بايدن وشي (أرشيف)
بايدن وشي (أرشيف)
الإثنين 4 سبتمبر 2023 / 16:36

خيبة أمل لبايدن.. لماذا اختار الرئيس الصيني الغياب عن قمة العشرين المقبلة؟

24 - شادية سرحان - خاص

تستعد الهند لاستضافة قمة دول مجموعة العشرين، السبت المقبل، الموافق 9 سبتمبر (أيلول) 2023، لمدة يومين، بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أبدى خيبة أمله من غياب نظيره الصيني شي جينبينغ الذي اختار عدم حضور القمة بنفسه وإرسال رئيس وزرائه لي تشيانغ بدلاً عنه.

خيبة أمل

ورداً على سؤال بشأن غياب شي عن قمة نيودلهي، قال بايدن للصحافة، أمس الأحد: "أشعر بخيبة أمل، لكني سأتمكن من رؤيته"، من دون أن يخوض في تفاصيل.

ومن المخطط، أن يزور بايدن الهند بين السابع والعاشر من سبتمبر (أيلول) لحضور قمة العشرين، ويعقب ذلك زيارة إلى فيتنام حيث تسعى إدارته لتعزيز العلاقات الأمريكية في آسيا، وفي هذا السياق، قال بايدن إنه "يتطلع لهذه الزيارات لاعتقاده أن الهند وفيتنام تريدان علاقات أوثق مع الولايات المتحدة".

وقائمة حضور القمة تضم أبرز شخصيات تستضيفها الهند في تاريخها على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وزعماء وقادة من اليابان وأستراليا وفرنسا وألمانيا والسعودية.

وكان ينظر إلى القمة باعتبارها فرصة للقاء شي و بايدن، الذي أكد حضوره، في ظل سعي الدولتين إلى تحقيق الاستقرار في العلاقات، التي توترت بسبب مجموعة من الخلافات التجارية والجيوسياسية.

وتعتبر الولايات المتحدة قمة العشرين الخطوة التالية لمحاولات تحسين العلاقات بين واشنطن وبكين، بعد أن أعادت واشنطن وبكين إطلاق الحوار بينهما في الأشهر الماضية، عبر سلسلة من الزيارات لمسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية إلى الصين ينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن.

ولكن العلاقات الثنائية تبقى متوترة، إذ تبقى هناك ملفات تشكل حجر عثرة، وتتمثل في النزاعات التجارية، والتوسع الصيني في بحر الصين الجنوبي، ومسألة جزيرة تايوان المتمتعة بحكم ذاتي.

وآخر مرة التقى فيها شي مع بايدن كانت على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقد يلتقي الزعيمان وجهاً لوجه في قمة أخرى مقبلة، وهي قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبك)، التي تعقد في سان فرانسيسكو، بين 12 و18 من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وفي الإطار، قال مسؤول هندي كبير : "نحن على علم بأن رئيس الوزراء سيأتي بدلاً من شي"، فيما قالت المصادر في الصين إنها لا تعرف أسباب غياب رئيسها عن القمة.

ضربة  للهند

ويشكل غياب الرئيس الصيني ضربة لرئاسة الهند الحالية للتجمع متعدد الأطراف ووضع قمة نيودلهي، كما أنه يهز مكانة مجموعة العشرين باعتبارها منتدى القيادة العالمية البارز، وسط انقسامات عميقة بين أعضائها.

وبعض المراقبين الهنود مقتنعين بأن "الصين تريد إفساد الحدث الهندي في وقت يشهد احتكاكاً ثنائياً بشأن الحدود المتنازع عليها بين البلدين".

وفي هذا الشأن، يقول عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الدكتور أيمن سلامة، إن "الهند ستكون في حرج شديد حيث أنه من المؤكد أن أي دولة مضيفة لمثل هذا الحدث العالمي الفاعل على الساحة الدولية، يهمه التمثيل الرئاسي للأعضاء".

 رسائل للإدارة الأمريكية

ويعكس غياب الرئيس الصيني، عن القمة، جنباً إلى جنب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، دلالات واسعة في هذا السياق، بما يهدد وضع المجموعة كمنتدى للقيادة العالمية، في ظل اتساع الفجوة والتباينات بين الدول الأعضاء في المجموعة، ومع سعي مجموعة من الأعضاء للانخراط في تكتلات موازية مثل "بريكس" أخيراً.

ويقول الدكتور سلامة بهذا الخصوص: "إن عدم حضور شي قمة العشرين وحضوره الفاعل في قمة بريكس الذي تمخض عنها توسيع التكتل، وانضمام دول جديدة مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر، يثير العديد من التساؤلات عما وراء الكواليس".

ويرى الدكتور سلامة أن "عدم حضور الزعيمين الروسي والصيني القمة يبعث برسائل إلى إدارة بايدن تحديداً، يؤكدان فيها رفض موسكو وبكين للسياسات الأمريكية.. سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو الأمني أو غيرها من الاهتمامات العالمية".

