(أرشيف)
(أرشيف)
الخميس 26 أكتوبر 2023 / 09:38

قمة الخليج وآسيان.. آفاق واعدة

د. أمل عبدالله الهدابي - البيان

شكلت قمة الرياض بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول رابطة الآسيان، التي عقدت الأسبوع الماضي، مؤشراً جديداً إلى سياسة "التوجه شرقاً" التي تتبناها دول الخليج العربية ضمن إطار إستراتيجيتها الرامية إلى تنويع الشركاء الدوليين، والانفتاح على مختلف القوى الإقليمية والعالمية الفاعلة.

رابطة دول الآسيان تمثل إحدى هذه القوى الصاعدة في خريطة النظام العالمي الجديد

لا سيما أن رابطة "دول الآسيان" تمثل إحدى هذه القوى الصاعدة في خريطة النظام العالمي الجديد، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا التكتل الذي يضم عشر دول تقع في جنوب شرقي آسيا، (إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلند وبروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا)، نحو 3 تريليونات دولار في سنة 2020، ما يجعلها ثالث أكبر اقتصاد في آسيا وخامس أكبر اقتصاد في العالم.

ويبلغ عدد سكان هذا التكتل نحو 700 مليون نسمة، أي ما يعادل 8.8% من سكان العالم. ولا تقل دول مجلس التعاون الخليجي أهمية عن هذا التكتل، إذ تمثل هذه الدول اللاعب الأبرز في أسواق الطاقة العالمية، كما أنها تتمتع بناتج محلي إجمالي تجاوز تريليوني دولار في سنة 2022، وفقاً لتقديرات البنك الدولي الذي توقع أن يصل هذا الناتج إلى 6 تريليونات دولار بحلول سنة 2050، ويعني هذا أن تعزيز التعاون بين هذين التكتلين سيصب حتماً في خدمة مصالح الطرفين وتعزيز قوتيهما الاقتصاديتين في الساحة الدولية.

ومن شأن مخرجات هذه القمة أن تدفع بمسيرة التعاون المشترك بين دول الخليج ورابطة دول الآسيان خطوات أبعد إلى الأمام مقارنة بمستوى التعاون الحالي، إذ بلغ حجم التجارة بين دول الخليج وآسيان 8% من مجمل تجارة دول مجلس التعاون عالمياً، بقيمة وصلت إلى 137 مليار دولار، بحسب ما جاء في كلمة ولي العهد السعودي في ترؤسه القمة.

والذي أوضح أيضاً أن صادرات دول مجلس التعاون إلى دول آسيان تشكل 9% من مجمل الصادرات، وأن حجم الواردات من دول آسيان يبلغ ما نسبته 6% من مجمل واردات دول مجلس التعاون، وأن مجمل استثمارات دول مجلس التعاون وصل في العشرين عاماً الماضية إلى 75 مليار دولار، وعلى الرغم من أهمية هذه الأرقام، فإنها تظل أقل مما هو مأمول في ضوء الإمكانات الكبيرة للطرفين.

ومن هنا جاء تأكيد البيان الصادر عن قمة الرياض تعزيز تدفقات التجارة والاستثمار بين الطرفين، واستكشاف سبل التعاون بينهما فيما يتعلق بأولويات الشراكة الاقتصادية الرئيسة، مع التركيز على القطاعات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وشبكات المدن الذكية ونقل التقنية والابتكار ومصادر الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة وغيرها من المجالات التي تفتح الآفاق لمستقبل تعاوني واعد بين الجانبين.

ولم يقتصر الأمر على الجوانب الاقتصادية، بل أبرز البيان الختامي للقمة توافقاً ملحوظاً بين الجانبين تجاه القضايا الإقليمية والعالمية المختلفة، ولا سيما الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، والفعاليات الكبرى التي ستشهدها المنطقة الخليجية، وفي مقدمتها مؤتمر الأطراف "كوب 28" الذي سيعقد في دبي أواخر الشهر المقبل، فجاء تأكيد البيان الختامي واضحاً في الدعوة إلى المشاركة الفعالة في المؤتمر ودعم دولة الإمارات في مساعيها للخروج بنتائج طموحة تسهم في حماية الكوكب من التغير المناخي.

إن انعقاد المؤتمر بين هذين التكتلين المهمين إقليمياً وعالمياً والنتائج التي أفرزها يجسدان بوضوح الحرص الخليجي على مواصلة سياسة الانفتاح وبناء العلاقات المتوازنة مع مختلف التكتلات الدولية بما يخدم في النهاية مصالح دول الخليج وطموحاتها التنموية الكبيرة لمستقبل شعوبها.