع البناء عليها مستقبلاً" .

واستغرب عضو  لجنة الأمن القومي بالبرلمان من "صدمة الشعب الليبي تجاه خطوة التطبيع مع إسرائيل، والدبيبة سبق أن فرط بأهم القواعد العسكرية في غرب البلاد والموانئ البحرية الليبية للأتراك فلمَ لا يطبع مع إسرائيل؟.

فيما أكد التكبالي أن وفد المنقوش المكلف بلقاء وزير خارجية إسرائيل ذهب بعلم الدبيبة، وفق ما نقلته صحيفة "الشاهد" الليبية، عن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان.

بدوره، طالب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الدبيبة، بموافاة المجلس بتوضيح بشأن لقاء نجلاء المنقوش وكوهين، معتبراً أنه "لا يعبر عن السياسة الخارجية للدولة الليبية، ويعد خرقاً لقانونها".

وتلك إشارة من المنفي إلى القانون رقم "62" الصادر في العام 1957، وتنص مادته السابعة على "الحبس لمدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات، وبغرامة لا تتجاوز 5 آلاف دينار كعقاب لكل من يعقد اتفاقاً مع أي نوع من هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها".

مظاهرات غاضبة

وخلال ساعات أشعل خبر اللقاء، الشارع الليبي، حيث خرجت تظاهرات في عدة مدن، لاسيما العاصمة طرابلس.. وأضرم محتجون ليبيون، مساء أمس الاحد، النيران أمام مبنى رئاسة مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية في العاصمة طرابلس تنديداً بلقاء المنقوش مع كوهين، وردد المحتجون هتافات رافضة لأي تواصل ليبي مع الحكومة الإسرائيلية.

كما اقتحم متظاهرون في العاصمة طرابلس مقر وزارة الخارجية من دون احتكاك مع الأجهزة الأمنية، وطالب المتظاهرون بإقالة وزيرة الخارجية ومحاسبتها.

وعلى الرغم من أن الدبيبة كان قد أعلن إيقاف المنقوش عن العمل وإحالتها إلى التحقيق، من قبل لجنة مشكلة من وزيرة العدل ووزير الحكم المحلي وعضو من ديوان رئاسة الوزراء، تجمهر بعض المتظاهرين أمام منزل رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بمنطقة النوفلين في طرابس.

وخرجت مظاهرة في مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، وبث ناشطون ليبيون صوراً قالوا إنها لمظاهرة في المدينة، تنديداً بلقاء المنقوش مع الوزير الإسرائيلي وللمطالبة بعدم التطبيع مع إسرائيل.

وكذلك خرجت مظاهرات في منطقة تاجوراء ومدينة زليتن شرق طرابلس ومدينة مصراتة شمال غربي ليبيا، للتنديد باللقاء وللمطالبة بمحاسبة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش.

تسريب غير مسؤول

وفي المقابل، علق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، على الكشف عن اللقاء بين كوهين والمنقوش، معتبراً أنه تسريب غير مسؤول ويؤشر لفشل الحكم.

وقال لابيد عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "إن إدارة السياسة الخارجية لدولة مثل إسرائيل هي حدث معقد وفي بعض الأحيان متفجر، ويجب إدارته بعناية وحكمة".

وبحسب قوله، فإن "دول العالم تنظر هذا الصباح إلى التسريب غير المسؤول الذي قام به كوهين، وتسأل نفسها "هل هذه دولة يمكن الوثوق بها؟ هل يمكن أن نقيم معها علاقات خارجية؟".

وتابع لابيد "هذا ما يحدث عندما تعين إيلي كوهين، وهو شخص لا خلفية له في المجال، وزيراً للخارجية"، مضيفاً "إن الحادثة تشير إلى فشل فادح في الحكم، إنه صباح العار الوطني والمخاطرة".

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أعلنت أمس في بيان لها، عن لقاء "سري" عُقد بين وزير الخارجية الإسرائيلي ونظيرته الليبية في العاصمة الإيطالية روما الأسبوع الماضي، على  الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، ويُعد هذا الاجتماع الذي عقد بوساطة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تياني، الأول من نوعه على الإطلاق بين وزيري خارجية ليبيا وإسرائيل.

ونقلت الخارجية الإسرائيلية، في بيانها، عن وزير الخارجية إيلي كوهين قوله إنه "تحدث مع وزيرة الخارجية الليبية عن الإمكانات الكبيرة للعلاقات بين البلدين، فضلاً عن أهمية الحفاظ على تراث اليهود الليبيين، بما يشمل تجديد المعابد والمقابر اليهودية في البلاد".

من جانبه، أفاد موقع "i24" العبري، أمس، أن اللقاء استهدف "دراسة إمكانات التعاون وبناء علاقات بين البلدين والحفاظ على التراث اليهودي الليبي".