وستكون هذه المرة الأولى التي يغيب فيها شي أو أي رئيس صيني عن قمة مجموعة العشرين، وهو أمر جلل بالنسبة لهيئة تأسست لإيجاد توافق في الآراء بين أقوى الدول، رغم التناقضات الاجتماعية أو الاقتصادية.

رحلات خارجية

ويجدر الإشارة إلى أن شي، الذي حصل على ولاية ثالثة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قام برحلات قليلة إلى الخارج منذ أن ألغت الصين هذا العام الضوابط الحدودية الصارمة التي فرضتها لمكافحة جائحة كورونا، كما حضر شي اجتماعاً لزعماء مجموعة "بريكس" في جنوب إفريقيا الأسبوع الماضي.

وفي محادثات نادرة، التقى الرئيس الصيني برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على هامش اجتماع مجموعة "بريكس" في جوهانسبرغ، وبحثا تخفيف التوترات في العلاقات الثنائية بعد اشتباكات على حدودهما في جبال الهيمالايا عام 2020 أسفرت عن مقتل 24 جندياً.

وتشهد العلاقة بين الصين والهند البلد المضيف لمجموعة العشرين توتراً في العلاقات، حيث تتنازع الدولتان الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم على منطقة جنوب التبت وفي شرق الهند.

إفساد الحدث

وفي تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية،  قال مسؤول غربي يشارك في الاستعدادات لقمة مجموعة العشرين في الهند، إن "غياب الرئيس شي سيغيب عن الحدث لا تعني سوى شيء واحد، لقد كانوا يعملون على إفساد عملنا المشترك طوال العام".

وقال  إندراني باجشي، الرئيس التنفيذي لـ "أنانتا أسبن"، وهو مركز أبحاث هندي: "كانت الصين المعارضة الرئيسة للتوافق على جميع القضايا تقريباً".

ويذكر أن القرار الصيني بغياب رئيسها عن القمة، جاء بعد أشهر من الجهود الفاشلة التي بذلتها المنتديات الوزارية المتعددة لمجموعة العشرين، للتوصل إلى استنتاجات مشتركة لموضوعات تتراوح من الرعاية الصحية إلى تغير المناخ، بسبب الخلافات على الحرب في أوكرانيا وتقاسم الأعباء بين الدول الغنية والنامية.

 ويقول بعض المراقبين الهنود: إن "الصين تريد إفساد الحدث الاستعراضي الهندي في وقت يشهد احتكاكاً ثنائياً بشأن الحدود المتنازع عليها".

فرصة لبايدن

وإلى ذلك، أفادت الصحيفة البريطانية، أن "غياب الرئيس الصيني سيمنح نظيره الأمريكي وغيره من الزعماء الغربيين فرصة لإثبات استعدادهم للتعاون مع الدول النامية وتعزيز دعمهم من خلال عرض اقتصادي ينافس مبادرة الحزام والطريق الصينية لتطوير البنية التحتية"، وهو ما عبر عنه مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، الشهر الماضي، بقوله إن الرئيس الأمريكي يرى قمة نيودلهي "فرصة للولايات المتحدة والشركاء ذوي التفكير المماثل لتقديم عرض قيم، خاصة لدول الجنوب العالمي".

وستكون القمة تتويجاً لجميع عمليات واجتماعات المجموعة على مدار العام التي عقدت بين الوزراء وكبار المسؤولين والمجتمعات المدنية.. كما سيتم اعتماد إعلان قادة مجموعة العشرين في ختام قمتهم، الذي يتوقع أن ينص على التزام القادة بالأولويات التي تمت مناقشتها والاتفاق عليها خلال الاجتماعات الوزارية واجتماعات مجموعة العمل المعنية.

وبهذا، ستعقد قمة مجموعة العشرين، السبت المقبل، لكن من دون الثقل الكامل للحضور الصيني بسبب غياب رئيسها، ما يجعل المراقبين ينتظرون القرارت الناتجة عن هذه القمة والتي من المحتمل أن تعمل على تشكيل السياسات العالمية والإستراتيجيات الاقتصادية في المستقبل.

واختارت الهند شعار هذا العام مرتكزاً على زهرة اللوتس، التي "تعبر عن فكر وإيمان وتراث الهند القديم"، وفقما قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عند الكشف عن الشعار وعن عنوان القمة التي سوف تكون "أرض واحدة -عائلة واحدة- مستقبل واحد".

وترى الهند أن الشعار والموضوع ينقلان رسالة قوية إلى المجموعة، وهي "السعي لتحقيق نمو عادل ومنصف للجميع في العالم".

وتتكون مجموعة العشرين من 19 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتشكل نحو 85% من إجمالي الناتج المحلي العالمي وثلاثة أرباع التجارة العاملية، وتضم ثلثي سكان العالم، وبين أعضائها دولة إفريقية واحدة هي جنوب إفريقيا.

وتضم المجموعة 19 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وهذه الدول هي: الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، والمكسيك، وتركيا، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، والمملكة العربية السعودية.

ومن المرتقب أن تسلم الهند البرازيل رئاسة مجموعة العشرين لعام 2024، تليها جنوب إفريقيا في عام 2025.